"نساء النازيين الجدد".. أدوار نشطة لاستمرار التطرف
نساء النازيين لا يتقدمن الصفوف، ولا يظهرن كثيرا، لكنهن يلعبن أدوارا قوية في المشهد اليميني المتطرف.
حسام حسن
إذا قدر لك أن تشاهد مظاهرة للنازيين الجدد في برلين أو غيرها، أو طالعت صور لبعض أعضاء هذه المجموعة، سترى الرجال يسيطرون على المشهد، ويتقدمون الصفوف، ويعلنون عن أنفسهم عبر ارتداء ملابس تحمل الشعارات النازية.
وربما لن ترى نساء في الصور، أو ستراهم في الصفوف الخلفية في أفضل الأحوال، وربما أيضا سيتكون لديك انطباعا بأن النساء لا يلعبن أدوارا كبيرة في المشهد اليميني المتطرف في ألمانيا، لكن العكس هو الصحيح.
ففي أقصى شمال ألمانيا، تقع قرية "يامل" المعروفة بقرية النازيين، وتضم نحو 40 ساكنا أغلبيتهم الكاسحة من النازيين الجدد، وأنصار حزب "إن دي بي" النازي.
كما يعيش في القرية سيفين كروغر، أحد أهم قيادات الحزب منذ خروجه من السجن في 2016 إثر اتهامه بحيازة أسلحة بشكل غير مشروع.
وتعد القرية مثالا واضحا على المجتمع النازي، بما في ذلك توزيع الأدوار بين السيدات والرجال، وكيفية تنشئة الأطفال.
ووفق تقرير لمجموعة فونكة الإعلامية الألمانية، فإن نساء النازيين لا يتقدمن الصفوف، ولا يظهرن كثيرا، لكنهن يلعبن أدوارا قوية في المشهد اليميني المتطرف.
منها على سبيل المثال المشاركة في التخطيط للهجمات والاعتداءات العنصرية، وتولي مسؤولية تنشئة الأطفال والمراهقين وزرع القيم والأفكار المتطرفة في نفوسهم.
ويعبر سكان القرية عن أفكارهم بشكل صريح، ويرسمون على الجدران النسر والصليب المعقوف، وهي الشعارات الرئيسية للنظام النازي الذي حكم ألمانيا في الفترة بين 1933 و1945، كما يرسمون على أحد الجدران صورة كبيرة لنائب أدولف هتلر، رودولف هيس، مع عبارة "لن ننسى".
لكن الحديث مع السيدات في القرية أمور صعب للغاية، فصحفيي مجموعة فونكة تنقلوا من منزل إلى منزل، وطرقوا الأبواب، وطلبوا الحديث مع النساء، دون جدوى.
"وراء كل نازي.. امرأة قوية"
وفي البيت الوحيد الذي لا ينتمي للنازيين الجدد في القرية، وهو منزل بيرجيت وهورست لوميهير، تحدثت السيدة بيرجيت عن أوضاع نساء النازيين خلال العقدين الماضيين.
وقالت بيرجيت لمجموعة فونكة الألمانية: "النساء هنا مسؤولات بالفعل عن الأسر، وتربية الأطفال، وينسحبن عادة إلى داخل المنازل، لكن هذا لا يعني أنهن أقل خطورة من أزواجهن".
وأوضحت: "هنا (في القرية) عاشت سيدة تدعى اتشيبي، ولعبت دورا كبيرا في الجرائم التي ارتكبها النازيون في ألمانيا في السنوات العشر الأولى من الألفية الحالية".
وتابعت: "هنا أيضا تعيش شقيقة القائد كروغر (لم تذكر اسمها) التي تلعب دورا قياديا في حزب (إن دي بي) والمجتمع النازي بشكل عام"، مضيفة: "المرأة في الأوساط النازية ليست خاملة، ولكنها تعمل في الخفاء".
ومضت قائلة "هذا لا يعني أنه لا توجد امرأة قوية وراء كل نازي.. إن النساء يدعمون الأيدلوجية النازية، وينقلونها إلى أطفالهن".
امرأة أخرى في قرية يامل، تحدثت لمجموعة فونكة، وهي سيغريد شوسلر، حيث نشطت لسنوات في المشهد اليمني المتطرف، وكانت قيادية في حزب "إن دي بي" النازي.
وخلال المقابلة، لم تبد شوسلر أي اهتمام بتمكين المرأة في السياسة الألمانية، وتواجد انجيلا ميركل على رأس حكومة تضم أيضا أنغريت كرامب كارنباور، كوزيرة للدفاع ونساء أخريات في مناصب رفيعة.
وعن ذلك، قالت شوسلر "لست مهتمة بذلك، واعتقد أن الأمر ليس تمكينا للمرأة، بل العكس تماما"، مضيفة "إن هؤلاء الإناث اللاتي في قمة السلطة، ليسوا نساء على الإطلاق، ولا اتعاطف معهن".
وأقرت شوسلر بأنها لا تحب المستشارة أنجيلا ميركل، وترى الحكومة الألمانية الحالية "حكومة معادية"، مضيفة: "لا نعترف بالدستور، ولا نملك دولة ذات سيادة، وحكومتنا يعينها الحلفاء ولا تملك استقلالية القرار وكل قراراتها تدمر الدولة".
خطر كبير
بدورها، قالت الباحثة الاجتماعية، بترا فرانتيزكي التي عملت مع النساء اليمنيات المتطرفات لمدة 11 عامًا في تصريحات صحفية مؤخرا، إن السلطات الألمانية "تركز على الرجال في تنظيمات اليمين المتطرف، ولا تمنح اهتماما كبيرا للنساء.
وتابعت: "في مظاهرات النازيين الجدد، يكون عدد المشاركين الرجال أكبر من عدد المشاركات من النساء، وتقدر الدراسات نسبة النساء في الأوساط النازية بـ30% كحد أقصى".
وأضافت: "النساء ليسوا في الصفوف الأمامية للنازيين، لكنهم متواجدات ويلعبن أدوارا قوية خاصة في التنشئة".
وتابعت: "هناك نسوة أيضا هربوا من الأوساط النازية، وقدمت لهن دعم نفسي، وروا لي كثيرا عن تجربتهن"، موضحة: "أنهن مارسن العنف ضد الأجانب، وحرضن الرجال على ممارسة العنف وتنفيذ هجمات بدافع العنصرية وكراهية الأجانب".
ويبلغ عدد أنصار اليمين المتطرف في ألمانيا بشكل عام، نحو 25 ألف شخص، بينهم 13 ألف شخص مستعدون لاستخدام العنف.
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية"، قال الخبير النمساوي في شؤون الحركات المتطرفة، اندريس بيهام، إن اليمين المتطرف، وخاصة النازيين الجدد، بما في ذلك الرجال والنساء، يمثل خطرا كبيرا على أمن ألمانيا، والنظام الديمقراطي في البلاد، في ظل سعيه لتغيير النظام بالقوة".