«مُسيّرات» بورتسودان تعيد صياغة مشهد الحرب.. سيناريوهان محتملان

أدخل الهجوم الذي تعرض له مطار بورتسودان، الحرب في السودان، منعطفا جديدا، يعيد صياغة المشهد، ويفتح الباب أمام سيناريوهين محتملين.
وفيما يُمنّي السودانيون النفسَ بنهاية قريبة للمعاناة، يرى مراقبون أن وصول المُسيّرات الانتحارية إلى بورتسودان وكسلا في الشرق، يعني تلقائيًا دخول كل أقاليم السودان تحت مرمى النيران، ما يتطلب تدخّلًا دوليًا وإقليميًا فاعلًا وسريعًا لإيقاف الحرب، قبل أن تُهدد الأمن الدولي والإقليمي.
وتعرضت مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية لحكومة الجيش السوداني، فجر الأحد، لهجمات شنتها طائرات مسيّرة استهدفت عدة مواقع عسكرية، منها قاعدة "دقنة" الجوية؛ أهم قاعدة عسكرية للجيش السوداني شرقي البلاد.
الهجمات التي شنتها المُسيّرات، بحسب مصادر تحدثت لـ"العين الإخبارية"، أدت إلى احتراق طائرة عسكرية من طراز "إليوشن" بقاعدة عثمان دقنة الجوية ببورتسودان، كانت "قادمة من إيران وتحمل كمية من الأسلحة المختلفة، إلى جانب متفجرات وصواريخ موجهة".
كما أسفر الهجوم عن تدمير طائرتين حربيتين من طرازي "سوخوي" و"ميغ"، كانت إحداهما تحت الصيانة، فضلًا عن تفجير خزانات وقود الطيران في القاعدة الجوية، على حد قول المصادر.
"إعادة تموضع"
الخبير في نزاعات الحدود في السودان، عبدالكريم الأمين، يرى أن الحرب في السودان تمر بمنحى جديد وخطير، منذ أن دخل سلاح "المُسيّرات" بشكل فاعل في تفاصيل المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال عبدالكريم لـ"العين الإخبارية": "بعد خروج قوات الدعم السريع من ولاية الجزيرة وسنار والخرطوم، اتجهت لإعادة تموضعها من جديد في عدة مناطق تقع تحت سيطرتها، عبر التركيز على تفعيل خاصية الدفاعات الأرضية لإعاقة الطلعات الجوية للجيش السوداني، والتي كانت هي السبب المباشر في إعادة سيطرة الجيش السوداني على كثير من المناطق مؤخرًا".
وأضاف: "تمدد قوات الدعم السريع في الخارطة الغربية للسودان، عبر تكثيف معاركها في محور الفاشر شمال دارفور، وكذلك إحكام الحصار على الأبيض شمال كردفان، ثم السيطرة الأخيرة على "النهود" و"الخوي"، ساعد القوات في عملية إعادة التموضع".
ومضى قائلًا: "إعادة تموضع قوات الدعم السريع مهدت لمرحلة استخدام سلاح المُسيّرات الانتحارية والاستراتيجية لتهديد المواقع العسكرية التي ينطلق منها الطيران الحربي للجيش السوداني".
وأشار عبدالكريم إلى الضربات التي سددتها مُسيّرات الدعم السريع في مناطق جديدة، في "عطبرة" و"بربر" في ولاية نهر النيل شمالي الخرطوم، وكذلك "مروي" في الولاية الشمالية للسودان.
كما لفت عبدالكريم إلى أن وصول الحرب إلى تخوم البحر الأحمر، عبر استهداف مواقع الجيش السوداني في بورتسودان، يقرع أجراس الخطر في عموم المحيط الإقليمي، لأن ساحل البحر الأحمر منطقة بالغة الحساسية.
انفصال عن "الإخوان"؟
من جهة أخرى، يرى المحلل السياسي والكاتب الصحفي، كمبال عبدالواحد، أن التطور الراهن في طبيعة حرب السودان سوف يدفع المجتمع الدولي لممارسة ضغوط إضافية، لجعل العملية السياسية هي الخيار الأكثر معقولية لإنهاء الحرب، رغم "تعنت" جماعة الإخوان؛ الحليف السياسي للجيش السوداني.
وبحسب كمبال، الذي تحدث لـ"العين الإخبارية"، فإن كل الاحتمالات "باتت مفتوحة على مصراعيها، سواء انفصال اضطراري بين قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، وتنظيم الإخوان، أو سلسلة هزائم متواصلة للجيش السوداني تجعل خيار تقسيم السودان أمرًا واقعيًا لا مفر منه".
ورجّح كمبال خيار "المفاصلة" الاضطرارية بين البرهان والإخوان، نظرًا لأن "البرهان تحركه طموحات شخصية قوية للبقاء في السلطة الانتقالية بعد إنهاء الحرب، وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه دون فك الارتباط مع التنظيم".
aXA6IDMuMTM3LjE5OC4yNSA= جزيرة ام اند امز