«ذراع الإخوان» بقفص الملاحقة في فرنسا.. دعوات للتحقيق والإغلاق

لكونه منصة تابعة لـ"الإخوان"، يحرك المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية (IESH)، بمنطقة مورفان، كثيرا من الجدل الذي لا يخلو من دعوات الإغلاق.
ووسط تصاعد المخاوف من تأثير الإسلام السياسي في فرنسا، كشف تقرير استخباراتي فرنسي حديث، سُلِّم إلى وزارة الداخلية، عن دور محوري لمعهد العلوم الإنسانية الأوروبي (IESH) في مدينة شاتو-شينون، إذ وصفه بأنه "ركيزة بارزة للحركة الإخوانية" داخل البلاد.
التقرير الذي يقع في 76صفحة، وتم عرضه رسميًا أمام مجلس الدفاع برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون، يضع هذا المعهد الديني المتخصص في تكوين الأئمة في صلب جدل واسع حول الأمن القومي، والتطرف الديني، وحدود الحريات الدينية في الجمهورية العلمانية.
كذلك صدر تقرير وزاري فرنسي يتهم المعهد، بكونه "منصة فكرية" تابعة لجماعة الإخوان، ما فجر موجة من المطالبات بإغلاقه، ودفع بعض النواب إلى الدعوة لإجراء تحقيق شامل حول نشاطاته ومصادر تمويله، بحسب إذاعة "يورب 1" الفرنسية.
المعهد الذي يُعد إحدى أبرز المؤسسات الإسلامية في فرنسا ويُشرف على تدريب الأئمة، يتعرض بانتظام لانتقادات من بعض السياسيين، خاصة من التيار اليميني، حيث يرون فيه "تهديدًا للقيم الجمهورية".
في المقابل، ينفي القائمون على المعهد أي صلة تنظيمية بجماعة الإخوان، مؤكدين أن منهجهم التعليمي يلتزم بالقانون الفرنسي ومبادئ العيش المشترك.
في ظل هذا الوضع، يبقى المعهد تحت المجهر، في انتظار نتائج محتملة لتحقيقات أوسع.
من الشبكة إلى المؤسسات
يُفصّل التقرير الاستخباراتي الصادر مؤخرا، خريطة انتشار جماعة الإخوان داخل فرنسا، إذ أحصى جهاز الاستخبارات 139 مسجدًا ومكان عبادة تابعة رسميًا لجمعية "مسلمو فرنسا" (ex-UOIF)، إضافة إلى 68 مكانًا آخر يُعتبر "قريبًا أيديولوجيًا" من الجماعة، إلى جانب 21 مؤسسة تعليمية.
ويأتي معهد "IESH" في شاتو-شينون على رأس هذه المؤسسات التي تم تصنيفها كأذرع فكرية وتنظيمية "تخدم المشروع الإخواني"، حسب وصف التقرير.
ويقول التقرير إن المعهد "يروج لإسلام متشدد تحت غطاء الاعتدال"، ويستند إلى رموز فكرية مثيرة للجدل، على رأسهم يوسف القرضاوي، المرشد الروحي للإخوان، الذي كان يشغل سابقًا منصب رئيس المجلس العلمي للمعهد، قبل وفاته عام 2022.
لا تقتصر الاتهامات الموجهة إلى المعهد على الصلات الأيديولوجية فقط، حيث تحيط كثير من الشكوك بمصادر تمويل المعهد، وفق ما نقلته الإذاعة عن مصادر أمنية.
وفي أعقاب الكشف عن التقرير الوزاري الذي تضمن إشارات إلى أن معهد "IESH" قد يمثل "أحد أوجه الامتداد المؤسساتي للإسلام السياسي في فرنسا"، خرج عدد من النواب البرلمانيين، بتصريحات متفاوتة، فيما طالبوا بـ"فتح تحقيق إداري وأمني" قد يفضي إلى إغلاق المعهد في حال ثبوت المخالفات.
وقال النائب عن الإقليم الذي يقع فيه المعهد، فيليب بون في تصريح خاص لصحيفة "لوجورنال دو سنتر" الفرنسي، إن "فرنسا لا يمكن أن تسمح بوجود معاهد دينية تُستخدم كحصان طروادة لبث خطاب سياسي مغلف بالدين".
خطر أم مرآة فشل؟
إلى ذلك، يرى الخبير في شؤون الإسلام السياسي الفرنسي، لوران كاربونّيه، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "معاهد تكوين الأئمة تعكس أزمة أعمق في استراتيجية الدولة حول تأطير الدين الإسلامي"، معتبراً أن الخطاب المزدوج لدى معاهد من نوع IESH "يتغذّى من غموض القوانين، وفراغ التأطير الرسمي للأئمة، وغياب رؤية بعيدة المدى عن دور الدين في الفضاء العام".
ودعا الباحث السياسي الفرنسي إلى ضرورة فرض الدولة الفرنسية الرقابة المباشرة علي هذه النوعية من الأئمة مع إغلاق أي مكان يثبت علاقته بتنظيم الإخوان في فرنسا.
من جانبه، قال المحلل السياسي الفرنسي برونو تيراي، المختص في شؤون الحركات الإسلامية في أوروبا، لـ"العين الإخبارية"، إن "معهد IESH أصبح رمزًا لكل التعقيدات التي تواجهها الدولة في إدارة ملف تكوين الأئمة، وكيفية إنتاج خطاب ديني من داخل فرنسا، دون الوقوع في فخ السماح بالتأثير الخارجي؟".
وأُسّس المعهد عام 1990 لتكوين الأئمة والدعاة في فرنسا، وقد تمّ ربطه منذ بداياته بأوساط فكرية محسوبة على الإخوان، إلا أن القائمين عليه اليوم ينفون أي علاقة تنظيمية أو فكرية بالجماعة، مشددين على احترامهم التام لـ"قيم الجمهورية".
في المقابل، يرى الفرنسيون، خاصة الأطياف السياسية الفرنسية، أن المعهد يُمثل خطرًا على الاندماج المجتمعي ويشكل مدرسة أيديولوجية مغلقة قد تؤسس لجيل جديد من الأئمة ذوي المرجعيات "غير المتماشية مع العلمانية الفرنسية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU1IA== جزيرة ام اند امز