أعتذر أنا إذا كان عنوان المقالة «مبتذلاً» بعض الشيء، لكن ما العمل مع أردوغان الذي يتمنى لو أن الغرب يقدّر له سنّه المتقدمة.
أعتذر أنا إذا كان عنوان المقالة «مبتذلاً» بعض الشيء، لكن ما العمل مع أردوغان الذي يتمنى لو أن الغرب يقدّر له سنّه المتقدمة التي لن تسعف طموحه السلطوي العظيم، ويترك له ممارسة «وهم» زعامة العالم الإسلامي من على المنابر! كم يرجو أردوغان أن يتفهّم الغرب أنه غير مسؤول عن حال العظمة التي تتلبسه حين يتولى زمام المايكروفون، ودّ لو علموا أن جملة التهديد والوعيد في قوله: «سنعيدكم في توابيت إلى بلدانكم» في معرض تعليقه على حادثة المسجدين الإرهابية في نيوزيلندا، إنما هي «سلطنة» على مسرح المسلمين الذي يجيد فخامته الرقص فوقه على جراح المكلومين، لا أكثر!.
أكاد أجزم بأن التاريخ الإسلامي سيتوخى الحذر عند ذكره فيما بعد، بالنظر إلى عنترياته وخطبه تحديداً، ذلك أن الرد الغربي عليها يشوّش على المسلم مفاهيم الاعتزاز التي اعتاد عليها، إذ إن تلك الردود التي يرضخ لها أردوغان تأتي قاسية في الغالب
ليس بالإمكان ترقيع امتهان أردوغان نفسه، حتى مع اجتهادات المستفيدين من وجوده، ودفاعهم المستميت عن النكوص الأردوغاني المتكرر على عقبيه، إذ إن استشعارهم أن الدائرة بدأت تضيق عليهم حقاً لخبط أوراق اللعبة، لدرجة أن «الإخوان المسلمين» الذين كانوا مجرد ورقة مناورة في يد أردوغان، أصبحوا اليوم طوق نجاته الأخير، أولاً بسبب الانهيار الاقتصادي المتلاحق في تركيا، وانكشاف سحر التغطية على عوار الليرة ومن خلفها الاقتصاد، الذي مارسته مدرسة أردوغان القمعية التي كممت الأفواه بتمثيلية الانقلاب، فلم يتبقَّ من سبل البقاء سوى شعارات مدرسة المظلومية «الإخوانية»، التي تقوم أصلاً على صناعة الأعداء.
ثانياً وهو الأهم من وجهة نظري، هو المصير الواحد، عندما قرر أردوغان بمحض إرادته أن يلقي بجميع بيضه في سلة «الإخوان المسلمين»، وأن يحمل لواء التحرش بالسعودية ومصر.
بصفة السيد الرئيس أصبح ينافسنا نحن كتاب الرأي في طرح وجهة نظره عبر المقالات الصحفية، إيماناً منه بالدور المحوري والمهم للإعلام في تشكيل الأحداث، فليسمح لي من باب «الزمالة» أن أقول له إنه قد وقع في شرك «الإخوان» وقطر معاً، وليس العكس، عندما استوعبوا جيداً طموحه المستحيل، وألبسوه تاج الخلافة على رغم ذلك، ليجعلوا منه «الإسفنجة» التي تمتص نواياهم في التخريب إلى حين، قبل أن تُظهر اتساخها آلام السوريين التي تاجر بها منذ بداية الأزمة في سورية، إضافة إلى تحالفاته المشبوهة المعلنة مع سفاكي دمهم في إيران! لهذا، يمكننا القول إن تبادل الأدوار بينهم بات ضرورة مرحلية ملحة، أردوغان من جهته يتاجر بكراهية «الصليبيين» فيحمّل «الإخوة» تصريحاته على ظهور ركبانهم التي تطير بها، وحين يطأطئ رأسه، تقف جوقة المداحين بلا خجل، بانتظار نصر مؤقت آخر من فوق منصة نفاق جديدة .
أردوغان يخسر بلا أدنى شك، حتى إن سرد تناقضاته وصولاً إلى تفسيرات مكتبه المخزية أخيراً جراء هجومه غير المبرر على الأستراليين والنيوزيلنديين، لم يعد بالشيء الجديد أو الإثبات المنتظر لتواري ظاهرة أردوغان، وأكاد أجزم بأن التاريخ الإسلامي سيتوخى الحذر عند ذكره فيما بعد، بالنظر إلى عنترياته وخطبه تحديداً، ذلك أن الرد الغربي عليها يشوّش على المسلم مفاهيم الاعتزاز التي اعتاد عليها، إذ إن تلك الردود التي يرضخ لها أردوغان تأتي قاسية في الغالب، كأنما تؤكد أن في كل أمة نقفورها «اللي مكفيها».
نقلاً عن "الحياة"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة