العمود الفقري للحياة.. ما هي دورة الكربون وما أنواعها؟
الكربون هو العمود الفقري الكيميائي لجميع أشكال الحياة على الأرض، فهو رابع أكثر العناصر وفرة في الكون.
تُنظم مركبات الكربون درجة حرارة الأرض، وتٌشكل الغذاء الذي يدعمنا، وتٌوفر الطاقة التي تغذي اقتصادنا العالمي.
ما هي دورة الكربون؟
تصف دورة الكربون العملية التي تنتقل فيها ذرات الكربون باستمرار من الغلاف الجوي إلى الأرض ثم تعود إلى الغلاف الجوي. نظرًا لأن كوكبنا وغلافه الجوي يشكلان بيئة مغلقة، فإن كمية الكربون في هذا النظام لا تتغير. حيث يوجد الكربون -في الغلاف الجوي أو على الأرض- في حالة تغير مستمر.
تبدأ حركة الكربون من الغلاف الجوي إلى الغلاف الصخري (الصخور) بالمطر. يتحد كربون الغلاف الجوي مع الماء لتكوين حمض ضعيف - حمض الكربونيك - يسقط على السطح تحت المطر، ومن ثمَّ يذوب الحمض في الصخور ويطلق الكالسيوم أو المغنيسيوم أو البوتاسيوم أو أيونات الصوديوم. فالأنهار تحمل الأيونات إلى المحيط.
تخزين الكربون وتبادله
يتم تخزين معظم الكربون على الأرض - حوالي 65500 مليار طن متري - في الصخور والرواسب، بينما يتم تخزين الباقي في المحيط والجو والكائنات الحية، والتي تُعد بمثابة الخزانات أو الأحواض التي يتم من خلالها تدوير الكربون. وفي حالة المحيط، يلعب المحيط دورًا مهمًا في تخزين الكربون، لاحتوائه على كمية من الكربون تزيد بمقدار 50 مرة عن الغلاف الجوي. هذا، ويمكن أن يحدث تبادل الكربون ثنائي الاتجاه بسرعة بين المياه السطحية للمحيطات والغلاف الجوي، ولكن قد يتم تخزين الكربون لعدة قرون في أعماق المحيطات العميقة.
دورة الكربون على الأرض
يوجد الكربون في الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون، كما يدخل إلى الغلاف الجوي من خلال العمليات الطبيعية مثل التنفس والتطبيقات الصناعية مثل حرق الوقود الأحفوري. هذا، وتتضمن عملية التمثيل الضوئي امتصاص النباتات لثاني أكسيد الكربون لإنتاج الكربوهيدرات.
دورة الكربون المحيطية
هذه في الأساس دورة كربون ولكنها في البحر. من الناحية البيئية، تمتص المحيطات كمية من الكربون أكثر مما تنبعث منه. ومن ثمَّ يطلق عليه 'بالوعة الكربون'. تقوم الحيوانات البحرية بتحويل الكربون إلى كربونات الكالسيوم وهذا يشكل مواد البناء الخام اللازمة لصنع أصداف صلبة، مماثلة لتلك الموجودة في المحار.
عندما تموت الكائنات الحية التي تحتوي على كربونات الكالسيوم، فإن أجسامها تتحلل تاركة وراءها قذائفها الصلبة. تتراكم هذه في قاع البحر وتتكسر في النهاية بفعل الأمواج وضغطها تحت ضغط هائل، مكونة الحجر الجيري.
ومن ثمَّ، عندما تتعرض صخور الحجر الجيري للهواء، فإنها تتعرض للعوامل الجوية ويتم إطلاق الكربون مرة أخرى في الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون.
ما هي أنواع دورة الكربون؟
يمكن تصنيف دورة الكربون إلى نوعين بناءً على مدة العملية إلى نوعين:
أ- المدى القصير: يحدث هذا النوع خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا، ويتم تسميته على هذا النحو لأنه يستغرق أيامًا أو شهورًا أو سنوات حتى يتدفق الكربون عبر خزانات الكربون المختلفة. ففي المتوسط، يتحرك نحو1016 إلى 1017 جرامًا من الكربون سنويًا
ب- طويل المدى: يستغرق حدوث هذا النوع آلاف السنين. يتم تخزين الكربون الزائد من الدورة قصيرة المدى لفترة طويلة قبل إطلاقها؛ يستغرق الكربون ما بين 100-200 مليون سنة للتنقل بين الصخور والتربة والمحيطات والغلاف الجوي في دورة الكربون البطيئة من خلال سلسلة من التفاعلات الكيميائية والنشاط التكتوني. ففي المتوسط، يتحرك نحو 1013 إلى 1014 جرامًا (10-100 مليون طن متري) من الكربون خلال دورة الكربون البطيئة كل عام، وبالمقارنة، فإن انبعاثات الكربون البشرية في الغلاف الجوي هي في حدود 1051 جرامًا. هذا، وتُعيد الدورة البطيئة الكربون إلى الغلاف الجوي من خلال البراكين، التي تُطلق نحو 130 و380 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
خطوات دورة الكربون
فيما يلي الخطوات الرئيسة المتبعة في عملية دورة الكربون:
1- تمتص النباتات الكربون الموجود في الغلاف الجوي من أجل إتمام عملية التمثيل الضوئي.
