6 معلومات عن الحكومة الجزائرية الجديدة
"العين الإخبارية" تستعرض أبرز ملامح حكومة الجزائر الجديدة؛ بينها وزراء من عهد بوتفليقة ووزير "رافض لتبون" وأول وزيرة محجبة وأصغر وزير.
عقدت، الأحد الماضي، الحكومة الجزائرية الجديدة أول اجتماع لها برئاسة رئيس البلاد عبدالمجيد تبون ورئيس الوزراء عبدالعزيز جراد، بعد أن تسلم جميع الوزراء الجدد مهامهم، السبت، من سابقيهم.
واتسمت الحكومة الجزائرية الجديدة بغلبة الطابع الأكاديمي عليها، في محاولة لتحقيق وعود تبون بأنها ستضم كفاءات وتتيح الفرصة للشباب، فضلاً عن وجود وزراء سابقين من عهد بوتفليقة.
وحدد أول اجتماع للحكومة الجزائرية الجديدة "سياستها العامة" في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في انتظار عرضها على غرفتي البرلمان (مجلس الأمة والمجلس الشعبي) لمناقشتها والمصادقة عليها، طبقاً لأحكام الدستور.
وأعلنت الرئاسة، الخميس الماضي، عن التشكيلة الوزارية التي ضمت 39 وزيراً بينهم 5 نساء، واستحداث وزارات جديدة، تميزت ببقاء وعودة وجوه قديمة من حكومات بوتفليقة، وبروز أسماء أخرى أحدث تعيينها مفاجأة للمتابعين، لمواقفها السياسية المعارضة لنظام بوتفليقة أو حتى الرافضة لإجراء انتخابات الرئاسة الأخيرة، بالإضافة إلى تخصصاتها.
ورغم الترحيب الواسع بـ"نوعية الوزراء الجديد"، إلا أن عدد الوزارات واستحداث أخرى جديدة قوبل بمواجهة انتقادات، واعتبر خبراء أن 39 وزارة "يتناقض مع تصريحات الرئيس الجزائري التي أقر فيها بوجود أزمة اقتصادية"، وهو ما يعني – بحسبهم – أن "الوضع الاقتصادي كان يتطلب تقليص عدد الوزارات.
كان الرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون قد تعهد في خطاب تنصيبه بأن تكون حكومته "من الكفاءات وأن يمنح للشباب فرصة فيها"، وربط ذلك بـ"إحداث القطيعة مع ممارسات النظام السابق".
وأثارت أسماء الوزراء الجديد اهتماماً لافتاً من قبل الجزائريين الذين تفاعلوا مع عدة أسماء صنعت الحدث في أوقات سابقة من عهد نظام بوتفليقة أو خلال الحراك الشعبي، كما اعتبر آخرون أن "تركيز تبون على الكفاءات الأكاديمية مؤشر على بداية التغيير في نمط تسيير الحكم بالجزائر"، فيما دعا آخرون إلى "انتظار الأفعال".
وتنتظر الحكومة الجزائرية الجديدة، وفق المراقبين، عدة تحديات، أبرزها "استعادة ثقة الشارع استكمال محاربة الفساد، والحوار مع الحراك الشعبي والمعارضة، وتعديل الدستور وقانون الانتخاب، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الذي أولى له تبون أهمية كبيرة في برنامجه الانتخابي".
ويرى متابعون للمشهد السياسي بالجزائر، أن أول حكومة بعد الحراك الشعبي ستكون في "مهمة حرجة" كونها "ستكون تحت أنظار شارع بات فاعلاً أساسياً في التحولات السياسية ومراقباً دقيقاً للوضع".
وفي هذا التقرير، تستعرض "العين الإخبارية" أبرز 6 معلومات عن الحكومة الجزائرية الجديدة التي يقودها عبدالعزيز جراد، أول رئيس وزراء في عهد عبدالمجيد تبون.
وزراء بوتفليقة
من أصل 39 وزيراً جديداً، احتفظ 7 وزراء من "الحكومات السابقة" على مناصبهم في الحكومة الجزائرية الجديدة وهم وزراء: الخارجية والعدل والداخلية والطاقة وقدماء المحاربين والشؤون الدينية والفلاحة.
وسجلت حكومة عبدالعزيز جراد، عودة 4 وزراء من عهد الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، بشكل مفاجئ، ويتعلق الأمر بوزير المالية عبدالرحمن راوية، ووزير الصيد البحري سيد أحمد فروخي، ووزير السياحة حسان مرموري، وبشير مصيطفى، الوزير المنتدب المكلف بالإحصائيات والاستشراف.
وأشار خبراء لـ"العين الإخبارية" إلى أن عودة هؤلاء الوزراء يحمل عدة دلالات؛ أبرزها: "عدم تورطهم في قضايا فساد خلال توليهم مناصب وزارية في عهد بوتفليقة، ومواقفهم التصادمية والمعارضة لسياسات الحكومة، وهم على رأس الوزارات، إضافة إلى تعهد تبون بإعادة الاعتبار للمظلومين من قبل نظام بوتفليقة".
