غضب الطبيعة يكبد شركات تأمين خسائر فادحة
تسببت الفيضانات المفاجئة التي ضربت غرب ألمانيا في منتصف يوليو/تموز الماضي حتى الآن في مطالبات تأمين تقدر بنحو 7 مليارات يورو.
ووفقا لبيانات الاتحاد الألماني لشركات التأمين (جي دي في)، فإن 6.5 مليار يورو من هذا المبلغ يخص مطالبات التعويضات عن الأضرار التي لحقف بالمباني السكنية والمحتويات المنزلية والشركات، بينما تتعلق نحو 450 مليون يورو بتعويضات السيارات.
وقال الرئيس التنفيذي للاتحاد، يورج أسموسن، في برلين اليوم الأربعاء: "لم يتضح مدى فداحة هذا الحدث المتطرف إلا مع تقدم عملية تسجيل المطالبات وتسويتها".
وكانت العاصفة المسماة بـ"بيرند" قد اجتاحت أجزاء كبيرة من ألمانيا في الفترة من 13 إلى 18 تموز/يوليو الماضي.
وتسببت ظاهرة الضغط المنخفض في أضرار جسيمة عبر الأمطار الغزيرة والفيضانات، خاصة في ولايتي راينلاند-بفالتس وشمال الراين-ويستفاليا (كليهما غرب ألمانيا)، إلى جانب ولايتي بافاريا (جنوب ألمانيا) وسكسونيا (شرق ألمانيا). وأودت الفيضانات بحياة ما يقرب من 160 شخصا.
كما تضررت أجزاء من بلجيكا وهولندا من الفيضانات، ولكن ليس بالشدة نفسها.
وبحسب بيانات الاتحاد، كانت الفيضانات المفاجئة أكثر الكوارث الطبيعية ضررا في تاريخ ألمانيا، حيث كانت الخسائر أعلى من خسائر فيضانات أغسطس/آب 2002 (4.75 مليار يورو) ويونيو/حزيران 2013 (2.25 مليار يورو).
وتقول دراسة منشورة يوم 30 يونيو حزيران في دورية جيوفيزيكال ريسيرش لترز إن من المرجح أن يؤدي التغير المناخي في أوروبا إلى زيادة عدد العواصف الضخمة بطيئة الحركة التي يمكن أن تستمر لفترة أطول في منطقة واحدة وتتسبب في أمطار شديدة الغزارة مثل ما شهدته ألمانيا وبلجيكا من أمطار.
ومع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض في إطار التغير المناخي فإنه يتشبع بقدر أكبر من الرطوبة وهو ما يعني زيادة الأمطار. وتوصل باحثون في الدراسة التي أجريت بالمحاكاة عن طريق أجهزة الكمبيوتر إلى أن مثل هذه العواصف ربما تتكرر بحلول نهاية القرن بما يزيد 14 مرة عن الوضع الحالي.
حلول الخبراء
قال فريد هاترمان من معهد بوتسدام لبحوث أثر المناخ "تحتاج لتدابير تقنية وتدعيم السدود وحواجز الفيضانات. لكننا نحتاج أيضا لإعادة تصميم المدن".
وأضاف أن ثمة تركيزا متزايدا على ما يطلق عليه إجراءات "التكيف الأخضر" مثل مناطق تصريف المياه والسهول التي يمكن غمرها بالماء من أجل تقليل سرعة جريان المياه.
وتابع "لكن عندما تهطل الأمطار بغزارة شديدة حقا فربما لا يفيد كل ذلك. ولذا علينا أن نتعلم العيش معها".
وتدعيم السدود وإقامة المباني والطرق والبنية التحتية المدنية التي تتحمل الظروف المناخية سيتكلف المليارات. غير أن ثمن الامتناع عن أخذ أي خطوات اتضح من خلال لقطات الهواتف المحمولة لأفراد يكافحون في محطات مترو الأنفاق الغارقة التي وصلت فيها المياه إلى صدور الناس في تشنغتشو أو الصراخ خوفا من الطين والركام الذي جرفته المياه عبر بلدات ألمانية يرجع تاريخها إلى العصور الوسطى.
قال كوه تيه يونج خبير الطقس والمناخ بجامعة العلوم الاجتماعية في سنغافورة إن من الضروري إجراء تقييم عام للأنهار وشبكات المياه في المناطق المعرضة للتأثر بالتغير المناخي بما في ذلك المدن والمناطق الزراعية.
وأضاف "الفيضانات تحدث عادة بسبب عاملين معا الأول هطول أمطار أغزر من المعتاد والثاني عدم كفاية القدرة الاستيعابية للأنهار في تصريف مياه الأمطار الإضافية المتجمعة".