لا يمكن تفسير التحركات القطرية في مناطق من العالم العربي وخارجه دون دعم أمريكي ومساندة وتأييد غير معلن.
تتحرك الإدارة الأمريكية الحالية في الإقليم وخارجه انطلاقا من حسابات دقيقة قوامها ضبط وترتيب المصالح السياسية والاستراتيجية أولا وأخيرا وعلى حساب أي مصالح لأي قوى أخرى، وهو ما يدفعها لترتيب علاقاتها في الشرق الأوسط وفقا لقاعدة نفعية ومصلحية بحتة.
ووفقا لرؤية الرئيس ترامب شخصيا، الذي حافظ على أسس برنامجه أمام الرأي العام الأمريكي انطلاقا من قراءة مستفيضة للواقع الأمريكي الراهن، وسعيا للخروج من مظلة المؤسسات البيروقراطية التي تحكم الولايات المتحدة، والتي ستأتي مجددا بالرئيس الأمريكي لولاية ثانية في ظل تزايد وتنامي القاعدة الانتخابية التي نجح وبمهارة في تطويرها وزيادة مؤيديها طوال الفترة الماضية.
الإشكالية الحقيقية ليست في وجود قاعدة أو إبرام صفقات سلاح، وإنما في الإبقاء على شبكة التعاون الأمني والاستخباراتي التي تسعى قطر للتأكيد عليها واعتبارها مدخلا لتطوير العلاقات على جميع المستويات، ومن ثم فإن قطر لا تتحرك إلا من معطى رئيسي بأن الإدارة الأمريكية تمنحها مظلة الأمان للتحرك والعمل، وهو ما يطور باستمرار الدور القطري الذي يلعب فعليا دورا وكيلا وداعما للسياسات الأمريكية
في هذا الإطار تحركت الولايات المتحدة وهي تدير سياستها الخارجية مع دول صغيرة مثل قطر انطلاقا من دور محدد ومرسوم مسبقا لها، وهو دفع قطر لأداء دور مباشر في بعض الأقاليم وبصورة غير مشروعة؛ إذ لا يمكن تفسير التحركات القطرية في مناطق من العالم العربي وخارجه دون دعم أمريكي ومساندة وتأييد غير معلن.
ومن خلال دور مستتر للسياسة القطرية مقابل الاستمرار في الشراكات السياسية والاستراتيجية، والتجاوز التقليدي في نمط العلاقات التي لا تركز فقط على وجود قاعدة العديد على الأراضي القطرية فقط في ظل وجود ما يقدر بنحو 10 آلاف جندي أمريكي على أراضيها، وإنما للتحالف الاستراتيجي غير المتكافئ بين واشنطن والدوحة إضافة للدخول في مجالات محددة.
ومنها إبرام صفقات السلاح وتوظيف صندوق السيادة القطرية لتحقيق أهدافها سواء كانت السياسية أو الاستراتيجية ليس مع الولايات المتحدة فقط (اتفقت بريطانيا على تزويد قطر بـ24 طائرة تايفون لإنشاء سرب مشترك، والذي سيتم تشغيله بالتزامن مع كأس العالم 2022. كما تم توقيع اتفاقية للتعاون الدفاعي بين الدوحة وباريس إلى جانب التعاون البارز بين قطر وتركيا)، وإنما أيضا مع تنظيمات إرهابية وتوظيف التعامل معها لحسابات سياسية بحتة، ولعل توقيع اتفاق طالبان/إدارة ترامب مؤخرا يشير إلى هذا.
وهو ما ينطبق على مجالات دعم الإرهاب في بقاع متعددة إقليميا، وفي جنوب الساحل والصحراء، إضافة إلى مناطق في آسيا الوسطى، والمعنى أن السياسة القطرية تتحرك بضوء أخضر من الإدارة الأمريكية التي لم تعمل على تفكيك عناصر الأزمة مع الدول الأربع المقاطعة، بل بالعكس عملت على توظيفها من أجل تحقيق مكاسب حقيقية، وعقد مزيد من صفقات التسليح واستمرار التنسيق مع السياسة القطرية المتهمة بدعم التنظيمات الإرهابية.
وبالتالي فإن السياسة القطرية تتحرك انطلاقا من دعم أمريكي مخطط له جيدا، وعبر وسائل دبلوماسية وتحت سواتر أمنية واستخباراتية واستراتيجية (تدعم قطر جهود تركيا لإعادة توطين اللاجئين السوريين في شمال شرق سوريا)، وهو ما أدى لمزيد من تشدد السياسة القطرية تجاه دول الإقليم بل سعيها للانفتاح على إيران وتركيا وإسرائيل لبناء سياسة إقليمية مدعومة أمريكيّا؛ إذ يدرك الجانب الأمريكي أن قطر في حاجة مستمرة إلى دعم أمريكي أمنيا وسياسيا.
والإشكالية الحقيقية ليست في وجود قاعدة أو إبرام صفقات سلاح، وإنما في الإبقاء على شبكة التعاون الأمني والاستخباراتي التي تسعي قطر للتأكيد عليها واعتبارها مدخلا لتطوير العلاقات على جميع المستويات، ومن ثم فإن قطر لا تتحرك إلا من معطى رئيسي بأن الإدارة الأمريكية تمنحها مظلة الأمان للتحرك والعمل، وهو ما يطور باستمرار الدور القطري الذي يلعب فعليا دورا وكيلا وداعما للسياسات الأمريكية ليس في أفغانستان، وإنما أيضا مع كوريا وربما إيران ومع روسيا.
وهو أمر يثير علامات استفهام حول المقابل الذي تدفعه قطر مقابل القيام بهذا الأمر، وبصرف النظر عن المقابل الذي تحصل عليه إدارة ترامب من القطريين، وهو ما يتباهى به الرئيس الأمريكي في حملته الانتخابية الراهنة، ويؤكد أن إدارته نجحت في تحقيق مكاسب كبرى من علاقاتها الخارجية من أجل تنمية الاقتصاد الأمريكي، ومن ثم فإن ما أنفقته السياسة القطرية في علاقاتها مع الجانب الأمريكي يُعَد منطلقا له الأهمية في المنظور الأمريكي خاصة إذا فكرت قطر في التدخل غير المعلن.
وهو أمر وارد في تمويل بعض مجالات الحملة الإعلامية للرئيس ترامب عبر وسائل الإعلام، وسواتر عديدة تبرعت فيها السياسة القطرية (تقوم قطر بتمويل جماعات الضغط اليهودية التي تتولى جمع أموال الدعاية للرئيس المرتقب للولايات المتحدة) إضافة لذلك فإن نمط وتوجه العلاقات الأمريكية القطرية لا يتوقف على مجال واحد، بل يمتد إلى مجالات لدعم الدور القطري في الملف الفلسطيني، وأمن الخليج، وفي سوريا، وفي قضايا تخص أمن الإقليم.
وهو ما يدفع السياسة القطرية لمزيد من الانخراط غير المشروع وغير المبرر في القضايا الإقليمية، ويحمل الشعب القطري تكلفة عالية من ثروته من أجل تبني سياسات تدخلية ولمصالح أمريكية متعددة لا يجني منها الشعب القطري شيئا بل ستؤدي في مجملها إلى مزيد من الممارسات المرفوضة، واستمرار انخراط قطر في علاقاتها بالتنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن وسلامة الإقليم العربي بأكمله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة