حي "شبرا" القاهري التاريخي.. في كتاب جديد

كتاب جديد يرصد تاريخ واحد من أشهر وأقدم الأحياء المصرية، وذلك في قالب تاريخي وحكائي لاسيما ما يتعلق بخصوصيته التعددية الحاضنة لجاليات أجنبية تأثرت بإقامتها في هذا الحي وأثرت تباعا فيه
يظل حي شبرا القاهري أحد أكثر الأحياء إلهاما للكتابة والبحث، ويصب كتاب "شبرا - إسكندرية صغيرة في القاهرة" للدكتور محمد عفيفي رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة القاهرة والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الأسبق في هذا الإطار.
يتكئ عفيفي في كتابه الذي يصدر قريباً عن الهيئة العامة المصرية على حنين نشأته في حي شبرا العريق، بكل ما فيه من تعددية ثقافية وتعايش ديني رحب بين المسلمين والمسيحيين. وقد دوّن على غلاف الكتاب "شبرا هذا الحي العجيب الذي ولدت وعشت فيه.. شبرا حيث اعتدت أن يصحيني والدي في الأعياد "ليعيد" على صديقه فرانك جرجس".
حي شبرا هو أحد أكبر أحياء القاهرة ويعرف بحيويته الشديدة وقد أنشأه محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة عام 1809، و رتبط الحي بشكل خاص بالطبقة الوسطى، ومن خصوصيته كذلك انه يعيش به نسبة عالية من الأقباط المسيحيين، ويضم معالم تاريخية مهمة من أبرزها كنيسة سانت تريزا، وقصر محمد علي، ومسجد الخازندار، وقصر طوسن باشا.
يعرج الكتاب على الجاليات الأجنبية التي كانت تقطن شبرا وأبرزها الجاليتين اليونانية والإيطالية ما منح الحي المصري العريق بعدا "كوزموبوليتيا" عالميا كمدينة الإسكندرية الساحلية.
يستشهد الكتاب برواية "شبرا" التي تدور في فترة الخمسينات للأديب نعيم صبري، و ترصد ظاهرة هجرة الأجانب من شبرا، ومن مصر بشكلٍ عام. وتشكل الرواية مرثية لكيفية فقدان شبرا لظاهرة من أهم الظواهر التي عرفتها وهي "الإخاء" على حد تعبير الكاتب، وتنتهي روايته بقصيدة شعر عنوانها أيضًا "شبرا" منها :
الجَدةُ قالت لي
في كل مكان من أرجاء الدنيا
يوجد شارع شبرا
في كل مكان من أرجاء الوطن العربي
يوجد شارع شبرا
لا أدري ما سبب الفرحهْ
ورددت عليها مذهولا
شبرا!… دنيا!
واصلتُ اللَّعب مع الأقرانْ
لولا، يرغو، جابي، عوني
أيام تمضي… أيام
أحببت صديقي سامي من أرض الشامْ
لم أعرف ساعتها من سوريّا، يافا أو لبنانْ
وتزاملنا طيلة أعوام دراستنا
منذ اليوم الأول حيث الخوف من المجهول
وحتى الآنْ،
كنا نبكي غربة ذاك العالم
لا ترحلْ… فالغربة مثل السوطْ
تجلد فينا كل الأشياءْ
هل ترحل حقًا؟…
…
إن كان رحيلك محتومًا…
لا تنسَ
أن تكتب لي…
في فرحك أو في أحزانك
ولتتذكر
عنواني شارع شبرا،
حيفا،
لبنانْ