"منتدى النقب" بالإمارات.. الاتفاق الإبراهيمي يعزز ثمار السلام في عامه الثالث
اجتماع مهم تستضيفه أبوظبي، يُعد محطة جديدة على طريق قطار السلام الذي أطلقته الإمارات بتوقيع اتفاق سلام تاريخي "الاتفاق الإبراهيمي" مع إسرائيل قبل 28 شهرا.
وتستضيف الإمارات على مدار يومي الإثنين والثلاثاء أعمال الاجتماع الأول لمجموعات عمل "منتدى النقب" بحضور مسؤولين من الدول الست الأعضاء بالمنتدى وهي دولة الإمارات والبحرين ومصر والمغرب والولايات المتحدة وإسرائيل.
ويعد "منتدى النقب" أبرز ثمار الاتفاق الإبراهيمي للسلام الذي وقعته دولة الإمارات وإسرائيل بوساطة أمريكية في 15 سبتمبر/أيلول عام 2020.
وتبحث 6 مجموعات عمل خلال تلك الاجتماعات تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء الست في 6 مجالات وهي: الأمن الغذائي والتكنولوجيا المائية، والرعاية الصحية، والتعليم والتعايش السلمي، والطاقة النظيفة، والأمن الإقليمي، والسياحة، وهو ما يعني أن مخرجات تلك الاجتماعات ستسهم في رسم خارطة طريق لتعزيز التعاون بين الدول الست، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار والرفاهية لشعوب المنطقة وعلى رأسها الشعب الفلسطيني خلال العام الثالث من توقيع اتفاق السلام.
مكاسب متتالية
وتأمل الإمارات بتعزيز مكاسب الاتفاق الإبراهيمي للسلام وإضافة مكاسب جديدة تصب في صالح دعم الأمن والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة مع حلول الذكرى الثالثة لتوقيعه في 15 سبتمبر/أيلول عام 2023، بعد أن نجحت بذلك بالفعل خلال العلاقات الثنائية مع إسرائيل.
وهو الأمر الذي يؤكده مسار العلاقات المتنامي بين البلدين، حيث تأتي اجتماعات اليوم بعد نحو شهر من زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، إلى الإمارات 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي، للمشاركة في النسخة الأولى من حوار أبوظبي للفضاء الأول من نوعه عالمياً، والذي عقد برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع هرتسوغ علاقات التعاون بين دولة الإمارات وإسرائيل ومساراته نحو تعزيز التنمية والسلام والازدهار لما فيه الخير لشعوب المنطقة عامة.
كما تبادلا وجهات النظر بشأن عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وتطرق اللقاء إلى أهمية "حوار أبوظبي للفضاء" في تعزيز التواصل بين القوى الفاعلة والمؤثرة في قطاع الفضاء حول العالم وبحث فرص تطوير هذا القطاع وتحقيق مستهدفاته بما يخدم الإنسانية ويسهم في تعزيز جودة الحياة على الأرض، وأكد الجانبان في هذا السياق ضرورة تعزيز فرص التعاون المشترك في مجال الفضاء بين البلدين.
زيارة تثبت نجاح معاهدات السلام بتوفير مظلة للتعاون العلمي والاقتصادي والتنموي بما يصب في صالح شعوب المنطقة والبشرية.
وبعد نحو أسبوع من تلك الزيارة صادقت الإمارات وإسرائيل في 11 ديسمبر/كانون الأول على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعها البلدان 31 مايو/أيار الماضي، في خطوة تؤكد نجاح السلام في بناء الشراكات وتعزيز التنمية.
وتستهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة توطيد العلاقات التجارية والاستثمارية وتحفيز التجارة البينية غير النفطية بين البلدين وصولاً إلى 10 مليارات دولار سنوياً في غضون الأعوام الخمسة المقبلة.
وفي اليوم التالي (12 ديسمبر/كانون الأول)، أعلنت غرفة دبي العالمية، إحدى الغرف الثلاث العاملة تحت مظلة غرف دبي، عن افتتاح مكتب تمثيلي جديد لها في إسرائيل.
وتشكل إسرائيل سوقاً استراتيجياً بالنسبة لدبي، وقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإسرائيل بشكل كبير منذ توقيعهما "اتفاقات أبراهام" في عام 2020، حيث وصل إلى 1.19 مليار دولار في العام 2021.
وخلال العامين الماضيين، زار نحو نصف مليون إسرائيلي دولة الإمارات ، في حين يوجد نحو 7 إلى 8 رحلات طيران يوميا بين البلدين.
رسالة مهمة
وفيما تدفع الإمارات بجهود تعزيز السلام وتعظيم مكاسبه، تواصل جهودها الرائدة في دعم القضية الفلسطينية على مختلف الأصعدة.
وهي الرسالة التي حرص الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي التأكيد عليها من قلب إسرائيل نفسها.
وخلال زيارته لإسرائيل سبتمبر/أيلول الماضي، أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أنه "لا يمكن تحقيق استقرار المنطقة بالكامل إلا بإيجاد حل للقضية الفلسطينية والذي يجب أن يلبي التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة، وستواصل دولة الإمارات دعمها لكافة المبادرات السلمية التي تهدف إلى تحقيق هذه الآمال".
ولطالما أكدت الإمارات أن الاتفاق الإبراهيمي للسلام لا يتعارض مع الجهود المبذولة لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين.
