بنوك طبيعية للكربون.. حصيلة مغامرة مثيرة في المياه الضحلة
خاض فريق المستكشفين من جامعة فيرجينيا الأمريكية، في المياه الضحلة المالحة، لأكبر مرج أعشاب بحرية تم ترميمه في العالم، الذي يقع قبالة الشاطئ الشرقي لفيرجينيا، بالقرب من خليج تشيسابيك.
تعويضات الكربون.. بين مراجعة آليات التنفيذ والضرورة المناخية
وثبت العلماء حاملهم الثلاثي الطويل في مكانه بالقرب من شبه جزيرة ديلمارفا، وأدخلوا أسطوانات بطول 8 أقدام ووضعوا آلة صغيرة تهتز فوق منصة الحفر، ودفعت الآلة أسطوانات الألمنيوم إلى العمق، على نحو لا يختلف عن إدخال المصاصة في مخفوق الحليب السميك للغاية، بعد ذلك، قام الفريق البحثي بجمع المحتويات.
ويقول أستاذ الأبحاث بيتر بيرج، والخبير في كيفية عمل دورة الكربون في بيئات المحيطات في تقرير نشره الموقع الرسمي لجامعة فيرجينيا: "لقد تفاجأنا حقًا عندما رأينا ما يشبه أنسجة الأعشاب البحرية في الأسفل، وأعادتنا بعضها إلى حوالي عام 1000، وهو وقت قريب من الوقت الذي جاء فيه الفايكنج إلى قارة أمريكا الشمالية."
والآن، عادت العينات الأولى بعد اخالها للاختبارات المعملية ببعض الأخبار الجيدة جدا، حيث نجح بيرج وفريقه في قسم العلوم البيئية بجامعة فيرجينيا في حل لغز ما إذا كانت طبقات الأعشاب البحرية يمكنها احتجاز الكربون بشكل دائم، وأعلنوا يوم الجمعة أن هذه الطبقات يمكنها بالفعل التقاط الكربون والاحتفاظ به لعدة قرون، حتى في الحالات التي تموت فيها الأعشاب البحرية.
وتقدم النتائج تفاؤلا جديدا باستخدام الحلول القائمة على الطبيعة في مكافحة تغير المناخ.
سؤال حائر
وكان معروفًا بالفعل، أن عشب "الأنقليس" يحبس بشكل فعال ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد غازات الدفيئة التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
ويحدث التخزين الطبيعي من هذا النوع أيضا في مستنقعات المد والجزر وغابات المانغروف، فطالما أن النباتات تزدهر، فإنها سوف تسحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء.
وفي حين أنه من الصحيح أن البراعم الفردية للأعشاب البحرية تبقى على قيد الحياة لمدة عام أو عامين فقط، إلا أن انتشار عشبة الأنقليس يكون غزير الإنتاج، ويتكاثر النبات جنسياً عن طريق نثر البذور في التيارات، ولا جنسياً عن طريق سيقانها الجذرية الزاحفة، ويمكن أن تكون النتيجة مروجا بحرية تغطي العديد من الأميال المربعة وتستمر لعدة قرون، وهذا ما يجعل عشبة الأنقليس بمثابة معجزة في بحر بحالة تغير مستمر.
ومن خلال العيش بالقرب من الشواطئ، تتغذى النباتات على ضوء الشمس وتمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تكوين مواد نباتية جديدة، وبمرور الوقت، يتم دفن بعض هذه المواد النباتية في الرواسب، مما يحول قاع البحر إلى بنوك للكربون.
لكن السؤال المطروح كان: ماذا يحدث لكل هذا الكربون المخزن عندما تموت مروج الأعشاب البحرية، ولو بشكل مؤقت؟
ويقول بيرج إن هذا كان مصدر قلق حقيقي للمضي قدمًا في استخدام الكربون الأزرق، فعلى سبيل المثال، تسببت عاصفة فرجينيا الكبرى عام 1933 ومرض محيطي يسمى "العفن الوحل" في مقتل مروج الأعشاب البحرية في المناطق التي تم ترميمها الآن، والتي يدرسها باحثو جامعة فيرجينيا.
علاوة على ذلك، أصبحت موجات الحرارة البحرية شائعة بشكل متزايد بسبب ارتفاع درجة حرارة المناخ، ومنذ أوائل القرن العشرين، فُقد حوالي 20% من مروج الأعشاب البحرية في العالم.
فهل يظل الكربون محتجزًا في الرواسب التي تثبت الأعشاب البحرية في مكانها؟ أم أن بعض أو كل ثاني أكسيد الكربون المحتجز يعود إلى الغلاف الجوي، مما يتعارض مع الفوائد المناخية؟
وقال بيرج: "لقد نوقشت مسألة الدوام هذه كثيرًا، ولكن لم يكن هناك أي علم قوي وراء ذلك، حتى الآن".
نتائج مفاجئة
وأدرك الباحثون أنه تم التقاط فرصة نادرة للإجابة عن السؤال، من خلال فحص الرواسب التي تم جمعها، حيث سيكون بمقدورهم فحصها بنفس الطريقة التي قد تفحص بها حلقات شجرة مقطوعة، وبهذه الطريقة، تمكنوا من مقارنة الفترات الزمنية التي تمتد وتنتهي عقودا من فقدان المروج في أعقاب عاصفة عام 1933.
وكشف التحليل المختبري النهائي عن أن الكربون كان محصورا في الرواسب التي تم جمعها لفترة تم تقديرها بحوالي ألف عام، وخلصوا من ذلك إلى أن محاصرة الكربون الأزرق ليست فعالة فحسب، بل إنها قوية، حتى في مواجهة التغيرات التي تطرأ على البيئة الطبيعية، وقد يكون ذلك مهما في الوقت الذي يسعى فيه العالم إلى إيجاد حلول مرنة لمعضلة المناخ.
وتقول عالمة البيئة كارين ماكجلاثيري، الخبير في الأنظمة الساحلية الضحلة: " توفر مروج الأعشاب البحرية العديد من الفوائد التي تتجاوز الكربون الأزرق، مثل تعزيز مصايد الأسماك وتحسين نوعية المياه، فنحن نعمل الآن على تحديد قيمة سوقية لهذه الفوائد، وهذا سيعطينا الصورة الكاملة عن أهمية الحفاظ على الأعشاب البحرية واستعادتها".
aXA6IDMuMTM5LjIzNS4xNzcg جزيرة ام اند امز