4 أسباب للشرخ غير المسبوق بين إسرائيل ويهود أمريكا
الخلافات تتعلق بالتجنيد في الجيش الإسرائيلي، وسبل زرع الانتماء لإسرائيل، والصلاة المختلطة، وقانون اعتناق اليهودية.
عكست مسارعة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتوبيخ نائبته في وزارة الخارجية تسيبي حوتوبيلي الشرخ غير المسبوق الآخذ بالاتساع بين الحكومة الإسرائيلية ويهود الولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت حوتوبيلي شنت، في مقابلة تليفزيونية، هجوما على اليهود الأمريكيين باعتبارهم "لا يرسلون أبناءهم للمحاربة من أجل الدولة"، وأن "معظمهم يعيشون حياة مريحة للغاية ولا يفهمون ما هو شعور أن تتعرض لهجوم بالصواريخ".
ومثلت هذه التصريحات للكثير من اليهود الأمريكيين اجتيازا للخط الأحمر؛ فصدرت دعوات لإقالتها، حتى إن بعض التقارير الإسرائيلية قالت: إن نتنياهو يفكر جديا في ذلك.
ويحتفظ نتنياهو بحقيبة الخارجية إضافة إلى منصبه رئيسا للوزراء، في حين أن حوتوبيبي هي قيادية في حزب (الليكود) الذي يتزعمه.
وقال في بيان ردا على حوتوبيلي: "يهود أمريكا أعزاء علينا، وهم جزء لا يتجزأ من شعبنا ، لا مكان لمثل هذه التصريحات النارية وتصريحاتها لا تعكس المواقف الرسمية لدولة إسرائيل".
ولكن تصريحات حوتوبيلي لم تكن سوى حلقة في سلسلة حلقات من الخلاف المحتدم منذ عدة أشهر بين الحكومة الإسرائيلية ويهود الولايات المتحدة الأمريكية.
الصلاة المختلطة
وإضافة للخلاف حول التجنيد في الجيش فإن خلافات أخرى تتصاعد منذ يونيو/ حزيران الماضي، عندما رضخ نتنياهو للأحزاب المتدينة اليهودية، وألغى قرارا بالسماح بالصلاة المختلطة في حائط البراق، الذي يسميه اليهود حائط المبكى، غربي المسجد الأقصى.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قررت في يناير/كانون الثاني 2016 إقامة مساحة للصلاة التعددية في حائط البراق؛ ما تم اعتباره قرارا تاريخيا من قبل المجموعات الليبرالية ويهود الخارج فيما أدانه المتدينون اليهود.
ولكن ما لبث أن ألغاه نتنياهو ليشعل غضب اليهود الأمريكيين، فألغى مجلس الوكالة اليهودية عشاءً كان من المقرر أن ينظم في 26 يونيو/حزيران 2016 مع رئيس الوزراء الإسرائيلي
وفي اليوم نفسه، أصدر مجلس الوكالة اليهودية بيانا قال فيه: "إن قرارات حكومة إسرائيل تحمل في طياتها إمكانات عميقة لتقسيم الشعب اليهودي وتهديد الرؤية الصهيونية وحلم هرتزل وبن جوريون وجابوتنسكي بإقامة إسرائيل وطنا للشعب اليهودي بأكمله".
وأضاف: "سنواصل بناء ائتلاف واسع النطاق من إسرائيل، جنبا إلى جنب مع شركاء من جميع أنحاء العالم، الذين يهتمون بحماس بإبقاء شعبنا متحدا وملتزما بوحدة الشعب اليهودي".
قانون اعتناق اليهودية
كما يعارض اليهود الأمريكيون قانونا حول اعتناق اليهودية بموجبه لن يتم منح الجنسية الإسرائيلية ضمن قانون العودة لغير إسرائيليين اعتنقوا اليهودية تحت رعاية خاصة في إسرائيل.
وتقول الجماعات الليبرالية اليهودية إن القانون سيمنح الحاخامية الرسمية في إسرائيل، التي يسيطر عليها المتشددون، لأول مرة، السيطرة ليس فقط على من تعتبره الحاخامية يهوديا، بل من تعتبره إسرائيل مؤهلا لحق العودة.