ويعد وزير الصيد البحري سيد أحمد فروخي واحداً من أبرز الشخصيات التي "تمردت" على حزب "جبهة التحرير" الجزائري، الذي كان أكبر داعمي بوتفليقة، إذ أعلن استقالته منه ومن البرلمان في 4 مارس/آذار الماضي، بعد إصرار الحزب على ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، وأول من "فجر فضيحة الرشاوى داخل الحزب في الحملات الانتخابية".
كما أن حسان مرموري، الذي عاد إلى وزارة السياحة الجزائرية، وهو أحد أعضاء حملة تبون الانتخابية، كان "من الوزراء المغضوب عنهم من قبل السعيد بوتفليقة وأحمد أويحيى" كما ذكرت وسائل إعلام محلية.
وشهدت الجزائر "تعديلاً وزارياً جزئياً" في أبريل/نيسان 2018 بهدف "إقالة مرموي" من وزارة السياحة بعد 8 أشهر فقط من توليه المنصب، وكشف الإعلام المحلي حينها عن الأسباب التي عجلت حينها بإقالة وزير السياحة الذي دخل في صراع مع الرجل النافذ حميد ملزي المدير الأسبق "لإقامة الدولة"، الذي كان مشرفاً على تسيير الفنادق والمنتجعات السياحية، الذي كان من أكثر المقربين من رئيس جهاز المخابرات الأسبق الفريق محمد مدين.
وفيما يتعلق بالوزير بشير مصيطفى، فذكرت مصادر إعلامية محلية أن إعادته مرتبط بخبرته وبحوثه الأكاديمية عن الاستشراف الاقتصادي، وهي الوزارة التي رافع تبون خلال حملته الانتخابية لإعادتها، وأكد أن كثيراً من المؤشرات الاقتصادية التي كانت تقدمها الحكومات السابقة "مشكوك فيها ومغلوطة" بينها نسب التضخم التي قال إنها في مستويات قياسية.
بينما لم تتضح أسباب إعادة عبدالرحمن راوية إلى وزارة المالية التي تعتبر من أهم الوزارات بالجزائر، خاصة أنه كان "المشرف المباشر على نمط التمويل غير التقليدي وإعادة طبع النقود" التي أقرها رئيس الوزراء الأسبق أحمد أويحيى، وفتح القضاء الجزائري تحقيقاً معمقاً فيها بعد أن تأكد إعادة طبع ما قيمته 55.5 مليار دولار منذ نهاية 2017.
وسبق لمصادر إعلامية أن تحدثت عن خلافات بين راوية وأويحيى حول طريقة تطبيق تلك السياسة، حيث كان يصر أويحيى أن توجه تلك الأموال المطبوعة لجميع النفقات العامة بما فيها المشاريع، بينما رافع راوية على ضرورة المراقبة الصارمة لوجهتها، ودعا إلى صرفها في المشاريع الاستراتيجية.
وبعد سنوات من الغموض حول أسباب إصرار حكومة أحمد أويحيى على سياسة إعادة طبع النقود وحديثه عن نفاد احتياطات البلاد من العملة الصعبة، أظهرت التحقيقات القضائية والأمنية أن "النافدين في عهد بوتفليقة حاولوا تغطية الثغرات المالية الهائلة نتيجة الفساد ونهب المال العام بإعادة طبع النقود بشكل أغرق السوق المحلية وتسبب في ركود اقتصادي غير مسبوق".
حكومة الأكاديميين
في سياق متصل، سجل المتابعون واحدة من أبرز الملاحظات على الحكومة الجزائرية الجديدة، حيث فضل عبدالمجيد تبون الاعتماد في تشكيلة الحكومة على البعد الأكاديمي بدلاً من الجغرافي، بينما وصفها آخرون بـ"حكومة الأكاديميين بعد سنوات من حكومات المحافظين".
وبحسب السير الذاتية لوزراء الحكومة الجزائرية، فقد قارب عدد من الأكاديميين فيها نحو نصف عددها البالغ 39 وزيراً، بينهم وزراء: الصحة والتربية والعليم والتعليم العالي والبحث العلمي (الجامعات) والشؤون الدينية والأوقاف.
وانقسمت ردود الفعل الشعبية والسياسية بين من اعتبرها "حكومة متوازنة لا تضم وجوهاً مكررة، ومؤشراً على بداية التغيير الفعلي من خلال التركيز على الكفاءات التي يحتاجها كل قطاع"، بينما يرى آخرون أنها "حكومة إرضاء لمعارضين للانتخابات الرئاسية، وتركيزاً على أكاديميين لا يملكون الخبرة في تسيير قطاعات بكاملها".
إلغاء منصب نائب وزير الدفاع
من بين المفاجآت التي حملتها أول حكومة في عهد تبون، إلغاء منصب نائب وزير الدفاع الجزائري، الذي كان يقوده قائد الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح، ولم يسلم لخلفه بالنيابة اللواء السعيد شنقريحة.