وأقامت دولة الإمارات علاقات مع إسرائيل، إيمانا منها بأن هذه الخطوة تعطي فرصة لدفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي بقيت راكدة لعقود.
ولطالما شددت الإمارات على أن التواصل والحوار والطرق الدبلوماسية وليست المواجهة العسكرية هي الطريق للمضي قدما إلى الأمام وحل الأزمات السياسية.
وأوضح الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، في تصريح له سبتمبر/أيلول الماضي، أن "الاتفاقيات الإبراهيمية استندت إلى فرضية بسيطة، وهي أن الدبلوماسية والتواصل سيعززان قدرا أكبر من الاستقرار والازدهار والأمل".
وأردف: "يمكننا اليوم القول بثقة كبيرة إن ذلك الافتراض كان صحيحا".
مجموعات عمل "منتدى النقب"
ومجددا، تؤكد الإمارات صحة افتراضها عبر استضافة أعمال الاجتماع الأول لمجموعات عمل منتدى النقب يومي الإثنين والثلاثاء بحضور مسؤولين من الدول الست الأعضاء بالمنتدى، لمواصلة إنشاء جسور التواصل والحوار وتعزيز التعايش السلمي في جميع أنحاء المنطقة.
ويعد "منتدى النقب" أبرز ثمار الاتفاق الإبراهيمي للسلام الذي وقعته دولة الإمارات وإسرائيل بوساطة أمريكية في 15 سبتمبر/أيلول عام 2020.
وفتحت الإمارات من خلاله الباب أمام العرب لتوسيع آفاق الاستقرار، حيث شجع الاتفاق انضمام البحرين والمغرب تباعا لقطار السلام في العام نفسه (2020)، وبدء حقبة جديدة من التعاون بين تلك الدول وإسرائيل تقوم على التعاون والشراكة.
وسعيا لاستثمار ثمار السلام الذي تحقق، والتأسيس عليه لتعزيز أمن واستقرار المنطقة، عقدت قمة تاريخية في النقب يومي 27 و28 مارس/آذار 2022، بمشاركة وزراء خارجية شركاء السلام الخمسة (دولة الإمارات والبحرين والمغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل)، إضافة إلى مصر التي سبق أن وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979.
وخلال تلك القمة، اتفق وزراء خارجية الدول الست على تحويل قمة النقب إلى منتدى دائم ومنصة تعاون إقليمي تستهدف تعزيز الرخاء والاستقرار والازدهار على الصعيد الإقليمي ودعم مصالح كل دول المنطقة وتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الحلول للتحديات القائمة بما يحقق مستقبلاً أفضل للأجيال المقبلة.
ولتحقيق تلك الأهداف اتفقوا على تشكيل 6 مجموعات عمل لتعزيز التعاون بينها في 6 مجالات وضعوها كأولوية وهي: الأمن الغذائي والتكنولوجيا المائية، والرعاية الصحية، والتعليم والتعايش السلمي، والطاقة النظيفة، والأمن الإقليمي، والسياحة.
وتجسد تلك الاجتماعات إيمان دولة الإمارات بضرورة العمل البناء والجماعي للحد من التوترات في استجابة "للديناميكيات" المتغيرة للنظام الدولي.
أيضا تبرز تلك الاجتماعات جهود دولة الإمارات لتوفير مناخ يسهم في تقارب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة واعتماد تدابير بناء الثقة لتطوير عمليات سياسية شاملة تضمن الانتقال المستدام للخروج من الصراع.
أهمية خاصة
تكتسب اجتماعات مجموعات عمل منتدى النقب بالإمارات أهمية خاصة لأكثر من سبب، أولها أنها أول اجتماعات لمجموعات العمل الست التي تم الاتفاق على إنشائها خلال قمة النقب.
ثاني تلك الأسباب أن مخرجات تلك الاجتماعات ستعد خارطة طريق لتعزيز التعاون بين الدول الست، بما يسهم في تعزيز الاستقرار والازدهار وتعظيم مكاسب السلام.
ثالث تلك الأسباب أن تلك الاجتماعات تستهدف أيضا الإعداد والتحضير للاجتماع الوزاري القادم لمنتدى النقب، المتوقع إقامته في المغرب خلال الشهور المقبلة.
ومن المقرر أن تعمل مجموعات العمل على "تقديم لائحة بالمشاريع في القطاعات الستة المكلفة بها، ليتم تقديمها في منتدى النقب لوزراء الخارجية في اجتماعهم المقبل بالمغرب"، بحسب وزارة الخارجية الإسرائيلية.
رابع تلك الأسباب أن تلك الاجتماعات من شأنها الدفع قدما بمشروعات ومبادرات لتشجيع الاندماج والتعاون الإقليمي بين دول المنطقة.
خامس تلك الأسباب أن الاجتماع بين شركاء السلام الستة سيسمح للدول المشاركة بتبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية، خاصة فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، الأمر الذي يدفع نحو تعزيز الأمن والاستقرار بموازاة نشر الرخاء والتنمية.
سادس تلك الأسباب أن هذا الاجتماع يجسد حرص دولة الإمارات على تعزيز الشراكات التي تحقق مصالح جميع دول المنطقة وتسهم بتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة، وتوفير الحلول للتحديات القائمة بما يحقق مستقبلاً أفضل لشعوب المنطقة.