قانون الجمعيات الأهلية بمصر.. خطر يهدد المجتمع المدني
تخوفات من حقوقيين على مستقبل العمل الأهلي
البرلمان المصري أقر قانون الجمعيات الأهلية المقدم من 220 نائباً بصورة نهائية؛ ما أثار جدلا واسعا بين العاملين في المجتمع المدني
أقر البرلمان المصري قانون الجمعيات الأهلية المقدم من 220 نائبا بصورة نهائية، بعد موافقة ثلثي الأعضاء على القانون باعتباره من القوانين المكملة للدستور؛ ما أثار جدلا واسعا بين العاملين في المجتمع المدني في مصر، باختلاف عملهم بين منظمات حقوقية، وجمعيات أهلية، وأخرى مهتمة بالجانب التنموي بالمجتمع، خاصة فيما يتعلق ببنود الترخيص والعقوبات التي تتطبق على المخالفات الإدارية.
واعتبرت لمياء لطفي، ناشطة حقوقية، أن القانون مليء بالأخطاء، خاصة في تعريفه لمعني العمل الأهلي بمصر؛ فلم يتضمن المنظمات الحقوقية، والعاملة في مجال الصحة، والتعليم، والطفل، والمرأة، بل اختصر الأمر على الجمعيات الأهلية المختصة في عمليات التنمية، والتي تقدم خدمات مالية أو عينة للمستفيدين؛ ما يعني أن هناك اتجاها للتضييق على أعمال منظمات ومؤسسات المجتمع المدني، ووضع حدود لعملها عند العمل الخيري فقط.
سياق تمرير القانون:
ورأى فتحي فريد، المسؤول بجمعية مساواة للتدريب والدراسات، أن السياق والمناخ العام الذي تم إعداد القانون فيه، كان مناخا غير مناسب، واتسمت الإجراءات بالسرعة التي تثير انتباه الجميع، حيث قدم مشروع قانون الجمعيات الأهلية في نهاية الجلسات بالانعقاد الأول بمجلس النواب، ليتم تأجيل قرار المناقشة والموافقة على القرار في الانعقاد الثاني، ليتم طرحه في لجنة مناقشة، وضمت الجلسة بعض الممثلين للمجتمع المدني، الذين تم اختيارهم وفقا لرؤية معينة، وبالرغم من تقديم توصيات، إلا أنه تمت الموافقة عليه في جلسة عامة بعد إرساله لمجلس الدولة والتصديق عليه.
وتساءل عن أسباب إطلاع الجهات المختصة المتمثلة في جهاز متخصص، واتحاد نوعي للجمعيات، وصندوق الجمعيات، على مسودة المشاريع التي تقدمها الجمعيات للجهات المانحة، قائلاً: "إن يطلع الجهاز المختص الذي يضم ممثلي وزارة التضامن، والتعاون الدولي، والخارجية، والدفاع، على مسودة المشروع قبل الحصول على موافقة نهائية للحصول على تمويل، يعد أمرا معقدا جداً؛ بهدف التدخل في طبيعة العمل، والأنشطة التي تمارسها الجمعيات الأهلية".
وعبّر محمد عبد العزيز، مدير مؤسسة الحقانية، عن استيائه من تطبيق القانون على الجمعيات بعد فترة وجيزة من إقراره ونشره بالجريدة الرسمية، وتطبيقه على بقية الجمعيات بعد عام لتسوية الأوضاع، ما يعني أن معنى المجتمع المدني يعود للمعني القديم وعمله يختذل في تقديم مساعدات مادية، دون الاهتمام بالجانب التنموي والتوعوي، ليختفي معنى التطوع داخل المجتمع المدني بمصر، خوفاً من الدخول في محاسبة قانونية، قد تصل لمدة عام في بعض الحالات، فضلاً عن تطبيق غرامة ما بين 50 ألفا – مليون جنيه مصري.
العقوبات خطر يهدد المجتمع المدني:
وفي تصريحات لبوابة "العين" الإخبارية، وصفت لطفي العقوبات التي جاءت ببنود القانون الجديد للجمعيات الأهلية بالعقوبات "السالبة للحريات"، خاصة فيما يتعلق بعميلة أخطار الجهات المختصة للحصول على موافقة لتأسيس منظمة، أو فتح فرع آخر لها.
