"العربية.. لغة عالمية".. كتاب جديد بالفرنسية يبرز تأثيرها العالمي
الكتاب يؤكد أن اللغة الفرنسية، وغيرها من لغات الإنسانية، تدين للغة العربية بالكثير من الكلمات الشائعة والأساسية في علوم الحياة.
صدر حديثا في باريس كتاب "العربية.. لغة عالمية"، وشهد إقبالا كبيرا من قبل القارئ العربي والغربي على حدّ سواء؛ لما يحمله من نظرة جديدة للغة العربية تدعو إلى تجاوز الصور النمطية والتطلع للمستقبل.
ويحمل الكتاب آراء وتوصيات لخبراء وباحثين في التعليم والثقافة والإعلام يُجيبون عن التساؤلات بخصوص مدى الفائدة من تعلّم العربية كلغة تواصل حيّة ومُنتشرة في القارات الخمس، في ظلّ الواقع غير المُناسب للغة العربية اليوم في فرنسا.
وأشار موقع "الإمارات 24"، إلى أن الكتاب الذي صدر في مارس 2018 باللغتين الفرنسية والعربية عن دار "هرماتان" للنشر تحت إشراف ندى يافي الدبلوماسية والأكاديمية الفرنسية، ويقع في 221 صفحة، يتضمن المُساهمات التي تمّ طرحها في ندوة بحثية في مجال العلوم الإنسانية نظمت في ديسمبر/كانون الأول 2016 في العاصمة الفرنسية، تناولت الأبعاد الثقافية والتاريخية للغة العربية ومكانتها اليوم في الدوائر المهنية، وحيوية تعليمها ووجودها وتأثيرها الحالي والمستقبلي في القنوات الفضائية ومختلف وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من الاهتمام المُتزايد مؤخرا بتعلّم لغة الضاد في باريس؛ فإن الكتاب يرى أنّ اللغة العربية ما زالت تُعَد "غير مرغوبة في فرنسا" حيث لا يتجاوز عدد الذين يتعلمونها في المدارس الإعدادية والثانوية 14 ألف مُتعلم، مُتسائلا عن أسباب هذا الإقبال المتواضع على تعلم خامس أكثر لغة تحدثا في العالم، وإحدى اللغات الرسمية الست المُعتمدة في الأمم المتحدة، والمنتشرة بشكل واسع عبر المئات من القنوات الفضائية، وبالتالي يُقدّم الكتاب من خلال باحثيه المُشاركين آلية مُقترحة لعلاج هذا الوضع الذي لا تستحقه اللغة العربية.
ويقول الكتاب إنّ "اللغة الفرنسية، وغيرها من لغات الإنسانية، تدين للغة العربية بالكثير من الكلمات الشائعة والأساسية في علوم الحياة"؛ ما يؤكد بلا شك أنّ العربية "لغة عالمية". لكن ومع ذلك، يتم تقديم اللغة العربية في فرنسا أحيانا باعتبارها لغة مُجتمعية تتباينُ بشكل واسع عبر مُختلف مناطق الدول العربية.
كما أنّ مستويات إتقان العربية حتى يومنا هذا بدون شهادة مُعترف بها عالميا، باستثناء مُبادرة أطلقها مؤخرا في هذا المجال معهد العالم العربي في باريس. وهذا ما سعت إليه الندوة المُختصّة بهدف الترويج للثقافة العربية عبر دعوة شخصيات من جميع الآفاق لاستكشاف "اللغة العربية، لغة عالمية"، حيث تناول المشاركون فيها والمُنحدرون من عالم التعليم، والآداب، والصحافة، والأعمال، والشركات المُتخصصة في الرياضيات، وعلوم الكمبيوتر، والشهادات اللغوية، وحتى خبراء في التدريب المهني، تناولوا بحماس القضايا المتعلقة بنشر اللغة العربية وتطويرها.
وذكروا أنّ "أعمال أرسطو، وغيرها من التراث العلمي والثقافي القديم، قد وصلت إلى العالم بفضل حركة الترجمة الواسعة التي تمّت حينها في العصر العباسي". وأنّ عالما جليلا، على سبيل المثال، هو مخترع علم الجبر، قد منح اسمه إلى كلمة "خوارزمية" التي ما زالت مُستخدمة لليوم. ويكشف الكتاب عن أنّ "تدريس اللغة العربية في فرنسا بدأ منذ عام 1587م وفقا لرغبة سابقة للملك فرانسوا الأول".
لكن على الرغم من أنّ أكثر من 127 ألف شخص يتعلمونها اليوم في المدارس الثانوية الفرنسية في الخارج، فإن أقل من 14 ألف طالب يدرسونها اليوم في المدارس الإعدادية، والثانوية داخل فرنسا، فيما تُعرض سنويا 4 وظائف فقط للعمل كخبير في مناهج العربية في عموم فرنسا.
ويدعو الكتاب لمنح شهادات إتقان رسمية مُعتمدة دوليا في اللغة العربية كغيرها من اللغات الأخرى؛ ما يُسهم في تطويرها على نحو واسع. فضلا عن أنّ استخدام اللغة العربية في المفاوضات التجارية وعالم الأعمال يُعَد ركيزة أساسية في هذا الصدد.
وكان من اللافت أنّ الخبراء المُشاركين في الكتاب أشادوا بدور البث المباشر لفيسبوك والوسائط السمعية والبصرية الحية، ودروس الـMook المجانية في ابتكار تعليم مُشترك للعربية، وذلك على الرغم من أنّ نسبة كبيرة مما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي يتمّ بثّه بعدّة لهجات عربية.
وذكر الكتاب أنّه من الجميل أنّ "مسيحيي المشرق يُمارسون طقوسهم الدينية باللغة العربية". وبرهن الباحثون على أنّ الأدب الكلاسيكي، يرفض تقليص العالم إلى ازدواجية ما بين نصوص مقدسة "حلال" و"حرام" من جهة، ونصوص ألف ليلة وليلة من جهة أخرى، فتلك النصوص الفلسفية الإبداعية كالأغاني الحديثة التي يتداولها الجميع، وتجعل القارئ يُسافر مُرتحلاً مُستمتعاً عبر الكثير من البلدان.
aXA6IDMuMTI5LjIxMS4xMTYg
جزيرة ام اند امز