خان يستعجل مذكرة الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت.. كيف سترد إسرائيل؟
في واقع «يخشى» رئيس الوزراء الإسرائيلي تبعاته، استعجل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان المحكمة لإصدار مذكرتي اعتقال ضد بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
وفي مذكرة من 49 صفحة حصلت «العين الإخبارية» على نسخة منها، طلب خان من المحكمة الاستجابة لطلبه في شهر مايو/أيار الماضي، بإصدار مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت.
وسبق أن طلب خان إصدار 3 مذكرات اعتقال ضد قادة حركة حماس، لكن إسرائيل اغتالت رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية وأعلنت اغتيال رئيس الجناح العسكري محمد ضيف، ولم يتبق سوى يحيى السنوار وهو أصلا مطلوب للقتل من قبل إسرائيل.
وكتب خان في مذكرته: «لا توجد معلومات تشير إلى أن بنيامين نتنياهو أو يوآف غالانت، رئيس وزراء إسرائيل ووزير الدفاع، على التوالي، يخضعان للتحقيق الجنائي أو المحاكمة، بل إن السلطات الإسرائيلية رفضت ببساطة الاتهامات الأساسية الموجهة ضدهما».
وأضاف خان: «تذكّر النيابة العامة بأن المحكمة ملزمة باحترام الحقوق المعترف بها دولياً للضحايا فيما يتصل بسير إجراءاتها، وخاصة حقوق الضحايا في معرفة الحقيقة، والوصول إلى العدالة، وطلب التعويضات، وهذا يعني أن الدائرة (المحكمة) يجب أن تفي بمسؤوليتها الجليلة في النظر في طلبات المادة 58 والبت فيها بأقصى قدر من الاستعجال».
واعتبر خان أن «أي تأخير غير مبرر في هذه الإجراءات يؤثر سلباً على حقوق الضحايا»، قائلا: «إن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك غزة، كارثي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الجرائم المستمرة الموصوفة في الطلبات».
وأضاف: «إن اعتقال الأشخاص المذكورين في الطلبات يبدو ضرورياً، لمنعهم من الاستمرار في ارتكاب تلك الجريمة أو جريمة ذات صلة تدخل في اختصاص المحكمة وتنشأ عن نفس الظروف».
وتابع: «يطلب الادعاء من الدائرة أن تقرر بأقصى سرعة ممكنة طلبات الادعاء».
وتنظر المحكمة منذ شهر مايو/أيار الماضي، في طلب خان، لكن دون أن تصدر قرارها. ويبدو أن مدعي المحكمة الجنائية، وصل إلى مرحلة يعتقد فيها أنه لا مبرر لتأخير إصدار مذكرتي الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت.
نتنياهو يخشى الاعتقال
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد في الأسابيع الأخيرة عدة اجتماعات تشاورية لبحث الخطوات لمنع المحكمة من إصدار مذكرات اعتقال ضده أو ضد غالانت أو على الأقل تأجيل إصدار مذكرات الاعتقال ذاتها.
واستند التحرك الإسرائيلي أساسا إلى اقناع أكبر عدد ممكن من الدول والمنظمات الدولية بتوجيه رسائل إلى المحكمة تشكك في قانونية إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت، وتدحض أي صلاحية للمحكمة في الأراضي الفلسطينية.
وحاليا يتجنب نتنياهو وغالانت السفر إلى 124 دولة أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية خشية الاعتقال.
لكن خان حسم في مذكرته بأن إسرائيل دولة محتلة مستندا إلى الرأي الاستشاري الأخير الذي صدر عن محكمة العدل الدولية.
وكتب خان: «كما قضت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر في 19 يوليو/تموز 2024، فإن استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني. تشمل الأراضي المحتلة قطاع غزة وتشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية».
وأضاف: «في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، نفذت حماس هجوماً على إسرائيل بمساعدة جماعات مسلحة فلسطينية أخرى، مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين الإسرائيليين واختطاف أكثر من 240 شخصاً، ولا يزال العديد منهم محتجزين كرهائن. وفي أعقاب الهجوم، شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في غزة، والتي تسببت ولا تزال في وقوع خسائر بشرية واسعة النطاق بين المدنيين، بما في ذلك مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وتدمير البنية التحتية المدنية على نطاق واسع، وتشريد الغالبية العظمى من السكان، وحرمت إسرائيل السكان الفلسطينيين من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة».
وحسم خان الموقف بصلاحية المحكمة، قائلا: «قررت هذه الدائرة بالإجماع أن فلسطين دولة طرف في النظام الأساسي، وبأغلبية الأصوات، أن اختصاص المحكمة يمتد إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، أي الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة».
وكانت إسرائيل استندت إلى أن اتفاقية أوسلو تمنع المحكمة من التحقيق، لكن خان قال: «كما قررت المحكمة على وجه التحديد أن اتفاقيات أوسلو لم تكن عائقًا أمام فتح تحقيق المحكمة».
وأضاف: «على أي حال، فإن اتفاقيات أوسلو ــ التي ينبغي اعتبارها اتفاقاً بين قوة احتلال (إسرائيل) وسلطة محلية (منظمة التحرير الفلسطينية) تنظم جوانب الاحتلال، على النحو المنصوص عليه في المادة 47 من اتفاقية جنيف الرابعة ــ لا علاقة لها باختصاص المحكمة». وعلى ذلك فقد طلب «رفض الملاحظات غير المتعلقة باتفاقيات أوسلو».
واعتبر خان أنه كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال في حالات مشابهة فإنه «لا يوجد سبب لمعاملة هذا الوضع بشكل مختلف».
هل تشكل ضغطا على نتنياهو؟
وليس من الواضح إلى أي مدى ستؤثر هذه الخطوة على مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يقول مفاوضون إسرائيليون إنه يعطل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
لكن من الممكن أن يكون لها تأثير على سلوك الجيش الإسرائيلي الذي قلص في الأيام الماضية من المناطق الإنسانية في قطاع غزة، وكثف من قصف هذه المناطق، بحجة وجود معلومات عن مسلحين في المنطقة.
وأثارت تصرفات الجيش الإسرائيلي هذه انتقادات واسعة في مستوى المؤسسات الحقوقية الدولية.
كيف سترد إسرائيل؟
ردا على ذلك، قالت هيئة البث الإسرائيلية: «تدرس إسرائيل خطوات في محاولة لمنع إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت».
وأضافت: «إحدى الخطوات، وفقا للنائب العام والهيئات المهنية، كانت ولا تزال الحاجة إلى تشكيل لجنة تحقيق أو آلية تحقيق إسرائيلية مهمة ومستقلة».
وتابعت: «وبالمثل، فإن حقيقة وفاة اثنين من قادة حماس الذين سعى المدعي العام إلى إصدار مذكرة توقيف بحقهم يمكن أن يكون له تأثير، لأن الوضع الذي تنظر فيه المحكمة الجنائية الدولية في قضية ضد الإسرائيليين فقط هو إشكالي».
واستدركت: «ومع ذلك، لا تزال إسرائيل تشعر بالقلق إزاء حالة يتم فيها قبول طلب المدعي العام بإصدار أوامر ضد كبار المسؤولين».
aXA6IDMuMTQ1LjY4LjE2NyA=
جزيرة ام اند امز