الناتو يدير ظهره لأردوغان بسبب مقصلة المعارضة وقاعدة أنجرليك
تزيد تصريحات أردوغان الأخيرة من تفاقم الأزمة التي اندلعت مؤخرًا بين أنقرة وحلف الناتو.
" إذا قررت ألمانيا سحب قواتها من قاعدة إنجيرليك الجوية، سنقول لها مع السلامة" هكذا صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أن يتوجه من أنقرة إلى بروكسل لحضور قمة لزعماء حلف شمال الأطلسي، بالإضافة لاجتماع مع قادة الاتحاد الأوروبي، لتزيد هذه التصريحات من تفاقم الأزمة التي اندلعت مؤخرًا بين تركيا والناتو.
وقال أردوغان في تصريحات سبقت اجتماع حلف الناتو الذي يعقد بالعاصمة البلجيكية، الخميس، أن طبيعة القرار التي تريد ألمانيا اتخاذه بشأن القوات المتواجدة بقاعدة انجيرليك الجوية، أمر يعود لها، وإذا ارادت تنفيذ القرار، فبلاده ستقول لها مع السلامة.
بداية الأزمة
ويعد تصريح الرئيس التركي الأخير استمرار لإشعال الأزمة بينه وبين ألمانيا خاصة ودول حلف الناتو بشكل عام، خاصة وأن المشكلة بدأت في شهر أبريل/ نيسان الماضي، حينما رفضت أنقرة استقبال وفد من لجنة الدفاع بالبرلمان الألماني في زيارة لجنود الجيش الألماني المتمركزين بالقاعدة الجوية إنجيرليك الموجودة بتركيا، مبررًا أردوغان هذا الرفض غير المقبول من قبل حلف الناتو، بأنه رد فعل على ممارسات الحلف الذي تخلي عن مهامه الرئيسية ومنح حق اللجوء لمجموعة من الجنود الأتراك السابقين في بعض دول التحالف، بحسب تعبير الرئيس التركي.
ولم يمر هذا التصرف من قبل السلطات التركية مرور الكرام على الإدارة الألمانية ودول الحلف، لتعلن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شيفر في منتصف شهر أبريل/ نيسان الماضي، عن موقف ألمانيا الرسمي الرافض لقرار أنقرة، قائلة " الحكومة الألمانية لن تقبل مطلقًا بعدم تمكن وفد نواب البرلمان الأوروبي من زيارة قوات الجيش الألماني" مؤكدة أن القرار سيتطلب تفكير لاتخاذ قرار يضمن تسيير الأمور لصالح الحلف.
ولكن حالة الهدوء في حديث المتحدثة باسم الخارجية الألمانية لم تستمر طويلًا، لتتصاعد حدة التصريحات من جانب المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، حينما أعلنت أنه غير مستبعد أن يتم نقل جميع القوات التابعة لحلف الناتو إلى قاعدة الأردن، مستنكرة رفض أردوغان لزيارة الوفد، والتعامل مع وفد البرلمان الأوروبي بهذه الحدة، التي تعد مهمته الأساسية الموافقة على جميع المهام الخارجية المسلحة التي يقوم بها الجيش الألماني بتكليف مباشر من الحكومة، ما أدي لتمسكها بحقها وحق البرلمان في إتمام الزيارة للقاعدة الجوية.
وتمثل قاعدة إنجيرليك الجوية التركية، جزء من المهمة الدولية لقوات الحلف وألمانيا في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي بسوريا والعراق، لتزويد طائرات التحالف بالوقود من قبل القاعدة، حيث تضم القاعدة نحو 260 جنديًا ألمانيًا.
وبعد تصريحات ألمانيا المهددة بسحب القوات من القاعدة التركية، أشار أردوغان إلى أنه لا يملك معلومات حول نية ألمانيا لتنفيذ القرار ونقل الجنود المشاركين في مهمة حلف الناتو من قاعدة إنجيرليك إلى قاعدة بالأردن.
ولم يكن موقف أردوغان الأخير هو الموقف الأول الذي يرفض فيه زيارة البرلمان الأوروبي للقاعدة التركية، ولكن في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وعقب تصويت البرلمان الألماني بوصف الجرائم التي ارتكبت بحق الأرمن أثناء حكم الدولة العثمانية، بأنها إبادة جماعية.
أردوغان يضعف الناتو
وتعقيبًا على هذه الأزمة بين أنقرة وحلف الناتو، أشارت عدة صحف أجنبية إلى أن وجود أردوغان ضمن حلف الناتو، وسلطته المطلقة في تركيا لم تلقي بظلالها على الداخل التركي فقط، بل امتد إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، بالمساهمة في إضعاف الحلف وموقفه من مكافحة التنظيمات الإرهابية.
وأكدت صحيفة التايمز البريطانية في تقرير صادر عنها الشهر الماضي، على أن الإجراءات الصارمة التي اتخذتها تركيا نحو المعارضة، والفصل التعسفي لمئات الموظفين من المؤسسات التركية خلال الفترة الماضية، يشير بشكل كبير إلى ضرورة حسم موقف الناتو بشأن أردوغان وعضوية تركيا في الحلف، خاصة وأن الوضع المتوتر داخل تركيا يضعف من دور تركيا داخل الحلف، ويزيد مخاوف الدول الأعضاء من تأدية القاعدة دورها المنوط به في الحرب الدولية ضد تنظيم داعش بمنطقة الشرق الأوسط.
كما تشير تصريحات أردوغان في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حول مهمة الناتو إلى بداية الأزمة وعمق المشكلة بين الناتو وإردوغان، حيث قال الرئيس التركي " حلف الناتو ليس مجرد منظمة دفاعية لمواجهة التهديدات المشتركة وإنما هو منتدى أمني يجمع الدول التي تحترم القيم، وإن ما تنتظره تركيا من التحالف مكافحة كافة أشكال الإرهاب" ملمحًا أن الموافقة على منح حق اللجوء إلى الجنود السابقين بالجيش التركي، أمر يتعارض مع مهمة الحلف
وتحدث بلهجة شديدة الحدة إلى أن موافقة حلف الأطلسي على طلب الضباط الأتراك العاملين في الحلف حق اللجوء في دول خدمتهم، أمر غير مقبول، خاصة وأنهم متهمون في تركيا بتنفيذ عملية الانقلاب الفاشل في يوليو/ تموز الماضي، بحسب تعبيره.
كما أضاف في تصريحاته " كيف يمكن لجندي إرهابي شارك في إعداد الانقلاب، أن يوظف لدي الحلف الأطلسي، محذرًا الناتو من تنفيذ طلبات هؤلاء الضباط.
واليوم يلتقي قادة الناتو في اجتماع بمدينة بروكسل، لمناقشة تحديات الوضع وخطر التنظيمات الإرهابية على العالم، والخطوات المتوقعة من قبل الحلف لدعم الحرب ضد داعش بسوريا والعراق، ولكن يظل السؤال قائمًا كيف يتعامل أعضاء الحلف مع أردوغان في الاجتماع الأول الذي يجمعهم بعد أزمة زيارة القاعدة التركية الجوية إنجيرليك؟
aXA6IDMuMTMzLjEzOC4xMjkg
جزيرة ام اند امز