مظاهرات ضد «حماس».. هل يساهم «غضب غزة» في حلحلة الأزمة؟

تتسارع الأحداث في غزة مع اتساع رقعة المظاهرات لمناطق مختلفة بالقطاع، إذ خرج مواطنون فلسطينيون للشوارع رفضا للحرب والظروف المأسوية.
وبات مطلب إنهاء الحرب هو الشعار الموحد للمظاهرات، التي أظهرت غضبًا متزايدًا من سياسات "حماس"، وحملت مطالب بتغيير واقع غزة المأساوي وإنهاء حكم الحركة.
رفع يد حماس عن غزة
وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، سهيل دياب، إن المظاهرات التي خرجت في قطاع غزة تركز على ثلاث نقاط رئيسية. أولاً، ضرورة وقف الحرب، وثانيًا، ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني، وثالثًا، مطالبة حماس بضرورة اتخاذ خطوات مرنة أو تراجعية لتفويت الفرصة على إسرائيل في مواصلة ما يُسمى بالإبادة الجماعية.
وأكد دياب في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن المواطنين "خرجوا للتعبير عن رفضهم لاستمرار الحرب، مطالبين بضرورة وقفها ورفع حماس يدها عن قطاع غزة".
وأوضح أن الحركة "هي من جلبت هذه الأزمة التي استغلتها إسرائيل"، موجهًا اللوم إلى حماس "فيما آلت إليه الأوضاع الإنسانية".
دياب قال أيضا، "نتحدث عن حرب دولية ذهب ضحيتها أكثر من 60 ألف شخص، وأكثر من 140 ألف مصاب، إضافة إلى الآلاف من المفقودين، وتدمير أكثر من 92% من الممتلكات والمساكن في القطاع"، مشيرا إلى أن غزة "تعيش في حالة من انعدام الكهرباء والمياه، وغياب لجميع مقومات الحياة".
واستطردا قائلا: "المظاهرات كانت دعوة للمطالبة بإنهاء حكم حماس ووقف العدوان الإسرائيلي"، مؤكدًا أن الفلسطينيين ليسوا شعبًا مأجورًا كما يحاول البعض الترويج له".
وفيما يتعلق بمواقف "حماس"، قال دياب إن "تصريحات الحركة التي تفيد بأنها لا ترغب في الحكم تتناقض مع ممارساتها على الأرض، حيث تسعى لاستمرار سيطرتها على القطاع من خلال القمع والترهيب".
"تفاوض من أجل البقاء"
وتساءل دياب عن جدوى المفاوضات التي تديرها حماس، مؤكداً أن "ما يتم التفاوض عليه لا يوازي التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب الفلسطيني"، وأن حماس "تسعى فقط للمحافظة على وجودها".
مشددا على أن حركة حماس "تواصل المفاوضات من أجل ضمان بقائها، لا من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني"، مطالبًا الحركة بـ"الابتعاد عن المشهد الفلسطيني لصالح الشعب الذي قدم ومازال يقدم تضحيات هائلة".
تداعيات سياسية
ومن جانبه، أشار رئيس مركز القدس للدراسات السياسية الفلسطيني، الدكتور أحمد رفيق عوض، إلى أن الاحتجاجات في غزة تحمل وزنًا كبيرًا وقد تؤدي إلى تحولات سياسية هامة.
وأضاف في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن حركة حماس تأخذ هذه الاحتجاجات بعين الاعتبار، حيث حاولت في بعض الأحيان أن تفهم وتستوعب هذه المظاهرات، إلا أن هناك من اتهمها بتوجيه اتهامات قاسية تجاه المحتجين.
ورجح عوض أن تساهم هذه الاحتجاجات في الضغط على حركة حماس للانفتاح على بعض الأطروحات، وأنها قد تدفع الحركة إلى اتخاذ مواقف أكثر مرونة في تعاملها مع الإسرائيليين، موضحا: "من المحتمل أن تقود هذه الاحتجاجات، إلى جانب ضغوط أخرى، إلى قبول حماس بوقف إطلاق النار، حتى وإن كان ذلك لفترة مؤقتة".
ولفت إلى أن هذه الاحتجاجات "كانت مفاجأة بالنسبة لحركة حماس، وربما لم تكن تتوقعها، ولذلك هناك من يتهم أطرافًا معينة داخل أو خارج غزة بتدبير هذه المظاهرات".
وعاد وأكد أن هذه المظاهرات قد تؤثر بشكل كبير على توجهات حركة حماس وقراراتها المتعلقة بالمقترحات الخاصة بتبادل الأسرى ووقف العمليات العسكرية.
"فشل التجربة"
بدورة، أكد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن الاحتجاجات في قطاع غزة "تضرب الرواية الإسرائيلية التي تزعم أن جميع الفلسطينيين في القطاع يؤيدون حركة حماس ويبررون ما تقوم به إسرائيل".
وأوضح مطاوع في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن هذه الاحتجاجات تظهر للعالم أن هناك فلسطينيين يعارضون ممارسات حماس سواء على الصعيد الفكري أو في سياق عملية سلام مستقبلية.
مشيرا إلى أن الرسالة الأهم التي يجب أن تصل إلى حماس هي أن هناك قناعة متزايدة في غزة بأن التجربة التي تم الترويج لها طوال السبع عشرة عامًا الماضية قد فشلت، وأنه بات من الضروري إجراء مراجعة شاملة للمرحلة السابقة وإعادة صياغة الاستراتيجيات.
مطاوع قال أيضا، إن "عدم قراءة حماس لهذه الرسالة سيؤدي إلى فقدانها ليس فقط للمصداقية الأخلاقية في غزة، بل أيضًا للحاضنة الشعبية التي كانت تمتلكها".
وحول تأثير الاحتجاجات على مواقف حماس، أشار إلى أن هذه الاحتجاجات قد تضع ضغطًا كبيرًا على حماس وتدفعها إلى تقديم مزيد من التنازلات في سياق المفاوضات.
وعلى مدار اليومين الماضيين، تظاهر آلاف الفلسطينيين بين أنقاض بلدة بيت لاهيا المدمرة بشدة شمال قطاع غزة، حيث هتف الكثيرون ضد حماس في عرض نادر للغضب الشعبي ضد الحركة التي قمعت خصومها بعنف منذ استيلائها بالسلاح على مؤسسات السلطة الوطنية عام 2007.