يوم البيئة الوطني في الإمارات.. جهود رائدة ومبادرات ملهمة

تحتفي الامارات، السبت، بيوم البيئة الوطني، فيما تتواصل جهودها الرائدة للحفاظ على البيئة، التي تعد نموذجا ملهما لمختلف دول العالم.
وتمّ اعتماد الرابع من فبراير/شباط يوما للبيئة الوطني يتم الاحتفاء به في كل عام بهدف نشر التوعية البيئية بين أفراد المجتمع وإشراكهم في إيجاد الحلول المُناسبة للمشاكل البيئية، إضافة إلى العمل على حماية وصون الموارد الطبيعية بما يحفظ لبيئة الإمارات الطبيعية توازنها ويضمن حقوق أجيال المستقبل.
أهمية خاصة
ويحمل احتفاء الإمارات بتلك المناسبة أهمية خاصة، كونه يتزامن مع استضافة دولة الإمارات نهاية العام الجاري مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28، الذي يستهدف مواجهة التحدي الأكثر تهديداً لمستقبل كوكب الأرض، وهو تغير المناخ.
كما يحل الاحتفال في عام الاستدامة، بعد أن أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات 2023 "عام الاستدامة" في دولة الإمارات العربية المتحدة، في مبادرة ملهمة تستهدف نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية.
تلك الأهمية الخاصة لتلك المناسبة، أبرزها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تغريدة بتلك المناسبة، قال فيها: "تزامناً مع (عام الاستدامة) واستعدادنا لاستضافة مؤتمر الأطراف حول المناخ (COP28)، نحتفي اليوم بيوم البيئة الوطني.. التزام دولة الإمارات بحماية البيئة ودعم العمل الدولي لتحقيق الاستدامة.. راسخ ومستمر وفاعل لمصلحة شعبها وخدمة البشرية".
تصريحات تجسد دعم القيادة الإماراتية الواضح واهتمامها البارز بجهود الحفاظ على البيئة على الصعيدين المحلي والدولي عبر جهود رائدة ومبادرات ملهمة تأتي ضمن منظومة متكاملة من الاستراتيجيات، والتشريعات، والبرامج والمشاريع لحماية البيئة على الصعيدين المحلي والدولي، وتعزيز العمل المناخي وتحفيز وقيادة عمل جماعي شامل وفعال من أجل المناخ عالميا.
وترسم تلك الجهود وأهدافها وخططها استراتيجية إماراتية شاملة للحفاظ على البيئة ومكافحة التغير المناخي، تستند إلى محاور اقتصادية وبيئية وعلمية وسياسية، تتكامل جميعها لتشكل نموذجا ملهما لمختلف دول العالم.
COP28
وتعززت تلك الجهود دوليا باختيار العالم دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" الذي تستضيفه في مدينة إكسبو دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني حتى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم، في خطوة جديدة تؤكد ريادة دولة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
واستعدادا لانطلاق مؤتمر "COP28"، اتخذت دولة الإمارات خطوات مهمة وأطلقت مبادرات ملهمة بهدف أن يكون المؤتمر هو أنجح مؤتمر بيئي عالمي، عبر تحقيق أهدافه ورسم خارطة طريق للعالم لمواجهة التحدي الأكثر تهديداً لمستقبل كوكب الأرض، وهو تغير المناخ.
في 12 يناير/كانون الثاني الماضي، تم الإعلان عن تعيين فريق قيادي لمؤتمر "COP28"، حيث تم تكليف الدكتور سلطان بن أحمد الجابر المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي رئيساً معيَّناً لمؤتمر "COP28".
كما جرى تكليف كل من شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون الشباب بصفتها "رائدة المناخ للشباب في المؤتمر"، ورزان المبارك رئيسة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة بصفتها رائدة المناخ في المؤتمر.
وبصفته الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، سيقوم الدكتور سلطان بن أحمد الجابر بدور مهم في قيادة العملية الحكومية الدولية لتقريب وجهات النظر وتوفيق الآراء للوصول إلى إجماع عالمي لرفع سقف الطموح المناخي، وذلك بالتعاون مع مجموعة واسعة ومتنوعة من الشركاء وأصحاب المصلحة بما في ذلك قطاع الأعمال والمجتمع المدني.
ومواكبة لاستضافتها مؤتمر المناخ، أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في 20 يناير/كانون الثاني الماضي عن مبادرة ملهمة تتوج جهود بلاده الرائدة لتعزيز الاستدامة محليا ودوليا وترسم عبرها خارطة طريق لمستقبل أفضل للعالم.
المبادرة كشف عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بإعلانه 2023 "عام الاستدامة" في دولة الإمارات تحت شعار "اليوم للغد".
ويحمل مؤتمر الأطراف COP28 أهمية خاصة كونه سيشهد أول تقييم للحصيلة العالمية للتقدم في تحقيق أهداف اتفاق باريس، مما يتيح محطة مهمة وحاسمة لتوحيد الآراء السياسية والاستجابة للتقارير العلمية التي تشير إلى ضرورة خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 للتقدم في تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض فوق عتبة الـ1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050.