وأبدت تعجبها من تطبيق عقوبات حبس وغرامة على المخالفات الإدارية المرتبطة بتنظيم وإدارة العمل، مؤكدة أن هذه اللوائح لا تتوافق مع طبيعة العمل الإداري والروتين الحكومي في مصر، قائلة "القوانين والعقوبات غير منطقية ومفهومة في المناخ الذي تعمل فيه المنظمات والجمعيات بمصر".
واتفق فريد معها، حول تضرر المجتمع المدني من قانون الجمعيات الأهلية الجديد، وتحديدا ببنود العقوبات، قائلا: "غير منطقي أن تطبق عقوبات على أخطاء إدارية متعلقة بالحصول على موافقة، أو الرجوع للجهات المختصة من أجل منح المؤسسة عضوية استشارية وشرفية في بعض المنظمات والمؤسسات الأممية الدولية، ليحصل على سجن لمدة عام وغرامة تصل 50 ألف جنيه".
تحجيم عمل المجتمع المدني:
وأشار فريد إلى أن التعريف الخاص بالعمل الأهلي بمصر غير واضح، ما يؤثر بالسلب على بعض المنظمات والمؤسسات بالمجتمع المدني، وعرف القانون الجديد عمل الجمعيات الأهلية بالعمل التنموي، وتنمية المجتمع المحلي وفقاً لخطط الدولة، وما لا يضرر بالمصلحة العامة، والأمن العام، والآداب العامة، متوقعاً أن عمل بعض المؤسسات في التوعية الجنسية ومناهضة التحرش والعنف ضد المرأة والطفل سيتم التضييق عليه، لأن التعريف فضفاض ولم يضع إطارا محددا، كما هو الحال في مجالات التدريب والاستشارات التي تعد إحدى أنشطة المجتمع المدني.
وتوقعت لطفي أن القانون الجديد يؤثر بالسلب، ليس فقط على الجمعيات الأهلية، ولكن على الجهات المانحة والممولة لجميع المنظمات العاملة في مصر، التي ستبدأ في التراجع عن إجراءات التمويل، في ظل تعقيدات القانون الجديد، ما يؤثر بشكل مباشر على المواطن المصري، ويصبح هو المتضرر الوحيد من توقف أعمال وأنشطة بعض الجمعيات، التي أسهمت في تنمية ومساعدة المجتمع المحلي في المحافظات الفقيرة.
وتوقعت توقف المبادرات الشبابية التطوعية، التي تسعى لتغيير المجتمعات المحلية الصغيرة، بعيداً عن تمويل أو أوراق تراخيص، والتي بدأت في الوجود منذ ثورة 25 يناير، وظهر تأثيرها بشكل فعال، خاصة أن العقوبات التي ينص عليها القانون أن من يسهم في عمل الجمعيات الاهلية بدون تراخيص يعاقب بالغرامة والحبس، بالإضافة لشرط تأسيس المنظمة وضع 50 ألف جنيه شرط للحصول على ترخيص.
وذكر محمد عبد العزيز، أن القانون يضع عراقيل عديدة أمام المجتمع الأهلي في مصر، بهدف تضييق العمل على بعض المنظمات التي تعمل في مجالات الحقوق والحريات، والتدريبات، خاصة أن القانون الجديد يحذر التعامل مع أي منظمة أجنبية خارج مصر، ويمنع من إرسال شباب للحصول على تدريبات خارج مصر، مؤكداً أنه وفقاً لبنود القانون ستغلق عدة مؤسسات؛ نظراً لأن النصوص مطاطة.
الدول بديلة لجهات التمويل:
وعن فكرة أن الدولة ورجال الأعمال والمستثمرين بديل في حالة توقف التمويل الخارجي للمجتمع المدني، أوضحت لطفي أن رجال الأعمال المصريين لا يقدمون أي دعم للجمعيات الأهلية، ولكنهم يفضلون تقديم دعم مادي بشكل وضح للمواطنين، ما يعني أن دورهم لن يسهم في حل الأزمة.
ورأى فريد أن فكرة إنشاء صندوق لدعم الجمعيات الأهلية، ليحصل على 1% من صافي التبرعات التي تحصل عليها المنظمات، واستقطاع النسبة نفسها من قيمة التمويل الخارجي، لتدخل إلى الصندوق، ليطرح سؤال أين موازنة الدولة لدعم المجتمع المدني؟
aXA6IDUyLjE0LjIyMy4yMjEg جزيرة ام اند امز