وأدرج الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة المنصب نفسه عام 2005، الذي شغله حينها اللواء عبدالمالك قنايزية، قبل أن يتسلمه الراحل قايد صالح في 2013.
ورأى متابعون للشأن السياسي الجزائري أن لإلغاء المنصب "دلالة سياسية واضحة" جاءت بعد الاتفاق مع المؤسسة العسكرية، تضمنت رسالة للحراك الشعبي بأن "الجيش بات أكثر بعداً عن السياسة" بعد أن قرأ متابعون منصب نائب وزير الدفاع بمثابة "الدمج بين وظيفتين عسكرية وسياسية".
أصغر وزير
سجلت حكومة الجزائر الجديدة تعيين "ثاني أصغر وزير" في تاريخ البلاد صاحب الـ26 عاماً بعد عبدالعزيز بوتفليقة الذي شغل منصب وزير للشباب والرياضة وعمره 25 عاماً بعد استقلال الجزائر عام 1962 في عهد الرئيس الأسبق الراحل أحمد بن بلة.
ويتعلق الأمر بـ"ياسين وليد" الوزير المنتدب المكلف بالمؤسسات الناشئة التابعة لوزارة الصناعة والمناجم، المولود بتاريخ 13 يونيو/حزيران 1993 بمحافظة معسكر (غرب)، وحاصل على شهادة الطب عام 2018.
ويعود اختيار وليد بحسب المتابعين إلى المناصب التي شغلها، حيث أسس شركتين "ناشئتين" في عام واحد بمجال الاتصالات عام 2019.
وزارة "الحاضنات"
ومن بين الوزارات الجزائرية التي أثارت الكثير من الجدل لدى الرأي العام هي "وزارة منتدبة للحاضنات" تابعة لوزارة الصناعة والمناجم، كلف بها نسيم ضيافات الذي يملك خبرة في مجال شركات الاتصالات والمقاولاتية والابتكار.
وجاء استحداث تلك الوزارة بناء لتنفيذ التعهدات التي قدمها الرئيس الجزائري في حملته الانتخابية بدعم المؤسسات الخاصة للشباب، بينما أثارت تسمية "الحاضنات" سوء فهم وصدمة في الشارع الجزائري، إلى حد وقع أحد نواب البرلمان في حرج مع إحدى القنوات المحلية.
وأشار خبراء وأخصائيون لـ"العين الإخبارية" إلى أن الوزارة الجديدة تختص بـ"حاضنات الأعمال التي باتت منتشرة بشكل واسع في عدة دول بينها الجزائر".
بينما يقصد بـ"الحاضنات" "ذلك التنظيم القانوني واللوجستي المرن الذي يحتضن أعمال الشركات الجديدة، من خلال توفير الإطار القانوني والاقتصادي لها، وتكون على شكل برامج حكومية لمساعدة الشركات الصغيرة، للحصول على فرص المنافسة وعدم الوقوع في الإفلاس".
أول وزيرة محجبة
كذلك عيّن الرئيس الجزائري النائبة والقانونية بسمة عزوز (37 عاماً) في منصب "وزيرة مكلفة بالعلاقات مع البرلمان"، لتكون بذلك "أول وزيرة محجبة" في تاريخ الجزائر.
و"عزوز" نائبة برلمانية عن حزب "جبهة المستقبل" الذي يرأسه المرشح السابق لانتخابات الرئاسة عبدالعزيز بلعيد، وهي أول مشاركة لحزبه في الحكومة الجزائرية منذ تأسيس حزبه عام 2012.
وعرفت الوزيرة الجديدة لدى الرأي العام الجزائري من خلال مواقفها المعارضة في البرلمان الجزائري خلال السنوات الأخيرة، التي أحرجت من خلالها الوزراء السابقين في عهد بوتفليقة، خاصة رئيس الوزراء الأسبق أحمد أويحيى.
معارضون في الحكومة
من أكثر المفارقات التي أثارت الكثير من الجدل بالجزائر، قبول شخصيات معارضة الحقائب الوزارية، بعد أن شاركوا في المظاهرات الرافضة للانتخابات الرئاسية، وأعلنوا "عدم اعترافهم بشرعية الرئيس المنتخب عبدالمجيد تبون".
ومن تلك الأسماء بشير يوسف سحايري الممثل المشهور وبطل المسلسل الدرامي "أولاد الحلال" الذي بث رمضان 2018 وحقق نسب مشاهدة قياسية، والذي عين في منصب "كاتب الدولة المكلف بالصناعة السينماتودرافية" (وكيل وزارة).
وأعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي نشر تغريدات سابقة عن مواقفه الرافضة للانتخابات الرئاسية وحتى "التشفي في وفاة قائد الجيش" كما أبرزته أحد منشوراته، كما علق على نتائج الانتخابات الرئاسية عبر صفحته الخاصة على "فيسبوك" بالقول: "الجزائر مرة أخرى بدون رئيس"، و"تبون ليس رئيسي"، وصورة له كتب عليها "لا أنتخب مع العصابات".