وتعد الإمارات سباقة في تبني كل ما من شأنه حماية كوكب الأرض من تداعيات تغير المناخ، فهي الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تدعم وتوقع طواعية على اتفاق باريس للمناخ عام 2015.
مبادرات ملهمة
استضافة الإمارات لهذا المؤتمر الدولي المهم، استبقته بإطلاق مبادرات واستراتيجيات رائدة للحفاظ على البيئة على الصعيدين المحلي والدولي.
وفي هذا المجال تبرز مجموعة من الاستراتيجيات والمبادرات التي اتخذتها الإمارات مثل "مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050"، والخطة الوطنية للتغير المناخي 2017-2050، واعتماد سياسة الاقتصاد الدائري 2021 – 2031 وتشكيل مجلس الإمارات للاقتصاد الدائري، فضلا عن المؤشرات التي اعتمدتها الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 بهدف ضمان التنمية المستدامة للبيئة وزيادة كفاءة الموارد دون التأثير على البيئة سلبياً.
وتعد دولة الإمارات أول دولة في المنطقة تعلن عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وكانت دولة الإمارات قد أطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2021 مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي تستهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 وتعزيز النمو الاقتصادي الفعال إلى جانب التأثير الإيجابي على البيئة.
أيضا جاء اهتمام دولة الإمارات بالاقتصاد الأخضر، انطلاقا من إدراكها لأهمية التنمية المستدامة، التي تركز على البيئة والمناخ وتحفظ الموارد وتحسّن حياة الإنسان، لذلك أصبح العمل من أجل المناخ واستراتيجيات تقليل الانبعاثات الكربونية جزءاً لا يتجزأ من نموذج التنمية الإماراتي.
الطاقة النظيفة
وضمن جهودها للحفاظ على البيئة، بدأت الإمارات بالتوجه نحو قطاع الطاقة النظيفة قبل أكثر من 15 عاماً، وحققت إنجازات بارزة في هذا الصدد من أبرزها:
- تحتضن حالياً ثلاثاً من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم وأقلها تكلفة.
- تعد الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط تشغل محطة طاقة نووية عديمة الانبعاثات الكربونية، وأول دولة في المنطقة تقوم ببناء منشأة صناعية لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.
- تعمل الإمارات على تعزيز الاستثمارات في مصادر الطاقة المبتكرة مثل الهيدروجين النظيف، حيث أطلقت الإمارات أول مشروع صناعي للهيدروجين الأخضر في المنطقة مايو / أيار 2021، كما عملت على زيادة إنتاج الهيدروجين الأزرق بهدف تنويع مزيج الطاقة.
- أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة خارطة الطريق للمشروع الوطني لعزل الكربون، والذي يهدف إلى زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول 2030، على مستوى الدولة، وذلك ضمن جهودها لتنفيذ مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
مبادرات دولية
وعلى المستوى الدولي أطلقت الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 مبادرة "الابتكار الزراعي للمناخ"، وهي مبادرة عالمية كبرى تقودها الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة أكثر من 35 دولة.
وتهدف المبادرة التي تصل قيمة التزاماتها الأولية إلى 4 مليارات دولار، إلى تسريع العمل على تطوير أنظمة غذائية وزراعية ذكية مناخياً على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، وقد تعهدت دولة الإمارات باستثمار إضافي قيمته مليار دولار كجزء من هذه المبادرة.
أيضا أطلقت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مبادرة شاملة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية للاستثمار في الطاقة النظيفة وتعزيز الأهداف المناخية المشتركة وأمن الطاقة العالمي، سيتم بموجبها استثمار 100 مليار دولار لتوليد 100 غيغاواط إضافية من الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاقتصادات الناشئة حول العالم بحلول سنة 2035.
على صعيد جهودها الدولية أيضا لمواجهة تغير المناخ، استثمرت دولة الإمارات ما يزيد على 50 مليار دولار في مشروعات للطاقة النظيفة في 70 دولة، كما تقوم دولة الإمارات بجهد بارز في حشد الجهود العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال استضافتها لكبرى الفعاليات والأحداث التي شكلت منصة جامعة لكبار المسؤولين وصناع القرار والخبراء من حول العالم ومن أبرزها "أسبوع أبوظبي للاستدامة".
تشريعات وقوانين
على صعيد التشريعات الوطنية، أحاطت دولة الإمارات قضايا البيئة بسياج قانوني محكم في محاولة لتقليل مخالفات الأفراد والشركات عبر مجموعة من القوانين والقرارات على المستويين الاتحادي والمحلي، إضافة إلى الحملات التوعوية والبرامج البيئية التي تهدف إلى تعميق وعي الأفراد بمسؤولياتهم البيئية.
