مع اقتراب توزيع البطاقات.. خلاف في الصومال حول الانتخابات المباشرة
يشهد الصومال تباينا بين تفاؤل الحكومة وتصعيد المعارضة، مع إعلان لجنة الانتخابات، بدء توزيع بطاقات الاقتراع في مقديشو الأسبوع المقبل.
يأتي ذلك في وقت وجّه فيه مجلس مستقبل الصومال، وهو كتلة سياسية معارضة، تحذيرات بشأن ما قال إنه "انتهاك للدستور المؤقت وتهديد لأسس النظام الفيدرالي"، وفق ما نقلت مصادر إعلامية محلية.
وفي تطور انتخابي بارز، أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات الصومالية، أنها ستبدأ توزيع بطاقات الاقتراع رسميا على سكان منطقة "بنادر" التي تضم العاصمة مقديشو الأسبوع المقبل، في خطوة تُعد مرحلة مفصلية ضمن استعدادات البلاد للانتخابات المحلية المقبلة.
وقال رئيس اللجنة، عبدالكريم أحمد حسن، إن العملية ستتم على مراحل، تبدأ في المناطق الساحلية كسار وين، وشينغاني، وبوندهيري، وجاجاب، وابيري، وشيبيس، ثم مناطق أخرى، مشيرا إلى أنه تم تخصيص 42 مركز توزيع لتسهيل وصول الناخبين إلى بطاقاتهم.
وأضاف أن جميع الناخبين المسجلين سيتلقون رسائل خاصة توجههم إلى مراكز التسجيل الأصلية لاستلام بطاقاتهم.
ووفقًا لتقارير اللجنة الانتخابية، فقد سجل أكثر من 900 ألف ناخب أسماءهم استعدادا للاستحقاق الانتخابي، في مؤشر على تزايد الحماس الشعبي للمشاركة في العملية الديمقراطية.
وأكدت الحكومة الفيدرالية، التزامها الكامل بإجراء الانتخابات ضمن جهودها لتعزيز الشفافية وترسيخ ثقافة التداول السلمي للسلطة.
ومن المنتظر أن يجري الصومال الانتخابات الرئاسية المقبلة في مايو/أيار 2026، وفقا للجدول الزمني الذي أقرته الحكومة الفيدرالية.
وتُجرى الانتخابات بنظام الاقتراع العام المباشر (شخص واحد، صوت واحد)، بعد أكثر من 50 عاما من آخر انتخابات مباشرة في البلاد.
موقف المعارضة
من جانبها، حذرت المعارضة الصومالية من إجراءات تعديل الدستور لإجراء انتخابات مباشرة، وإجراءات أخرى تتخذها الحكومة الفيدرالية بشكل أحادي.
وقال "مجلس مستقبل الصومال" في بيان صدر خلال اجتماع عقده الأربعاء في نيروبي لمناقشة التطورات السياسية والانتخابية، إن بعض الإجراءات الحكومية تمثل انتهاكا للدستور المؤقت لعام 2012 وقد تؤدي إلى تفكيك مؤسسات الدولة وتقويض النظام الفيدرالي.
وأعلن رفضه القاطع لأي تمديد لفترة المؤسسات الفيدرالية أو إجراء انتخابات دون توافق وطني، داعيا الرئيس حسن شيخ محمود إلى إعادة فتح قنوات التشاور الوطني للحفاظ على وحدة البلاد وتجنب أزمة دستورية.
وتتمسك حكومة الرئيس حسن شيخ محمود بضرورة التحول إلى نظام الانتخابات على مبدأ شخص واحد صوت واحد (التصويت المباشر)، ومثّلت هذه الإصلاحات أحد أبرز مكونات برنامج الرئيس حسن شيخ محمود، الذي أكد رفضه لتمديد غير دستوريّ لفترة ولايته أو العودة إلى النظام الانتخابي القديم.
لكن الحكومة الصومالية تدافع عن تمديد ولاية بعض القادة الإقليميين كآلية انتقالية ضرورية لإنجاز مرحلة الإصلاح وإجراء الانتخابات الموحدة، معتبرة أن هذا التمديد ليس هدفاً بحد ذاته بل “خطوة تمهيدية” للتحول نحو الانتخابات المباشرة.
وصوت البرلمان الفيدرالي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على تشكيل لجنة انتخابية مستقلة (اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والدوائر الانتخابية) تُكلّف بإدارة العملية الانتخابية، ما يعد تأكيدا على جدية الحكومة في بناء المؤسسات المرتبطة بهذا المسار.
وأعادت الحكومة فتح تسجيل الناخبين في العاصمة مقديشو، الشهر الماضي، ضمن مخطط لتعزيز مشاركة المواطنين مع قرب الانتخابات.
وأبلغت الحكومة شركاءها أنّها "لا تقبل عودة" النظام الانتخابي القديم غير المباشر، مما يعكس موقفا واضحا وراسخا تجاه التحول الديمقراطي الذي تسعى إليه حكومة الشيخ حسن محمود، لكن المعارضة ترفض هذا التحول المفاجئ وتصر على فتح باب النقاش مجددا حول آلية الانتخابات.
وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، قد أكد خلال إحياء الذكرى الـ25 لـ«مؤتمر عرتا للسلام» بجيبوتي في الـ30 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أهمية إنهاء نظام تقاسم السلطة القائم على «العشائر الأربع»، واصفا إياه بأنه من مخلفات سياسات ما بعد الحرب التي تعوق التحول الديمقراطي في البلاد.
وأقر الرئيس الصومالي بأن نظام السلطة الحالي القائم على العشائر قد ساهم في استقرار البلاد في زمن الانهيار، لكنه لم يعد يتماشى مع رؤية الصومال لدولة حديثة وعادلة.
وحث قادة الأمة الصومالية على تجاوز هذه الصيغة القائمة، واستبدال السياسة التي تُدار بالعشائر بمؤسسات متجذرة في الكفاءة والعدالة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTIg جزيرة ام اند امز