تهديد بيولوجي جديد.. ذباب آكل للحم يزحف نحو حدود أمريكا

أطلقت السلطات الأمريكية والمكسيكية تحذيرات عاجلة بعد اكتشاف انتشار نوع خطير من الذباب يُعرف باسم "ذباب اللولب الجديد".
وهذا الذباب هو طفيلي آكل للّحم بدأ في الاقتراب من الحدود الأمريكية عبر نفس المسار الذي سلكه ملايين المهاجرين غير النظاميين من أمريكا الجنوبية.
وهذا النوع من الذباب يضع مئات البيوض داخل الجروح المفتوحة لدى البشر والحيوانات، وتفقس اليرقات خلال ساعات لتبدأ باستهلاك أنسجة الضحية الحية، مسببة جروحا عميقة ومؤلمة، وفي حالات كثيرة قد تؤدي إلى الوفاة إذا لم تُعالج بسرعة.
وسجلت المكسيك عدة حالات إصابة في ولاياتها الجنوبية مثل تشياباس وأواكساكا وفيراكروز، وهي مناطق تُعد جزءا من "طريق القوافل" التي سلكها مهاجرون في رحلتهم إلى الولايات المتحدة خلال العقد الماضي.
تهديد يلوح في الأفق
يحذر الباحثون من أن السيطرة على هذا النوع من الذباب قد تصبح مستحيلة إذا تجاوز الحدود ووصل إلى الجنوب الأمريكي، خاصة في ظل التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة الذي يوفر بيئة مثالية لتكاثره. وتشير دراسات إلى أن ولايات مثل تكساس وفلوريدا ولويزيانا قد تواجه تفشيا للطفيلي بحلول عام 2055، ما يشكل خطرا كبيرا على الثروة الحيوانية، وخاصة الأبقار.
ويُتوقع أن يؤدي انتشار الذباب إلى ارتفاع كبير في أسعار اللحوم ومنتجات الألبان، خصوصا أن ولاية تكساس وحدها تحتضن 14% من إجمالي الثروة الحيوانية في الولايات المتحدة.
تاريخ مع المرض وعودة محتملة
سبق أن عانت الولايات المتحدة من هذا الذباب في أوائل القرن العشرين، حيث تسبب في خسائر قُدرت بـ200 مليون دولار آنذاك (تعادل 1.8 مليار دولار اليوم)، لكن جهودامشتركة بين الحكومة الفيدرالية والولايات أدت إلى القضاء عليه نهائيا عام 1982، من خلال تعقيم الذكور باستخدام أشعة غاما.
لكن الذباب عاود الظهور في أمريكا الجنوبية، واخترق حاجز الحماية عند "داريين غاب" بين كولومبيا وبنما عام 2022، وهو نفس المعبر الذي عبر منه أكثر من 1.2 مليون مهاجر بين عامي 2021 و2024، ما خلق بيئة خصبة لتفشي اليرقات نتيجة الجروح المفتوحة المنتشرة بين المهاجرين.
إصابات بشرية في المكسيك
في أبريل/ نيسان الماضي، تم تسجيل أول إصابة بشرية مؤكدة في ولاية تشياباس لامرأة تبلغ من العمر 77 عاما، وتم علاجها باستخدام المضادات الحيوية. وفي مايو/ أيار، أُصيب رجل يبلغ من العمر 50 عاما بنفس اليرقات بعد أن عضّه كلب، مما تسبب في جرح مفتوح تطفّلت عليه الحشرات.
وعبّر خبراء أمريكيون عن قلقهم من الأثر الاقتصادي والبيئي المحتمل لوصول هذا الطفيلي إلى داخل الولايات المتحدة. وقالت الدكتورة جينيفر كوزيول، الأستاذة المساعدة بكلية الطب البيطري في جامعة تكساس: "يمكن أن يتسبب في خسائر كبيرة، ليس فقط في الماشية، بل في الحياة البرية أيضا."
وفي 27 مايو 2024، أعلنت وزيرة الزراعة الأمريكية، بروك رولينز، عن اتفاقية تعاون بقيمة 21 مليون دولار مع الحكومة المكسيكية لإعادة تفعيل برنامج تعقيم الذباب، عبر تحديث منشأة في منطقة "ميتابا" بالمكسيك لتنتج ما بين 60 و100 مليون ذبابة معقمة أسبوعيا باستخدام الإشعاع.
ويُنتظر أن يؤدي إطلاق هذه الذبابات إلى تقليل تكاثر الحشرة تدريجيا، ومنعها من غزو الشمال.
السباق مع الزمن
ورغم هذه الجهود، حذر الخبراء من أن الوقت يداهم السلطات. وقال البروفيسور فيليب كوفمان، من جامعة تكساس إيه آند إم: "النجاح يعتمد على إنتاج عدد كافٍ من الذباب المعقّم، وتوزيعه في الأماكن المناسبة وفي الوقت المناسب. وإذا ما تجاوز الذباب المضيق الجنوبي في المكسيك، فإن احتواءه سيصبح أكثر صعوبة".