بين وزراء متشددين وواشنطن.. نتنياهو يسير على «حبال الضغوط»
بعد 110 أيام من حرب غزة، بات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محاصرا بين ضغوط داخلية من أعضاء حكومته، وأخرى خارجية من واشنطن.
نتنياهو يؤكد رغم ذلك أن حربه مستمرة حتى القضاء على حركة حماس الفلسطينية التي تسيطر على قطاع غزة، التي شنت هجوما مسلحا غير مسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أسفر عن مقتل 1200 شخص في يومه الأول.
ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي تحديا من أعضاء حكومة الحرب فيما يتعلق بالاستراتيجية، بينما يتعرض لضغوط أخرى من واشنطن بشأن خطط ما بعد الحرب في غزة، فيما يجد نفسه محاصرا من وزراء اليمين المتشدد في حكومته.
ويحاول نتنياهو إرضاء من ترتفع أصواتهم على نحو متزايد في إسرائيل بأنه لا يمكن الجمع بين هدفي تدمير حماس وتحرير الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى الحركة الفلسطينية المهيمنة في غزة، ويتعين بالتالي وقف إطلاق النار.
وخلال هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سقط نحو 250 رهينة في قبضة عناصر حماس الذين اقتادوهم إلى غزة، وتم الإفراج عن أكثر من 100 منهم في صفقة تبادل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي مؤخرا "هناك من يزعم أن النصر مستحيل.. وأنا أرفض هذا تماما... إسرائيل تحت قيادتي لن تتنازل عن أقل من النصر الكامل على حماس".
ويواجه نتنياهو الذي يتعرض بقاؤه السياسي للخطر، مطالب أيضا بالالتزام بالنهج المتشدد من جانب شركائه في الائتلاف اليميني الذين هدد بعضهم بإسقاط الحكومة إذا تزحزح عن مواقفه.
وبعد مرور قرابة 4 أشهر على الحرب، ما زال يعتقد أن القيادات الكبيرة المستهدفة في حماس تختبئ في عمق شبكة الأنفاق الواسعة تحت غزة.
وفي استطلاع للرأي أجراه باحثون في الجامعة العبرية في 14 يناير/كانون الثاني الماضي، قال نصف من شملهم الاستطلاع إن الأولوية القصوى هي لتحرير الرهائن الذين يتزايد الخوف على حياتهم.
وتشير أنباء متواترة إلى أن جهودا للوساطة تجرى حاليا تقوم بها الولايات المتحدة ومصر وقطر للتوصل إلى صفقة أخرى تتضمن وقفا لإطلاق النار وتبادلا للرهائن بين إسرائيل وحماس.
وقال غادي أيزينكوت، الوزير في الحكومة الحالية ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، في تصريحات متلفزة "أعتقد أن من الضروري القول بجرأة إن من المستحيل إعادة الرهائن أحياء في المستقبل القريب بدون اتفاق".
استراتيجية الحرب
استراتيجية الحرب يضعها ثلاثي مؤلف من نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وبيني غانتس، السياسي المعارض من الوسط الذي يقود حزب "أزرق أبيض" الذي ينتمي إليه أيزنكوت والذي انضم إلى حكومة الطوارئ بعد وقت قصير من هجوم حماس.
ويحق للثلاثة التصويت على الحرب. وأيزنكوت ورون ديرمر، حليف نتنياهو المقرب، مراقبان في حكومة الحرب.
وأظهرت بيانات أصدرها الثلاثة بعد مرور نحو 100 يوم على الهجوم وجود اختلافات طفيفة في النهج المتبع في الصراع. فقد قال غانتس أيضا إن هدف استعادة الرهائن يتعين أن يسبق الأهداف العسكرية الأخرى.
ورفض مكتبه الإدلاء بمزيد من التفاصيل بسبب "حساسية" الموضوع.
غالانت اعتبر أنه لن يتحقق هدفا إسرائيل إلا بالضغط العسكري لكنه دعا أيضا مجلس الوزراء إلى تحديد أهداف دبلوماسية ومناقشة خطط ما بعد الحرب في غزة، مشيرا إلى أن "الافتقار للقرار السياسي في خطة ما بعد الحرب قد يضر بالتقدم العسكري".
ضغط أسر الرهائن
وفي أحدث استطلاع أسبوعي أجرته الجامعة العبرية وشمل 1373 شخصا من الأغلبية اليهودية في إسرائيل، قال 42 % منهم إنه يجب التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن حتى لو كان بإطلاق سراح فلسطينيين مسجونين بسبب هجمات مسلحة أدت لسقوط قتلى.
