النيجر تستعين برجل أعمال كيني «مثير للجدل» لإنشاء أول مصفاة ذهب

في خطوة تهدف إلى تعزيز القطاع الصناعي وتطوير صناعة الذهب في النيجر، وقعت الحكومة النيجرية هذا الأسبوع اتفاقا مع رجل الأعمال الكيني كامليش باتني، صاحب شركة "سوفرانا رويال غولد تريدينج"، لافتتاح أول مصفاة ذهب في البلاد.
والاتفاق الذي يهدف إلى إقامة مشروع مشترك بين الحكومة والشركة الخاصة لإنشاء مصفاة ذهب بالإضافة إلى مصنع لصناعة المجوهرات، أثار الكثير من الجدل نظرًا للسمعة المثيرة للجدل التي يحملها باتني، والتي قد تؤثر على مصداقية النيجر الدولية، بحسب إذاعة "إر.إف.إي" الفرنسية.
خلفية الاتفاق والشراكة
وفي 23 أبريل /نيسان الجاري، أعلن وزير المناجم في النيجر عن توقيع اتفاق شراكة مع شركة "سوفرانا رويال جولد تريدينغ"، التي يملكها رجل الأعمال الكيني كامليش باتني، لافتتاح أول مصفاة ذهب في البلاد.
وقد أشار الوزير إلى أن هذا المشروع سيسهم في "إحداث ثورة هيكلية" في القطاع المعدني في النيجر، موضحا أن هذا التعاون سيحقق فوائد اقتصادية كبيرة للشعب في النيجر من خلال تحسين استغلال الموارد الذهبية في البلاد وتعزيز صناعة الذهب.
وتعد النيجر من أكبر منتجي الذهب في غرب أفريقيا، إلا أن القطاع لم يشهد التطور الكافي في مراحل التصنيع المتقدمة مثل التنقية والصناعة التحويلية. هذا الاتفاق يسعى إلى معالجة هذه الفجوة من خلال إقامة أول مصفاة ذهب في البلاد.
ومن المتوقع أن يُساهم المشروع في إضافة قيمة مضافة لقطاع الذهب، وتوفير فرص عمل جديدة، فضلاً عن تحسين الوضع الاقتصادي في النيجر.
مخاطر الشراكة
على الرغم من الوعود الاقتصادية التي يحملها هذا الاتفاق، فإن الشخصية التي تقف وراء هذه الشراكة، كامليش باتني، تثير الكثير من القلق.
باتني، الذي يُعتبر أحد أبرز رجال الأعمال الكينيين، يحمل سمعة مشبوهة بسبب تورطه في عدة قضايا تجارية مثيرة للجدل في الماضي.
منذ ديسمبر/كانون الأول 2024، فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عقوبات على باتني بسبب تورطه في عمليات تجارة الذهب غير القانونية في زيمبابوي.
وقد أسفرت هذه الأنشطة عن "حرمان المواطنين الزيمبابويين من الاستفادة من هذه الموارد الطبيعية" وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، التي قالت إن هذا النشاط غير القانوني قد مهد الطريق لفساد واسع النطاق في الدولة.
وبالإضافة إلى ذلك، كان باتني قد تورط في فضيحة "جولدينبيرج" في كينيا في التسعينات، والتي تتعلق بسرقة أموال عامة عبر تحفيزات احتيالية لتصدير الذهب والألماس. هذا الفساد دفعه إلى مغادرة البلاد، على الرغم من أن الحكومة الكينية قد أسقطت التهم ضده في وقت لاحق، مما سمح له بالعودة إلى كينيا.
من منظور اقتصادي، يُعتبر هذا الاتفاق بين النيجر وباتني خطوة استراتيجية نحو استغلال الثروات الطبيعية للبلاد بشكل أكثر كفاءة، لكنه يأتي أيضًا مع عدد من المخاطر التي يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي أمادو تراوري المختص في شؤون الاقتصاد الأفريقي والتنمية المستدامة لـ"العين الإخبارية" إن "النيجر بحاجة ماسة إلى تطوير قطاع الصناعات التحويلية، وخاصة في مجال الذهب، الذي يمثل أحد المصادر الرئيسية للإيرادات الوطنية".
وأضاف: "عندما يتعلق الأمر بشخصية مثل كامليش باتني، الذي لديه تاريخ من الأنشطة المشبوهة، يجب أن تكون الحكومة أكثر حرصًا في اختيار شركائها".
وتابع الخبير: "في ظل سمعة باتني السيئة، فإن الشراكة معه قد تؤدي إلى تآكل الثقة الدولية في النيجر، وخاصة في ظل العقوبات التي تفرضها دول الغرب على بعض الشركات والأفراد. من الممكن أن يعرض هذا الاتفاق النيجر لخطر فقدان الاستثمارات الأجنبية والتعرض لضغوط سياسية من الدول التي تتبنى سياسات مكافحة الفساد."
من جهة أخرى، يرى الخبير أن المشروع يمكن أن يقدم فرصًا حقيقية للنيجر إذا تم تنفيذه بشكل شفاف، مع فرض رقابة صارمة على الشركاء المحليين والدوليين، لضمان أن العوائد الاقتصادية تعود بالنفع على الشعب النيجري وليس فقط على فئة معينة من رجال الأعمال.
التحديات المستقبلية
بينما يثير المشروع الكثير من الأمل في رفع مستوى الاستثمارات في النيجر وتعزيز الصناعة المحلية، فإن التحديات التي قد تواجهه تتمثل في كيفية إدارة العلاقة مع رجل الأعمال الكيني، وضمان أن التعاون سيحقق الفوائد المرجوة دون أن يُستغل في عمليات غير قانونية أو يضر بمصالح الدولة.
في هذا السياق، يتعين على الحكومة النيجرية أن تضع استراتيجيات واضحة للحد من المخاطر المرتبطة بشراكات مثل هذه، وتضمن الشفافية والمساءلة في كافة مراحل المشروع.
وإذا كانت النيجر تأمل في أن تكون هذه الشراكة بداية لتطوير قطاعها الصناعي في مجال الذهب والمجوهرات، فإن الطريق أمامها ليس خاليًا من العقبات.
وستكون مراقبة كيفية سير هذا المشروع ومعالجة القضايا القانونية والاقتصادية المتعلقة بشخصية كامليش باتني هي المفتاح لضمان النجاح والاستفادة الكاملة من هذه الفرصة دون تعريض سمعة النيجر للضرر.
aXA6IDMuMTQ0LjEyLjE2MCA= جزيرة ام اند امز