سفير أممي سابق: نموذج العمل المناخي الوطني الحل الأمثل (مقابلة)
قال الدكتور حسين أباظة، رئيس برنامج الأمم المتحدة للاقتصاد والتجارة الدولية سابقاً، إن العالم يشهد نماذج جيدة في العمل المناخي لم تنتظر أن يمد العالم يدها إليها.
وأشار السفير أباظة، كبير الخبراء والاستشاريين في وزارتي التخطيط والبيئة بمصر في مقابلة مع "العين الإخبارية"، إلى تحركات الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا، على سبيل المثال، كنماذج ناجحة بدأت العمل واعتمدت على قدراتها وإمكانياتها ووضعت استراتيجيات محلية تعتمد على التمويل الداخلي حتى لا تكون تحت رحمة الجهات الخارجية.
وأكد أن كل الدول التي اعتمدت على التمويل الداخلي ورفضت الاقتراض من صندوق الدولي ورفضت الاشتراطات التي طلبتها الجهات المانحة ورفضت الدعم، حققت إنجازات كبيرة.
ويرى أباظة أن التمويل لم يعد المشكلة حالياً، ولكن كيفية الحصول عليه ونوعية المشروعات أو البرامج التي تحقق الهدف النهائي من التمويل في خفض الانبعاثات وتحقيق التنمية.
- بمنتدى أممي.. الإمارات تعرض نموذجها الرائد على مسار التنمية المستدامة
- منسقة الأمم المتحدة بمصر: COP28 الأكثر شمولاً في تاريخ مؤتمرات المناخ
وعن معالجة إشكالية تمويل العمل المناخي عالمياً يعتبر الخبير الأممي السابق أن وضع الدول برامج وطنية للتنمية المستدامة بتوفير كل الأرقام والإحصائيات والدراسات عن قضية أو قطاع بعينه، يجب أن يكون ذلك مقدمة للحصول على تمويلات المناخ.
ويؤكد أباظة -الذي عمل لأكثر من 22 عاماً في البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة- أنه لا يمكن الحديث عن التمويل منفصلاً عن جهات معنية مثل البرنامج الإنمائي، والفاو والمنظمات الخاصة بالصحة والغذاء، ولا بد أن تتوافق توجهات التمويل مع توجهات هذه المنظمات، ولا بد أن تتحرر هذه الهيئات من توجهاتها السياسية، وأن تركز على المصلحة العالمية.
ولفت إلى أن المنظمات الأممية بما فيها جهات التمويل أو الإقراض تسير وفق إجراءات، وأي منظمة لدى قيادتها حسابات، خاصة تدخلات القطاع الخاص وقيادات الدول، فالمنظمات تحصل على تمويلها من مساهمات الدول، وهذا ينعكس على اتخاذ القرار والمفاوضات.
لكن الخبير الأممي السابق عاد ليؤكد أن كل دولة لها القدرة على حل مشكلتها بذاتها أولا، ثم البحث عن دعم الخارج، ولكن لكي تحصل على أي مساندة أو دعم خارجي لا بد أن تعمل ما عليها من جهد أولاً، وذلك يتمثل في توفير هيكل داخلي قوي، يضع برنامجا متكاملا على أساس علمي بالأرقام لكل القطاعات في الدولة.
ولتوضيح كيف يعمل النموذج المناخي والتنموي الوطني دون انتظار الجهات الخارجية، يقول الدكتور حسين أباظة: كمثال في برنامج خاص بتخضير قطاع الزراعة في أي دولة يجب ضم معلومات حجم الإنتاج والاستهلاك والمخلفات والانبعاثات والتشغيل وتوفير الطاقة، وتقليل المخصبات الكيميائية، وفرص العمل وكيف يقلل استخدامات الطاقة والمياه، وتحسين الصحة وتوفير العلاج والأدوية، وكم يدعم التحول في المشروعات الناتج المحلي.
واستدرك: كل هذا يحتاج إلى تكنولوجيا وعمالة مدربة وبنية تحتية، ويحب حساب تكلفتها التقديرية على المستوى المحلي، وهذا يفترض أنه لدى أي دولة مثل هذه المعلومات والفوائد والمخرجات التي تفيد الدول والعالم، والجدوى الاقتصادية وكل خطوة بالأرقام، وهذا يتم تقديمه للجهات المانحة للحصول على الدعم والتمويل، فلا بد أن يكون هناك مشروع متكامل في قطاع شامل.
وشدد أباظة على أنه إذا ما تم هذا على المستوى الوطني يمكن تطبيقه على المستوى العالمي، بأن تعمل المنظمات المعنية بالبيئة والمعنية بالناحية التجارية والاقتصادية، وعلى منظمة الأمم المتحدة أن تضع منظومة واحدة لتحقيق التنمية المستدامة ومكافحة آثار تغير المناخ، ويكون الأساس والهدف النهائي دعم جميع السياسات التنمية المستدامة ومكافحة تغير المناخ وتغيير اللغة.
وأكد ضرورة أن يكون دعم الاستدامة والاقتصاد في المقام الأول، وتكون جهات التمويل الدولية لديها رؤية أن البيئة والمناخ أساسا الأجندة، وعلى مستوى جميع الجهات، ويجب أن تكون الإصلاحات الهيكلية داعمة للتنمية المستدامة ولا تكون الحسابات النهائية عن مكسب فقط دون تحقيق معايير التنمية المستدامة أو تحقيق الأهداف العالمية.
وختم الخبير الأممي السابق بالتأكيد على أن مؤتمر الأطراف COP28 الذي تستضيفه دبي ومن خلال بيانات رئاسة المؤتمر وتصريحات فريق العمل سيبذل جهوداً للبحث عن مخرج لأزمة التمويل بموافقة الدول النامية والدول المتقدمة معاً، ولا يكون كمن يعزف لنفسه أو يتحدث منفرداً.
ونبه إلى أنه يجب أن نتذكر أن هذا المؤتمر رقم 28 للأطراف الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ولا تزال كل المعلومات تؤكد أن العالم سيتجاوز هدف الاحترار العالمي 1.5 درجة مئوية، لذا يجب على الدول النامية ومنها الدول العربية والأفريقية أن تستعد جيداً بملفات وطنية تقدمها للجهات المسؤولة والمنظمات، وأن تتسلح بكل المعلومات في هذه المفاوضات الدولية.