ويعد القرار الوزاري رقم 380 لسنة 2022 بشأن تنظيم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد في أسواق الإمارات أحدث تلك الإجراءات الرامية لحماية البيئة من التلوث الناتج عن استهلاك مثل تلك المنتجات.
ويحد القرار من استهلاك الأكياس البلاستيكية وينظم إنتاج وتداول واستخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد ويحظر استيراد أو إنتاج أو تداول أكياس التسوق البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد اعتبارا من 1 يناير/ كانون الثاني 2024.
وعلى المستوى المحلي دشن عدد من الحكومات المحلية عملية تقنين وحظر استخدام الأكياس البلاستيكية.
كما تقنن الإمارات عمليات الصيد بهدف الحد من التصرفات العشوائية لهواة الصيد، فيما تحظر صيد أو قتل أو إمساك قائمة محددة من الحيوانات البرية والبحرية حفاظا على التنوع البيولوجي والطيور المهاجرة بصفة خاصة حيث يبلغ عدد أنواع الطيور المهاجرة في الإمارات ما يقارب الـ500 نوع من الطيور، وتشمل عمليات التقنين الصيد في المحميات الطبيعية البرية والبحرية.
وعلى مستوى حماية التنوع البيولوجي في المناطق البحرية تواجه الجهات المعنية في الدولة المخالفات المرتبطة بالصيد الجائر التي تتضمن عمليات اصطياد الأسماك الصغيرة وأمهات الأسماك واستخدام معدات صيد غير مسموح بها أو الصيد في مواسم الإخصاب والتكاثر.
وفي السياق ذاته تجرم الجهات المعنية في الدولة عمليات تلويث البيئة البحرية بمختلف أنواعها وتفرض عقوبات صارمة على المخالفين، فيما تعمل على توسيع قاعدة المحميات الطبيعية إضافة إلى المبادرات المتعددة في إطار تعزيز استدامة البيئة البحرية في الدولة.
مسيرة رائدة
تمتلك دولة الإمارات مسيرة حافلة في العمل من أجل البيئة والمناخ منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قبل 50 عاما.
وتتواصل تلك الجهود الرائدة في ظل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وانطلقت تلك الجهود بعد 6 أشهر فقط من تأسيس دولة الإمارات عام 1971 من خلال مشاركة وفد رفيع المستوى في المؤتمر الأول للأمم المتحدة المعني بحماية البيئة والعمل من أجل استدامة الموارد الطبيعية، ثم صدور أول قانون وطني في المنطقة يستهدف حماية البيئة في العام 1975.
على الصعيد المؤسسي شهدت مسيرة العمل البيئي تطورات متلاحقة، بدءاً من اللجنة العليا للبيئة في عام 1975، مروراً بالهيئة الاتحادية للبيئة في عام 1993 ثم بوزارة البيئة والمياه عام 2006.
ووقعت دولة الإمارات بروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المسببة لتآكل طبقة الأوزون في عام 1989.
وفي مطلع تسعينيات القرن العشرين تم الاتفاق بشكل دولي على إطلاق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ، لتمثل أول تحرك عالمي لمواجهة هذا التحدي المهم، وفي 1995 انضمت دولة الإمارات للاتفاقية للمشاركة في الحراك الدولي للعمل المناخي.
وبعد إطلاق واعتماد بروتوكول كيوتو الملزم للدول المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات صدقت دولة الإمارات في العام 2005 على البروتوكول كأول دولة من الدول الرئيسية عالمياً لإنتاج النفط.
ويمثل عام 2006 نقطة فارقة في مسيرة عمل دولة الإمارات من أجل البيئة والمناخ والذي شهد إطلاق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" كنموذج إماراتي عالمي لقطاع الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة والتطوير العمراني المستدام.
كما تم إطلاق مشروع "براكة" للطاقة النووية عام 2012 والذي من المتوقع مع دخول كامل المحطات الخدمة أن يوفر ما يصل إلى 25% من الاحتياجات المحلية من الطاقة الكهربائية.
ونظراً لأهمية موضوع التغير المناخي محلياً وعالمياً، أدرجت دولة الإمارات التصدي لهذه الظاهرة كأحد أهدافها الرئيسية، لتحقيق التنمية المستدامة.
واعتمدت دولة الإمارات باقة واسعة من التشريعات والاستراتيجيات الداعمة للعمل من أجل البيئة والمناخ، ومنها التحول نحو منظومة الاقتصاد الأخضر.
وفي عام 2016، قامت دولة الإمارات بتوسيع دور وزارة البيئة والمياه لتدير جميع الجوانب المتعلقة بشؤون التغير المناخي الدولية والمحلية، وأعادت تسمية الوزارة لتصبح وزارة التغير المناخي والبيئة، وتعمل هذه الوزارة على قدم وساق لتعزيز جهود دولة الإمارات في معالجة مشكلة التغير المناخي، وحماية النظم البيئية الفريدة.