إسرائيل و«الضم» بالضفة.. تحذير الإمارات يعقد موقف نتنياهو

وسط ضغوط من شركائه في اليمين المتطرف، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه مُحاصرًا، بين إرضاء الائتلاف الحاكم للحفاظ على حكومته ومنصبه، وبين المخاوف من ردود الفعل التي قد تعقد طموحاته الجيوسياسية.
هكذا تحدثت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية عن قرار ضم الضفة الغربية الذي رفع مؤخرا من جدول الأعمال بعد الخط الأحمر الإماراتي.
وكانت دولة الإمارات قد حذرت في 3 سبتمبر/أيلول الجاري، من أن أي ضم إسرائيلي في الضفة الغربية سيشكل "خطا أحمر" بالنسبة لها و"سيقوض بشدة ما تنطوي عليه اتفاقات إبراهيم".
ودعت لانا نسيبة وزيرة دولة بالإمارات، الحكومة الإسرائيلية إلى «وقف هذه الخطط»، مشددة على أنه «لا يجوز السماح للمتطرفين، من أي نوع، بإملاء مسار المنطقة. فالسلام يتطلب شجاعة ومثابرة ورفض السماح للعنف بتحديد خياراتنا».
فما خيارات نتنياهو؟
تقول الصحيفة البريطانية، إن نتنياهو يتعرض لضغوط ليكشف أخيرًا عن نواياه، ويرد بضم أجزاء من الضفة، على قرار بعض البلدان بالاعتراف بفلسطين مثل: المملكة المتحدة وفرنسا وكندا وأستراليا في الأيام المقبلة.
وبينما ستحظى هذه الخطوة بتأييد حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف قبل الانتخابات المقررة العام المقبل، لكنها ستؤدي أيضًا إلى توتر شديد في علاقات إسرائيل مع العالم العربي، وربما تؤدي إلى عقوبات من الدول الأوروبية، في وقت تواجه فيه إسرائيل عزلة متزايدة واتهامات بالإبادة الجماعية.
وقال وزير الخارجية جدعون ساعر في اجتماع للدبلوماسيين الإسرائيليين هذا الأسبوع إن الحكومة لم تتخذ قرارًا نهائيًا بشأن الضم، وفقًا لشخصين مطلعين على الوضع. لكن الضغط من اليمين المتطرف يتزايد.
وطرح وزراء الحكومة ثلاثة خيارات، علنًا وسرًا، في الأشهر الأخيرة، فوزير المالية القومي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، طالب علنًا بضم 82% من الضفة الغربية، واصفًا إياها بأنها وسيلة «لإزالة فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة نهائيا».
لكنّ مسؤولين ودبلوماسيين قالوا إن خيارات الحكومة قيد الدراسة كانت أقل شمولاً من موقف سموتريتش المتطرف.
وقال أشخاص مطلعون على المناقشات إن ساعر ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر أبلغا الدول التي تفكر في الاعتراف بفلسطين أن إسرائيل سترد بضم جزء من الضفة الغربية المعروف باسم المنطقة ج.
وتخضع هذه المنطقة، التي تمثل 60% من الضفة الغربية، للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية. كما استطلع ديرمر، المقرب من نتنياهو، آراء مسؤولين أمريكيين بشأن ضم إسرائيل لغور الأردن، وهي قطعة أرض أصغر تشكل الحدود بين الضفة الغربية والأردن.
وقال دبلوماسيون إن خيارًا ثالثًا أكثر محدودية يتمثل في ضم المستوطنات القريبة من الخط الأخضر الذي يفصل إسرائيل عن الضفة الغربية.
لكن في حين أن الضم من شأنه أن يهدئ حلفاء نتنياهو في الداخل، فإنه في الخارج سيثير ردود فعل عنيفة، ويُعقّد بعضًا من أكبر طموحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الجيوسياسية، بحسب الصحيفة البريطانية.
ردود عقابية
وقال دبلوماسيون أوروبيون إن عدة دول تدرس ردود فعل عقابية إذا نفذت إسرائيل شكلاً من أشكال الضم. وتشمل هذه الردود قيودًا على التجارة مع المستوطنات، وفرض المزيد من العقوبات على المستوطنين العنيفين، واعتماد رأي استشاري رسميًا أصدرته محكمة العدل الدولية العام الماضي، والذي أعلن أن احتلال إسرائيل غير قانوني.
لكن ربما يكون التأثير الأكثر ضررًا على مجموعة اتفاقيات التطبيع التي توسطت فيها الولايات المتحدة والتي أبرمت مع أربع دول عربية في عام 2020، والتي يعتبرها نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب أحد إنجازاتهما الرئيسية في السياسة الخارجية، وكانا يأملان في توسيع نطاقها لتشمل دولًا أخرى في المنطقة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.
وفي اليوم نفسه الذي اقترح فيه سموتريتش الاستيلاء على 82% من الضفة الغربية، قالت الإمارات - إن أي تحرك نحو الضم هو "خط أحمر" من شأنه "إنهاء السعي لتحقيق التكامل الإقليمي".
تحذير إماراتي صريح
وبعد التحذير الصريح غير المعتاد، تم رفع الموضوع من جدول أعمال اجتماع بين نتنياهو وكبار المسؤولين المقرر عقده في وقت لاحق من ذلك الأسبوع، حسبما قال شخصان مطلعان على الوضع. لكن دبلوماسيين قالوا إن التأثير طويل المدى لم يكن واضحًا.
وقال دبلوماسي عربي: «موقف الإمارات يلعب دورًا حقيقيًا. يأخذ الإسرائيليون هذا الأمر على محمل الجد... لكن على الحكومة أن تفعل شيئًا لقاعدتها الشعبية، وإلا ستفقد مبرر وجودها. سيكون قرارًا صعبًا عليهم».
ويرى بعض المراقبين أن ضم إسرائيل رسميًا للضفة الغربية، التي تخضع للاحتلال العسكري منذ عام 1967، ليس له أي مردود إيجابي.
ويشيرون إلى أن إسرائيل تتخذ خطوات تُعدّ ضمًا زاحفًا بحكم الأمر الواقع، مثل التوسع الهائل في المستوطنات - وهو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي - وتصعيد عمليات الاستيلاء على الأراضي.
وقال أمير أفيفي، مؤسس منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، وهو مركز أبحاث متشدد عمل على نماذج الضم، إنه يتوقع أن تشرع إسرائيل في المشروع في غضون العامين المقبلين - لكن بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTg5IA== جزيرة ام اند امز