ويسمح القانون الإسرائيلي بازدواج الجنسية؛ ما مكن الكثير من اليهود في العالم الحصول على الجنسية الإسرائيلية إضافة إلى جنسيتهم التي يحملونها.
التبرعات لا تكفي
وإضافة إلى هذين الأمرين فإن ثمة قطاعات واسعة في إسرائيل تميل إلى الرأي الذي عبرت عنه حوتوبيلي بأن الإسرائيليين هم من يدافعون عن إسرائيل بوجودهم فيها، في حين أن اليهود الأمريكيين يكتفون بتقديم التبرعات المالية لإسرائيل.
ولكن رئيس الوزراء ووزير الدفاع الأسبق إيهود باراك قال: "اليهود يرسلون أطفالهم للقتال، وبعضهم قاتل بنفسه".
وأضاف، في رد على مواقف نتنياهو وتصريحات حوتوبيلي: "علاقاتنا الحيوية مع جسدنا ودمنا ممزقة من قبل نتنياهو الضعيف واليمين المتطرف".
ودعا إلى إقالة حوتوبيلي بقوله: " اطردها".
واستنادا إلى الوكالة اليهودية فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي المكان الأكثر كثافة بعدد السكان اليهود بعد إسرائيل؛ إذ تصل أعدادهم إلى 5 ملايين و800 ألف نسمة.
وإضافة إلى عددهم الكبير فإن يهود الولايات المتحدة يملكون تأثيرا كبيرا على الإدارة الأمريكية والكونجرس؛ ما شكل درع حماية كبيرا لإسرائيل.
ترميم العلاقة
وإزاء تفاقم الأزمة فقد دعا الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، أمس الخميس، إلى ترميم العلاقة بين الحكومة الإسرائيلية واليهود الأمريكيين.
وقال في مراسم إحياء ذكرى الرئيس الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن جوريون: "لقد حان الوقت لتحالف متجدد، من أجل لغة مشتركة، بين إسرائيل والشتات، قبل فوات الأوان".
وفي إشارة إلى قوة اليهود الأمريكيين قال ريفلين: "اليهود الأمريكيون أقل تقليدية مما كانوا عليه في الماضي، وأكثر مشاركة بعمق في مختلف قطاعات القيادة الأمريكية".
وعن طبيعة العلاقات المستقبلية قال: "المجتمع اليهودي في أمريكا يتوق إلى إقامة علاقة مع إسرائيل، ولكنه يريد علاقة متساوية، وليس عملا خيريا من جهة وإعجاب أعمى من جهة أخرى، لذلك يجب أن نبدأ طريقا جديدا: ألا تكون علاقة صداقة، بل التزاما مشتركا بالعدالة، بالمسؤولية المتبادلة بين اليهود والمسؤولية الإنسانية".
وحاول السفير الأمريكي السابق في إسرائيل دانيال شابير، الذي يقيم حاليا في إسرائيل، تفسير العلاقة بين يهود إسرائيل ويهود أمريكا بقوله: "من المفهوم أن اليهود الإسرائيليين واليهود الأمريكيين لا يمكن أن يرتبطوا بشكل كامل بتجارب بعضهم البعض، ففي نهاية الأمر نحن نعيش في سياقات مختلفة تماما، ولكن إذا ما كان هناك خطر من انحراف المجتمعين بعيدا، فإن مسؤولية منع هذا الانجراف تقع على عاتق كلا الطرفين".
وأضاف شابيرو، وهو يهودي أمريكي: "العديد من المجتمعات اليهودية الأمريكية تشارك في مبادرات مهمة لتثقيف أعضائها، وخاصة جيل الشباب، عن إسرائيل، من خلال السفر والدراسة وتعليم العبرية والمخيمات.. إلخ. هل هناك حاجة لما هو أكثر؟ بالتأكيد، وينبغي على إسرائيل أيضا أن تعطي الأولوية لتحسين فهم قادتها ومواطنيها للجالية اليهودية الأمريكية".
وقال: "لقد كانت هذه هي دائما نصيحتي للوزراء الإسرائيليين عندما كنت سفير الولايات المتحدة: هناك أهمية استراتيجية، وأخلاقية، للقيام بهذا الأمر بشكل صحيح ، حيث إن ضررا استراتيجيا من المحتمل أن يحصل إذا ما وقع خطأ".