انتقادات لمشروع "سياحة طبيعية" بسنغافورة: يهدد البيئة والحيوانات
الانتقادات تعكس المخاوف التي يعيشها أبناء هذه الدولة بفعل التنمية الحضرية المتسارعة وفقدان آخر مواطن الحياة البرية.
باشرت سنغافورة إنشاء منطقة واسعة للسياحة البيئية بهدف استقطاب مزيد من الزوار، غير أن المشروع يواجه انتقادات بسبب أضراره الدائمة على الأنظمة البيئية والآثار السلبية الملموسة على الثروة الحيوانية.
وهذه الدولة الآسيوية الصغيرة ليست مجرد مركز مالي زاخر بناطحات السحاب، فمع مناخ مداري رطب، هناك جزء من أراضيها مغطى بغابة تزخر بثروة حيوانية كبيرة تشمل أنواعاً لافتة من القردة.
وفي إحدى أغنى المناطق بالمساحات الخضراء توجد حديقة سنغافورة للحيوانات، إضافة إلى مقصدين مهمين للقيام برحلات سفاري ليلية وأخرى في النهر، وتستقطب هذه المواقع والأنشطة أعداداً كبيرة من الزوار من داخل سنغافورة وخارجها.
غير أن الغابة القريبة تفرغ تدريجياً من غطائها النباتي، بسبب مشروع إقامة متنزه حيواني وآخر مخصص للغابة المطرية ومجمع فنادق يضم 400 غرفة، وكلها تشكل "مركزاً للسياحة المراعية للبيئة" يهدف القائمون عليه لاستقطاب ملايين الزوار سنوياً.
هذا المشروع في منطقة مانداي لا يقنع المنظمات البيئية التي تأخذ عليه إلحاقه أضراراً دائمة بالتنوع الحيوي، وكذلك يرى منتقدو المشروع أنه يكبد المنطقة فاتورة بيئية كبيرة كما يقضي على المواطن الطبيعية لأجناس عدة.
ولم تتخذ كل الاحتياطات في محيط المشروع وفق النشطاء، خصوصاً على المحاور المرورية المؤدية للموقع، حيث قضي على أعداد كبيرة من الحيوانات.
ويعكس هذا الجدل المخاوف التي يعيشها أبناء هذه الدولة بفعل التنمية الحضرية المتسارعة وفقدان آخر مواطن الحياة البرية.
ويقول سوباراج راجاثوراي، الخبير في شؤون الحيوانات البرية: "أظن أنه من الخطأ استبدال التراث الطبيعي بمواقع لتربية الحيوانات في الأسر"، ويوضح أن "الأولوية كانت لتحقيق الأرباح بدلاً من إيجاد توازن والحفاظ على التنوع الحيوي".
أما شركة "مانداي بارك هولدينجز" المشرفة على البرنامج، فتؤكد في المقابل أن المشروع مدروس وسيشكّل عنصر قوة للمنطقة، فهذا الموقع المتاخم لمحمية طبيعية كان منذ سنوات معداً لاستضافة مشروع تنموي، وهو يضم خصوصاً قرى وأراضي زراعية متروكة تمددت الأدغال عليها.
وقطعت الأشغال شوطاً كبيراً في هذه المنطقة التي تضم ليمورات طائرة وأيائل، وتنتشر رافعات ضخمة عند بعض الهضاب التي استحالت جرداء بعض قطع أشجارها.
غير أن القلق يتنامى حيال عدد الحيوانات النافقة دهساً على الطرق المؤدية إلى حديقة الحيوانات بسبب قطع الأشجار.
ومن بين الضحايا التي رصدتها منظمات بيئية حيوانات مصنفة على قائمة الأجناس المهددة بشدة بالانقراض، ويندد سوباراج راجاثوراي بالنقص في الاحتياطات، متحدثاً عن عدم وضع عوائق كافية في الوقت المطلوب على جانبي الطريق، ويقول: "كان يمكن ببساطة شديدة تفادي حصول ذلك".
وتوضح "مانداي بارك هولدينجز" أنها تبذل قصارى جهدها لتفادي إلحاق الأذى بالحيوانات، ونصبت عوائق في المكان، وأقيم ممر للسماح للقردة باجتياز الطريق كما وضعت إشارات مرورية تنبه السائقين إلى وجود حيوانات في المكان.
وخلال بضعة أشهر، سينتهي تشييد جسر دائم مغطى بالأشجار للسماح للحيوانات باجتياز هذا الطريق الذي يقسم المشروع إلى جزءين.
ويقول رئيس الشركة مايك باركلي: "عملنا مع الجمعيات منذ البداية لتحديد ما علينا فعله لحماية الحيوانات وإبعادها عن الطريق"، مضيفاً: "هل هذا مثالي؟ كلا. لكننا نبذل قصارى جهدنا لتخفيف الأثر إلى الحد الأدنى".
وسيحل المتنزه الحيواني الجديد محل حديقة أخرى موجودة وسيضم 9 أقفاص ضخمة، وسيضم المتنزه المخصص للغابة المطرية مساراً للمشي.
ومن المتوقع الانتهاء من المشروع الممتد على مساحة 126 هكتاراً في 2023، أي بعد 6 سنوات من إطلاق الأشغال التي لم تكشف الشركة القائمة عليها تكلفتها.
الرفق بالحيوان ليس مصدر القلق الوحيد للمنظمات البيئية، إذ تندد أيضاً بالتلوث السمعي والضوئي المتأتي من المشروع، غير أن المدافعين عن المشروع يؤكدون أن إقامة مركز للسياحة البيئية أفضل من غابة جديدة من ناطحات السحاب.
aXA6IDMuMTM5LjgzLjI0OCA= جزيرة ام اند امز