2- تستهلك الحيوانات هذه النباتات ويتراكم الكربون بيولوجيًا في أجسامها.
3- تموت هذه الحيوانات والنباتات في النهاية، وعندما تتحلل، يتم إطلاق الكربون مرة أخرى في الغلاف الجوي.
4- بعض الكربون الذي لم يتم إطلاقه مرة أخرى في الغلاف الجوي يصبح وقودًا أحفوريًا في النهاية.
5- ثم تُستخدم هذه الأنواع من الوقود الأحفوري في أنشطة من صنع الإنسان، والتي تضخ المزيد من الكربون مرة أخرى في الغلاف الجوي.
أهمية دورة الكربون
تعد دورة الكربون جانبًا مهمًا من جوانب بقاء جميع أشكال الحياة على الأرض.
أ- من منظور بيئي، يوفر الكربون العزل عن طريق حبس (عزل) حرارة الشمس؛ فعلى الرغم من وجود ثاني أكسيد الكربون في آثار صغيرة في الغلاف الجوي، إلا أنه يلعب دورًا حيويًا في موازنة الطاقة ويحتجز إشعاعات الموجة الطويلة من الشمس. لذلك، فهو بمثابة غطاء فوق الكوكب. إذا تم اضطراب دورة الكربون فسوف يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة مثل التغيرات المناخية والاحتباس الحراري
ب- من منظور بيولوجي، يعتبر الكربون لبنة بناء الحياة ويشكل روابط مستقرة مع العناصر الأخرى الضرورية للحياة، فهو جزء لا يتجزأ من كل شكل من أشكال الحياة على الأرض، من البروتينات والدهون إلى حمضنا النووي. وبالتالي، تلعب دورة الكربون، جنبًا إلى جنب مع دورة النيتروجين ودورة الأكسجين، دورًا حيويًا في وجود الحياة على الأرض.
دور البشر في دورة الكربون
يلعب البشر دورًا رئيسًا في دورة الكربون؛ حيث يُصدر البشر حوالي 30 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا - أي 100-300 مرة أكثر من البراكين - من خلال أنشطة مثل حرق الوقود الأحفوري. ونتيجة لذلك، فإن كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي آخذة في الارتفاع بسرعة؛ مقارنة بما كان عليه منذ 3.6 مليون سنة.
تؤدي التغييرات التي تنشر غازات الكربون في الغلاف الجوي إلى ارتفاع درجات الحرارة على الأرض، ومن ثمَّ مزيد من الأمطار، مما يؤدي إلى إذابة المزيد من الصخور، وتكوين المزيد من الأيونات التي ستؤدي في النهاية إلى ترسيب المزيد من الكربون في قاع المحيط. يستغرق الأمر بضع مئات الآلاف من السنين لإعادة التوازن إلى دورة الكربون البطيئة.
بدون تدخل بشري، سيتسرب الكربون الموجود في الوقود الأحفوري ببطء إلى الغلاف الجوي من خلال النشاط البركاني على مدى ملايين السنين في دورة الكربون البطيئة. من خلال حرق الفحم والنفط والغاز الطبيعي، نقوم بتسريع العملية، وإطلاق كميات هائلة من الكربون (الكربون الذي استغرق ملايين السنين ليتراكم) في الغلاف الجوي كل عام. من خلال القيام بذلك، نقوم بنقل الكربون من الدورة البطيئة إلى الدورة السريعة. في عام 2009، أطلق البشر حوالي 8.4 مليار طن من الكربون في الغلاف الجوي عن طريق حرق الوقود الأحفوري.
aXA6IDE4LjIxNi4yNTAuMTQzIA== جزيرة ام اند امز