انتصار بدون حسم.. قصة تحول نتنياهو من منتصر لمأزوم
مع بدء الفرز الحقيقي لأصوات الناخبين في ساعات نهار يوم الثلاثاء بدأت الأمور تنحى شيئا فشيئا إلى غير صالح بنيامين نتنياهو
لم تكد تمضي ساعة على نشر محطات تلفزيونية عبرية، مساء الإثنين، نتائج عيناتها للانتخابات العامة حتى سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إعلان النصر.
في حينه كانت العينات تشير إلى أن كتلة اليمين، التي يقودها نتنياهو، ستحصل على 60 من مقاعد الكنيست الإسرائيلي الـ120 مع حصول حزبه "الليكود" على العدد الأكبر.
المقربون من نتنياهو الذين احتشدوا في قاعة كبيرة بمدينة تل أبيب للاحتفال بالنصر، قالوا إن النتائج النهائية سترفع عدد مقاعد اليمين إلى 61 وهو العدد المطلوب لتشكيل حكومة.
وفي أسوأ الأحوال سرب المقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه سيقنع نائب أو أكثر من المعارضة بالانضمام إلى كتلة اليمين مقابل حقائب وزارية.
ومع ساعات فجر الثلاثاء، كان نتنياهو يتحدث بحماسة إلى مؤيديه معلنا أنه بصدد تشكيل حكومة ستضم غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية.
لم يكن رئيس حكومة الاحتلال هو وحده من صدق الفوز وإنما أيضا الصحف الإسرائيلية نفسها، إذ عنونت "يديعوت أحرونوت"، واسعة الانتشار، على صورة كبيرة لنتنياهو وهو يلتقط صورة سيلفي (انتصر)، أما "إسرائيل اليوم" فقد نشرت صورة له وهو يقبل زوجته سارة بعنوان "الشعب قال كلمته".
وبموازاة ذلك فإن زعيم المعارضة ورئيس حزب أزرق أبيض، بيني جانتس، لم يخف ألمه من النتائج في وقت اتهمه فيه عمير بيرتس، زعيم حزب العمل، وأيمن عودة، رئيس القائمة العربية المشتركة بالفشل.
ولكن مع بدء الفرز الحقيقي لأصوات الناخبين، في ساعات نهار يوم الثلاثاء، بدأت الأمور تنحى شيئا فشيئا إلى غير صالح نتنياهو.
فنتائج فرز الأصوات في ذلك اليوم جعلت قوة اليمين الإسرائيلي تتأرجح ما بين 59 و60 مقعدا.
سارع نتنياهو إلى عقد اجتماعات مع قادة الأحزاب اليمينية الفائزة الذين قالوا بعد اجتماعهم معه إن المقاعد الـ61 المطلوبة في متناول اليد ولكن دون مزيد من التفسير.
إلا أن نتائج التصويت كانت تشير بوضوح إلى تأرجح الأصوات ما بين "الليكود" والقائمة العربية، وهي ائتلاف 4 أحزاب عربية، فكلما ارتفع عدد مقاعد النواب العرب انخفضت حصة "الليكود" والعكس صحيح.
وربما ما فسر هذا الهجمة التي شنها بنيامين نتنياهو لاحقا على الأحزاب العربية.
وبحلول مساء الثلاثاء وصباح الأربعاء، كان واضحا أن نتنياهو يبتعد أكثر فأكثر عن حلم تشكيل الحكومة مع ثبات عدد مقاعد كتلة اليمين على 58 مقعدا.
انتصار بدون حسم
صحيفة "يديعوت أحرونوت" عادت بعد عنوانها القوي "انتصر"، لتعكس واقع الحال الجديد لنتنياهو لتكتب عنواناً جديداً يوم الأربعاء وهو "انتصار بدون حسم"، فرئيس الوزراء الإسرائيلي رفع حزبه إلى المرتبة الأولى لكنه لم يتمكن من حسم 61 صوتا لتشكيل الحكومة.
