أزمة الإسكان في هولندا.. مهاجرون تحت الضغط

تتجه هولندا إلى الانتخابات العامة خلال أسبوعين بينما يزداد الجدل بشدة حول أزمة إسكان «بسبب المهاجرين».
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن أزمة الإسكان تبرز كواحدة من القضايا التي تشغل بال الناخبين، وسط تصاعد أصوات اليمين المتطرف، ممثلاً بحزب "من أجل الحرية" (PVV) الذي يحمّل المهاجرين مسؤولية هذه الأزمة.
وفي أحياء روتردام، بدأت السلطات المحلية حملة ميدانية للتصدي لعقود الإيجار غير القانونية، والظروف السكنية الرديئة، والإيجارات الاستغلالية التي يواجهها الآلاف من العمال المهاجرين. كان من بين من طرق المتطوعون أبوابهم، كارلوس فرنانديز، العامل البرتغالي في صناعة اليخوت الفاخرة، الذي اكتشف أنه يدفع أكثر من المسموح به قانونياً مقابل شقته. قال: "عثرنا على الشقة وانتقلنا، لكن الإيجار يجب أن يكون بين 800 و1115 يورو، ونحن ندفع 1380 يورو".
إيجار باهظ
في المنزل المقابل، اكتشفت تامارا وانكر، مديرة السياسات السكنية في المدينة، أربعة عمال بولنديين يدفع كل منهم 450 يورو شهرياً، أي ضعف الإيجار القانوني المسموح به. وقالت "نسميهم سكان روتردام الجدد، وهم يستحقون سكناً مثل الجميع".
لكن الواقع غالباً ما يكون عكس ذلك، بحسب راينير فان أوفريستيج، منسق تنفيذ القوانين في المجلس البلدي. وقالت للغارديان "نرى أحياناً ستة أشخاص يعيشون في شقة صغيرة، يتبادلون النوم على نفس السرير... البيوت سيئة الصيانة، ويُخصم من رواتبهم مقابل الإيجار، ثم يُطردون فور انتهاء العمل."
ورغم أن البيانات الرسمية تشير إلى أن 12% فقط من المهاجرين الجدد في العام الماضي كانوا من طالبي اللجوء، فيما الأغلبية جاءوا للعمل في قطاعات مثل الزراعة والتوزيع، فإن اليمين المتطرف بقيادة غيرت فيلدرز يواصل تحميلهم مسؤولية نقص المساكن. في المقابل، يرى الخبراء أن هؤلاء العمال هم من أبرز ضحايا الأزمة، لا سببها.
وأشار الأستاذ بيتر بولهور، من جامعة TU Delft، إلى وضع العمال الموسميين في منطقة وستلاند، حيث يُجبر الكثير منهم على السكن في ظروف بائسة بمدن مثل لاهاي.
وضع مأساوي
وقال بولهور "النقص في المساكن يبلغ 400 ألف وحدة، ويرجع إلى عدة عوامل منها تراجع البناء منذ أزمة 2008 وارتفاع عدد المسنين الذين يعيشون بمفردهم."
وفي عام 2023، أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالسكن أن أزمة الإسكان في هولندا "نتيجة لعقود من السياسات الخاطئة"، مؤكدة أن "الهجرة ليست السبب الحقيقي".
ورغم أن هولندا تملك أكبر قطاع إسكان اجتماعي في أوروبا، فإن الدعم الضريبي لأصحاب المنازل (57% من السكان) يفاقم عدم المساواة ويؤثر سلباً على سوق الإيجار، خاصة بالنسبة للشباب والمهاجرين.
بينما تقترح بعض الأحزاب تقليص الاعتماد على العمالة الأجنبية، يرى خبراء أن هذا النقاش لا يمكن أن يتم بمعزل عن إعادة النظر في مزايا العمل الحالية مثل سن التقاعد وساعات العمل. قال البروفيسور بول دي بير: "لا يمكن مناقشة تقليص العمالة الأجنبية دون الحديث عن العمل أكثر ولفترة أطول... وهذا نقاش لم يبدأ بعد."
وفي روتردام، حيث تواصل البلدية التركيز على تطبيق القوانين الجديدة لحماية المستأجرين، قالت نائبة رئيس البلدية شانتال زيغرز: "رأينا كثيرين يدفعون مبالغ طائلة مقابل مساكن صغيرة ومهترئة. الآن، أصبح لدينا الأدوات القانونية للتدخل".