بولندا.. نجم اقتصادي صاعد بقوة في أوروبا

نجم اقتصادي جديد يصعد في أوروبا هو بولندا التي حققت بالفعل أحد أسرع معدلات النمو الاقتصادي في القارة.
وبحسب تقرير نشره موقع "بيزنس إنسايدر" فإن الصادرات وسلوك المستهلك والقوى العاملة المدربة والمرنة هي المحركات الرئيسية لهذا النمو في بولندا.
وفي عام 2024، تم إطلاق أكثر من 353,000 شركة جديدة في بولندا. وتُعد البلاد أيضًا واحدة من أكثر الدول الأوروبية اجتهادًا، بناءً على متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية.
ووفقًا لبعض التوقعات، فمن المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي لبولندا إلى 3.5% هذا العام، مقارنة بـ2.9% في عام 2024. وبالمقارنة، فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2% فقط هذا العام، وفقًا لتوقعات البنك المركزي الألماني في يناير/ كانون الثاني.
ويقول بيوتر بارتكيفيتش، الخبير الاقتصادي في بنك بيكاو: "بولندا تتطور بوتيرة أسرع من دول أوروبا الغربية، ويمكننا أن نحصي على أصابع اليد السنوات التي لم يكن الأمر كذلك فيها. لأسباب متعددة، من الأسهل على الدول الأقل تقدمًا تحقيق نمو سريع وبالتالي اللحاق بركب التنمية."
تحديات لا تزال قائمة
ويركز جزء كبير من الاقتصاد الألماني على إنتاج السيارات ذات محركات الاحتراق التقليدية، لكن المنافسة القوية من الصين ودول أخرى أدت إلى تراجع مبيعات السيارات. كما زادت الضرائب المرتفعة والبيروقراطية وارتفاع تكاليف العمالة بسرعة من تفاقم المشكلة، حيث لم يشهد الاقتصاد الألماني نموًا كبيرًا منذ خمس سنوات.
لكن هذه التحديات قد تؤثر على بولندا أيضًا. ووفقا لغجيغوج أوجونيك، الخبير الاقتصادي في سانتاندير بنك بولسكا، ألمانيا هي أكبر شريك تجاري لبولندا حيث تمثل 27% من الصادرات البولندية. أما الصادرات إلى الدول التالية في القائمة تقل بأكثر من أربع مرات. لذلك، فإن الركود الاقتصادي في ألمانيا يشكل مشكلة خطيرة للمصدرين البولنديين، حتى لو تمكنوا من زيادة حصتهم السوقية في بلدان أخرى والبحث عن أسواق جديدة".
كما تواجه البلاد تحديات الشيخوخة السكانية وهو ما وصفته مارزينا أوكلا-دريفنوفيتش، وزيرة سياسة كبار السن في البلاد، بأنه سيكون "تحديًا كبيرًا" في المستقبل.
وقال غجيغوج أوجونيك، الاقتصادي في بنك سانتاندر بولندا، إن" الموارد العمالية في بولندا تتناقص بشكل ثابت، رغم تدفق المهاجرين، وهو ما لا يساعد في النمو الاقتصادي."
أسباب النمو
لكن على الرغم من هذه الرياح المعاكسة، يواصل الاقتصاد البولندي النمو، حيث يشير الاقتصاديون إلى ثلاثة عوامل رئيسية تدفع هذا التقدم. أولا أن المصدرين البولنديين يجدون أسواقًا جديدة في الخارج وهم قادرون على المنافسة على الرغم من زيادة تكاليف العمالة وارتفاع قيمة الزلوتي البولندي.
والاتحاد الأوروبي بالطبع هو السوق الأكبر لبولندا، لكنه ليس الوحيد. ثانيا إن المستهلكين البولنديين أقل تأثراً بالأزمة الاقتصادية لاسيما أزمة الطاقة وارتفاع التضخم. فعلى الرغم من التضخم المرتفع نسبياً، فإن الانخفاض في الدخل الحقيقي للأسر البولندية كان من بين الأصغر في الاتحاد الأوروبي بفضل التحفيز المالي ونمو الأجور.
كما ساهمت الاستثمارات العامة المرتفعة، والتي تم تمويل جزء منها من صناديق الاتحاد الأوروبي، في تعزيز الاقتصاد.
واعتبر التقرير أن هذا العامل الأخير سيكون حاسمًا في عام 2025، فهو التوازن بين الصادرات والاستهلاك المحلي والاستثمارات الممولة من الاتحاد الأوروبي وهو الذي يبدو أنه يساهم في استمرار نمو الاقتصاد البولندي.
وصفة ترامب
وقال التقرير إن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك استلهم فكرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي، حيث لجأ إلى رجل أعمال مثير للجدل لدعمه في دفع جهود إزالة القيود التنظيمية بهدف تعزيز الاقتصاد.
وخلال عرضه للخطة الاقتصادية لحكومته في فبراير/شباط، أشاد توسك بـ"اللحظة التي يمكننا فيها تجاوز الجميع"، معلنا عن إجراءات لإزالة القيود التنظيمية عن الاقتصاد، وداعيا رجل الأعمال البولندي المثير للجدل رافاو برزوسكا للمساعدة.
وبرزوسكا هو مؤسس شركة InPost المتخصصة في صناديق الطرود البريدية وأحد أغنى الأشخاص في بولندا، وقد قبل دعوة توسك، معلنا عزمه تقديم 300 توصية بحلول الأول من يونيو/حزيران.