نُذر «حرب مفتوحة».. الناتو يدرس السماح بإسقاط الطائرات الروسية

تسود أروقة حلف شمال الأطلسي (الناتو) حالة من الجدل المتصاعد، بعد الكشف عن مناقشات داخل الحلف تتعلق بتخفيف قواعد الاشتباك.
وذكرت "فاينانشال تايمز" أن الناتو يدرس رفع القيود المفروضة على الطيارين للسماح لهم بإطلاق النار على الطائرات الروسية.
وتأتي هذه التطورات وسط تصاعد التوتر مع موسكو، عقب سلسلة من الانتهاكات المزعومة للمجال الجوي الأوروبي، وهجمات الطائرات المسيّرة، وعمليات تخريب غامضة في عدد من دول القارة.
ووفقًا للتقرير، الذي استند إلى مقابلات مع أربعة مسؤولين في الناتو لم يُكشف عن أسمائهم، يدرس الحلفاء خيارات القيام برد أكثر حزمًا على الاستفزازات الروسية المتزايدة، بما في ذلك تخفيف قواعد الاشتباك الجوية، والسماح للطيارين بفتح النار على الطائرات الروسية في حال اختراقها لأجواء دول الحلف.
كما يجري النقاش حول نشر طائرات مسيّرة مسلّحة على طول الحدود الشرقية لأوروبا، في خطوة تهدف إلى تعزيز الردع وتقليل الكلفة التشغيلية لاعتراض الطائرات المسيّرة الروسية التي باتت تُشكّل تحديًا ماليًا وعسكريًا مستمرًا.
ووفق الصحيفة، فقد جاءت المبادرة بالأساس من دول الناتو المتاخمة لروسيا، ومدعومة من فرنسا وبريطانيا، قبل أن تتوسع دائرة النقاش لتشمل غالبية الدول الأعضاء في الحلف وعددها 32 دولة.
التصعيد الأخير يأتي بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي، دعا فيها إلى فتح قوات الناتو النار على أي طائرات روسية تنتهك أراضي الحلف، وهو ما اعتبره الكرملين خطابًا "استفزازيًا لا يؤدي إلا إلى زيادة التوتر".
وفي 10 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت بولندا أنها أسقطت طائرات روسية مسيّرة اخترقت مجالها الجوي أثناء شنّ موسكو هجمات على غرب أوكرانيا. ووصفت وارسو الحادثة بأنها "انتهاك غير مسبوق" لأجوائها، لتُسجل بذلك أول مواجهة مباشرة بين طائرات الناتو والطائرات الروسية المسيّرة.
لم يتوقف الأمر عند بولندا؛ إذ اخترقت طائرات روسية الأجواء الإستونية لاحقًا، في حين أُبلغ عن تحليقات لطائرات مسيّرة مجهولة المصدر فوق رومانيا والدنمارك وبلجيكا وألمانيا.
هذه الحوادث، وفق مراقبين في الحلف، فاقمت المخاوف ودعت إلى تسريع تطوير قدرات الكشف والتعقب والاعتراض لمواجهة الانتهاكات الجوية المتكررة.
من جهتها، سخرت موسكو من الاتهامات الغربية ونفتها، لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن أي محاولة لإسقاط طائرات روسية ستكون تصعيدًا خطيرًا قد يقود إلى حرب مفتوحة.
ورغم التحذيرات، يرى بعض المسؤولين داخل الناتو أن روسيا لا تفهم سوى لغة الردع الصارم، وأن الحزم في الرد هو السبيل الوحيد لوقف استفزازاتها.
وفي موازاة ذلك، تستعد المفوضية الأوروبية لاتخاذ إجراءات خاصة بها ردًا على ما وصفته بـ"الاستفزازات الروسية المتزايدة".
وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين أمام البرلمان الأوروبي إن ما يجري هو "حملة رمادية متعمدة وموجهة ضد أوروبا"، مشيرة إلى أن الحوادث الجوية الأخيرة ليست صدفة أو مضايقات عشوائية، بل جزء من حملة منظمة تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتقويض وحدة الاتحاد الأوروبي ودعمه لأوكرانيا.
وفي المقابل، سخر الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف من الاتهامات، وكتب على تطبيق "تليغرام": "المدن الأوروبية تعاني من وباء جديد من الطائرات المجهولة الهوية. فهي تظهر في كل مكان - قرب القواعد العسكرية، وفوق المطارات والمدن - ولا أحد يعرف لمن تنتمي".
وفي ختام تقريرها، أكدت فايننشال تايمز أن الناتو لم يتخذ بعد قرارًا نهائيًا بشأن تعديل قواعد الاشتباك، وأن المناقشات لا تزال في مراحلها الأولية دون جدول زمني محدد، مشيرة إلى أن أي تغيير محتمل في الموقف العسكري قد لا يُعلن رسميًا للرأي العام.