نيويورك تايمز: تركيا تقف قريبا من حافة انهيار اقتصادي
الصحيفة الأمريكية نقلت عن خبراء اقتصاديين قولهم إن مشكلات تركيا بالغة الحدة واقتصادها دخل مرحلة الركود.
كشف التراجع الكبير لقيمة العملة التركية، الليرة، والذي فاقمه الخلاف مع الولايات المتحدة بسبب احتجاز القس أندرو برانسون، عن ضغوط اقتصادية متزايدة في تركيا، وفق ما رصدته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، التي تنقل عن خبراء اقتصاديين قولهم إن تركيا ربما كانت تقف قريبا من حافة انهيار اقتصادي.
رسمت الصحيفة، في تقرير مُطوّل، صورة بالغة القتامة للوضع الاقتصادي العام في تركيا، فتقول:"البنوك التركية تتراجع عن إصدار بطاقات الائتمان للمستهلكين والشركات. محطات كهرباء توقفت بسبب الارتفاع الشديد في أسعار الوقود المستورد. مشروعات توقفت قبل استكمالها لنفاد السيولة المالية لدى مموليها."
وتقول الصحيفة "في أحد المراكز التجارية في إسطنبول، يقول شيناب ساريالي أوغلو إنه يخشى أنه لن يتمكن من إمداد المستهلكين في صيدليته بالأدوية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة."
ويضيف ساريالي أوغلو، الذي يرأس غرفة صيادلة إسطنبول أيضا: "بداية من سبتمبر/أيلول، قد نواجه مشكلات. نحتاج لحل عاجل."
وتعقب "نيويورك تايمز" بأنه في الأسابيع الأخيرة، وصلت التحديات التي تواجه البنوك والشركات في تركيا لمستوى جديد من الحدة، واضح للعيان، من شوارع إسطنبول إلى أسواق المال العالمية.
وتنقل عن سيلفا دميرالب، أستاذة الاقتصاد في جامعة كوتش في إسطنبول قولها إن "حصول ركود هو أمر لا مفر منه. والسؤال هو ما إذا كان سيصبح هبوطا سلسا أم صعبا."
وتضيف دميرالب أن مشكلات تركيا "بالغة الحدة"، وإنه لا يمكن احتواؤها إلا بإجراءات قاسية، يمكنها إعادة الاستقرار لليرة والسيطرة على التضخم الذي وصل لـ16 في المائة تقريبا. كما أنه سيكون على البنك المركزي التركي أن يرفع معدلات الفائدة الرسمية لحدود 28% بدلا من 17.75.
لكن الإجراءات المضادة التي أقدمت عليها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان حتى الآن مازالت تتسم بالفتور، بحسب الصحيفة، لافتة إلى أن وزير المالية بيرات البيرق استبعد إمكانية اللجوء لصندوق النقد الدولي – رغم أنها خطوة يقول محللون إنها ستكون لازمة لإعادة الاستقرار للاقتصاد.
ويشير نافذ زوق، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كلية أكسفورد للاقتصاد في لندن، إنه لا تبدو أي إشارة على نية أردوغان السماح باتخاذ إجراءات من شأنها استعادة ثقة المستثمرين، وأنه "بمجرد أن تحدث الأزمة الكبيرة التالية، سنعود إلى المربع الأول."
وتقول "نيويورك تايمز" إن دخول الاقتصاد التركي مرحلة الركود سيضع نهاية لعقدين من النمو المستمر في البلاد.
وتضيف الصحيفة: "معظم الشباب لا يذكرون آخر تدهور اقتصادي، ذلك الذي حدث في 2001. منذ ذلك الحين، قلل البلد الفقر بواقع النصف، وأعاد ملايين الناس إلى صفوف الطبقة المتوسطة، وكان حتى وقت قريب جاذبا للمستثمرين الدوليين."
لكن هذا النمو بُني على طفرة عقارية اعتمدت على الإقراض السهل والإنفاق الحكومي. "قصة النجاح هذه تبدو بشكل متزايد، غير قابلة للاستمرار."، حسب الصحيفة.
وحتى الآن يلبس قادة الأعمال الأتراك قناع الشجاعة، بحسب الصحيفة الأمريكية، بتأكيداتهم أن الاقتصاد التركي سيتجاوز الأزمة، وأنه تجاوز أزمات أشد قوة من قبل.
كما يقول أوغور دالبرلر، الرئيس التنفيذي لشركة إنتاج الحديد التركية "تشولاك أوغلو ميتالورجي".
وتستدرك "نيويورك تايمز" أن "بعض المدراء الأتراك ربما يخشون من أن إظهار التشاؤم قد يجري تفسيره على أنه عمل منافٍ للوطنية، في بلد تصادر حكومته أصول من تعتبرهم غير موالين لها."
وتدعم الصحيفة ما ذهبت إليه بالقول إنه "حتى بالمعايير التركية، فإن صناعة الصلب تواجه مأزقا صعبا، باعتراف دالبلر نفسه، حيث فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفة جمركية بقيمة 50 في المائة على واردات الحديد التركية مؤخرا.
من ناحية، تلفت "نيويورك تايمز" إلى أن خبراء الاقتصاد يرون أن المساعدة القطرية لنظام أردوغان تبدو ضئيلة للغاية مقارنة بحجم المشكلات التي يواجهها هذا النظام من مشكلات. "القروض التي يتم استلامها بالدولار مصدر قلق أساسي، لأن تراجع قيمة الليرة يجعلها مكلفة للغاية."
وتقول: "ستحتاج الشركات العاملة في تركيا لتمويلات بقيمة 200 مليار دولار من البنوك والمستثمرين الأجانب خلال العام 2018، لتغطية الدين القائم، بحسب تقديرات شركة ’أكسفورد إيكونومكس. لكن استعداد المقرضين لتوفير هذه الأموال هو محل شك كبير."