وكتبت الصحيفة قائلة: "السؤال الذي يشغل رأس نتنياهو: كيف نصل إلى 61؟".
حتى الآن، ومع نشر النتائج النهائية للانتخابات الإسرائيلية، مساء الخميس، فإن ليس ثمة إجابة عن هذا السؤال.
ويجمع المراقبون في إسرائيل على أن نتنياهو في أزمة حقيقية لعدم وجود مخارج ملموسة تمكنه من تشكيل الحكومة.
4 سيناريوهات
بات نتنياهو أمام 4 سيناريوهات؛ أولها تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حزب "أزرق أبيض"، ولكن بيني جانتس أغلق الطريق أمام هذه الإمكانية برفضه التحالف مع "الليكود" ما دام بنيامين على رأسه.
أما السيناريو الثاني فهو إقناع زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان بالانضمام إلى الائتلاف اليميني وهو ما بدا بعيدا جدا بعد تبادل الاتهامات بينه وبين "الليكود".
والسيناريو الثالث هو محاولة اليمين إقناع 3 من نواب المعارضة بالانضمام إلى الائتلاف اليميني دون ظهور مؤشرات واقعية على فرص هذا الأمر، وإن كانت المحاولات ما زالت مستمرة في سرية.
ويعيد السيناريو الرابع الأمور إلى صناديق الاقتراع بإجراء انتخابات رابعة بعد عدة أشهر، ولكنها أيضا غير مضمونة النتائج.
وكانت انتخابات جرت في أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول الماضيين، قبل الانتخابات الثالثة التي جرت يوم 2 مارس/آذار الجاري.
تحرك على مسارين لإقصاء نتنياهو
ومع انتعاش معسكر المعارضة بالنتائج، فإنه بدأ تحرك على مسارين قد يكون من شأنه إخراج نتنياهو من المشهد السياسي، الأول وهو مسعى جانتس للحصول على توصية من جميع الأحزاب المعارضة إلى الرئيس الإسرائيلي لتكليفه بتشكيل الحكومة.
ولدى "أزرق أبيض" و"العمل-جيشر-ميرتس" و"إسرائيل بيتنا" والقائمة المشتركة 62 مقعدا بالكنيست الإسرائيلي.
ويبدأ الرئيس الإسرائيلي خلال الأسبوع المقبل المشاورات مع قادة الأحزاب الفائزة بالانتخابات للاستماع منها إلى توصياتها عن النائب الذي سيكلفه بتشكيل الحكومة.
وثمة تناقضات واسعة ما بين أحزاب المعارضة، ولكن ما يجمعها هو أمر واحد وهو إسقاط نتنياهو.
وسرب مقربون من ليبرمان، مساء الخميس، لوسائل الإعلام بأنه يعتزم توصية الرئيس الإسرائيلي بتكليف جانتس بمهمة تشكيل الحكومة.
ويقول النواب العرب إنه في حال أبدى جانتس استعدادا للسلام مع الفلسطينيين فإنهم سيوصون الرئيس الإسرائيلي بتكليفه بتشكيل الحكومة.
وبانتظار مشاورات الرئيس الإسرائيلي، فإن أحزاب المعارضة أعلنت مسعاها للدفع باتجاه مشروع قانون يمنع تكليف شخص متهم بالفساد بتشكيل الحكومة أو رئاستها.
وفي ظل وجود 62 مقعدا للمعارضة في البرلمان الإسرائيلي فإن فرص اعتماد القانون تبدو واقعية.
وستتضح فرص هذا التحرك بعد عودة الكنيست الإسرائيلي للعمل في السادس عشر من شهر مارس/آذار الجاري.
وللمفارقة، فإن بدء عمل الكنيست سيكون قبل يوم واحد من انطلاق محاكمة نتنياهو بتهم الاحتيال والفساد وإساءة الثقة بالمحكمة المركزية الإسرائيلية % aXA6IDMuMTQ5LjIzNC41MCA= جزيرة ام اند امز