وقال 17 % من الذين شملهم الاستطلاع إن الاتفاق قد ينطوي على إبطاء وتيرة الرد العسكري الإسرائيلي.
وتشير النتائج المجمعة إلى أن 59 %يدعمون الإجراءين في ارتفاع عن 39 % كانوا يؤيدون ذلك في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
واعتصم أقارب الرهائن يوم السبت في خيام أمام منزل نتنياهو، كما شهد مطلع الأسبوع مسيرات طالبت ببذل مزيد من الجهد لإطلاق سراح الرهائن. وفي مطلع الأسبوع، دعا محتجون في مسيرة أيضا إلى إجراء انتخابات مبكرة. ويوم الإثنين الماضي، اقتحم أقارب للرهائن جلسة للجنة برلمانية بالكنيست.
السير على الحبال
يسير نتنياهو بالفعل على حبل دبلوماسي رفيع بين واشنطن وحكومته الائتلافية اليمينية المتشددة، ومن المرجح أنه سيواجه المزيد من التحديات حين تبدأ مرحلة القتال الأشد كثافة في الانتهاء.
أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، قال في وقت سابق إن "جيران إسرائيل العرب والمسلمين ربما يكونون مستعدين لدمج كامل لإسرائيل في المنطقة، لكنهم بحاجة أيضا لأن يشهدوا التزاما بمسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية".
لكن المناقشات الإسرائيلية رفيعة المستوى حول من يدير غزة بعد الحرب أُرجئت مرات في غمرة الشقاق السياسي الداخلي.
وقال مسؤول مطلع إن حكومة الحرب الإسرائيلية حددت موعدا لعقد جلسة، لكن ضغط شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتشدد الذين اُستبعدوا، أدى إلى إحالة الجلسة للنقاش في مجلس الوزراء الأمني الموسع.
وأضاف ذات المسؤول أن الرؤى المختلفة لما بعد الحرب تباعدت الآن لدرجة تجعل عقد مثل هذه المناقشة مرة أخرى "عصيا على التحقيق".
وزير المالية الإسرائيلي، وشريك نتنياهو في الائتلاف الحاكم، بتسلئيل سموتريتش، اليميني المتشدد دعا إلى إخراج الفلسطينيين من غزة، في تصريحات أدانتها واشنطن.
وقال سموتريتش يوم السبت الماضي إنه يجب على البيت الأبيض التوقف عن الضغط من أجل إقامة دولة فلسطينية.
وشدد إيتمار بن غفير وزير الأمن الوطني اليميني المتشدد، لهجته في الأسابيع القليلة الماضية ضد حكومة الحرب. وفي رسالة إلى نتنياهو الأسبوع الماضي، حذر بن غفير من أن الحكومة ستتهاون مع حماس في غزة وأنه لن يكون أداة طيعة توافق على سياسات لا يرضاها.
وأشار إلى أن حزب القوة اليهودية الذي يتزعمه قد ينسحب من الائتلاف الحكومي، في خطوة قد تدفع نحو إجراء انتخابات مبكرة.
وقال للصحفيين في الكنيست يوم الإثنين الماضي إنه إذا انتهت الحرب قبل الأوان "لن تكون هناك حكومة".
وأظهر استطلاع للرأي نُشر في أوائل يناير كانون الثاني أن 15 بالمئة فحسب من الإسرائيليين يريدون بقاء نتنياهو في منصبه بعد انتهاء الحرب وهو ما يوضح أنه لم يتعاف مما أصابه من تدهور في شعبيته بعد هجوم حماس.
ولم يرد مكتب نتنياهو على طلب للتعليق على خططه الانتخابية في المستقبل. ونفى نتنياهو علنا اعتزامه القيام بأي تحركات سياسية، قائلا إن تركيزه الوحيد ينصب على الفوز بالحرب.
وأصدر نتنياهو بيانا يوم الأحد الماضي قال فيه إنه صمد في السابق أمام "ضغوط دولية وداخلية كبيرة" لمنع إقامة دولة فلسطينية كانت ستشكل "خطرا وجوديا على إسرائيل".
لكنه لم يعلن صراحة استبعاده الكامل لقيام دولة فلسطينية، وقال إن إسرائيل يتعين أن تحتفظ دائما بسيطرة أمنية كاملة على جميع الأراضي الواقعة غرب الأردن، وهو موقف سيصر عليه دوما "ما بقيت رئيسا للوزراء".
وأضاف "إذا كان لدى شخص ما موقف مختلف، فليظهر سمات القيادة ويعلن موقفه بصراحة لمواطني إسرائيل".
aXA6IDMuMTQxLjIwMS45NSA= جزيرة ام اند امز