مثلث الموت.. الإرهاب ومخاطر التمدد في الساحل بعد انقلاب النيجر
مثلث الموت الحدودي؛ 3 كلمات مخيفة من الناحية الأدبية، لكنه واقع أمني وإنساني صعب في منطقة الساحل، يمكن أن يتفاقم بعد انقلاب النيجر.
وتتنافس جماعات وتنظيمات إرهابية على النفوذ في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، خاصة بعد انسحاب القوات الأجنبية من المنطقة، وخاصة مثلث مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
ووقعت معارك بين تنظيمات "داعش"، ونصرة الإسلام والمسلمين المكوّنة من اندماج 5 جماعات محلية تابعة لتنظيم القاعدة، الشهر الماضي، في مناطق تادنجدجورن وفتلي وهرارا في مالي على الحدود مع بوركينا فاسو،
وتعد هرارا مركزا مهما لـ"داعش" فيما يخص المواد اللوجستية والمصادر الغذائية والطبية.
وكذلك اشتبك التنظيمان في معارك طاحنة في منطقة تيسيت، شمال شرقي مالي، وعدة مناطق في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
تقاسم السيطرة؟
ويرى الخبراء أن تنظيم "داعش" يواجه صعوبة أمام تنظيم القاعدة، في الحفاظ على وجوده في المناطق الشرقية والوسطى والشمالية في بوركينا فاسو، وفي وسط مالي، ولذلك يبحث عن مد نفوذه في مناطق أخرى، منها بنين ونيجيريا، وضم جماعات الجريمة المنظمة المحلية.
ووفق خبراء تحدثت معهم "العين الإخبارية"، من المتوقع حدوث مزيد من المواجهات في المناطق التي يتواجد بها التنظيمان حاليا، حتى يتوصلا لاتفاق على تقاسم السيطرة والأراضي، أو حتى يضعف أحدهما بشكل يجبره على الخروج من منطقة ما لصالح التنظيم الآخر،
وينشط "داعش" بشكل أساسي في المناطق الحدودية للدول الثلاث لكنه شارك كذلك في عمليات متفرقة في بنين ونيجيريا؛ فإلى أي مدى يمكن أن يمدد وجوده في النيجر بعد الانقلاب؟
فرصة مشروطة
الدكتور عبد المهيمن محمد الأمين مدير جامعة المغيلي الأهلية الدولية بالنيجر، يعتقد أن "الحركات الإرهابية في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو قد تتمدد في الأيام الأولى للانقلاب في حال لم ينظم الانقلابيون أنفسهم ويقوموا بحركة استباقية من أجل ضرب هذه الحركات التي تنشط في المثلث".
وقال عبد المهيمن في حديث لـ"العين الإخبارية"، "إذا كانت الأخبار التي نسمعها صحيحة بأن الجيش المالي بدأ يتحرك على الحدود لضرب هذه الحركات وخاصة داعش، واستطاع الانقلابيون أن يتحركوا بقوة وينسقوا مع مالي وبوركينا فاسو ربما يساعد ذلك كثيرا في وقف تمدد هذه الحركات".
مستدركا "أما في حالة عدم تنظيم الانقلابيين لأنفسهم والقيام بحركة استباقية، وانشغلوا بالمشاكل الداخلية والعقوبات التي فرضت عليهم، وكذلك المشاكل السياسية بالبلاد، ونسوا الجانب الأمني، ربما سيكون ذلك فرصة قوية لتتمدد التنظيمات الإرهابية وتنشط بشكل أكبر".
وأوضح أن هذه التنظيمات نشطة في النيجر وفي مالي، معربا في الوقت ذاته عن أمله في أن تستقر الأوضاع بالنيجر إما بإعادة السلطة إلى الرئيس محمد بازوم، أو أن تتكشف رؤية الانقلابيين في وضع خارطة طريق من أجل الخروج من هذا المأزق.
"داعش" الأقوى
من المعروف أن عناصر "داعش" في مثلث الموت، ينحدرون من جماعات عرقية مختلفة، منها الفولاني والعرب والطوارق والدوساهاك وسونغاي، وهذا التكتل العرقي هو نتيجة عمليات اندماج وانشقاقات سابقة.
ورغم ما يبدو من قوة وانتشار الجماعات المحلية المحسوبة على تنظيم القاعدة، فإنها عرضة للانقسام، أما داعش فأكثر تماسكا وديناميكية، بحسب مراقبين.
ويرى المختصون في الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي أن هناك احتمالا أن يزيح "داعش" الحركات المرتبطة بالقاعدة، لكن ليس من المرجح أن يحدث ذلك من خلال المواجهة المفتوحة، بل إذا استشعر أعضاء هذه الجماعات قوة "داعش" مقارنة بباقي التنظيمات، فقد يختارون الانضمام له بشكل جماعي.
اتفاق وطني
عبد المهيمن يقول "إذ استطاع في النيجر الوصول إلى حل تشارك فيه الأطياف من المؤسسات المدنية والدينية والأحزاب وكل القوى الموجودة في البلاد، وأن تتفق وتتوحد وتضع خارطة طريق من أجل الاستقرار الداخلي، أعتقد أن هذا ربما يعطي الفرصة للجيش الذي يقود الانقلاب من أجل التفرغ لمحاربة الإرهاب".
"لكن في حالة عدم الوصول لمثل هذا الاتفاق الوطني حتما ستنشط الحركات الجهادية، خاصة وإننا نعرف أن هذه الحركات تستغل دائما الظروف الأمنية والفوضى التي تسود البلاد من أجل التوغل فيها". بحسب الخبير نفسه.
ومضى قائلا: "هذه الحركات تحاول ضم الشباب العاطلين عن العمل، ويعيشون في ظروف اقتصادية سيئة، وإن لم يضع الجيش استراتيجية قوية ونشطة سريعا، فإن البلاد ستكون عرضة لتمدد ونشاط هذه الحركات وسوف تزداد الأوضاع سوءا كما هو موجود في مالي".
تهيئة الظروف
وفي الفترة الأخيرة، خدمت الظروف السياسية تنظيم "داعش"، خاصة انهيار التحالف الإقليمي لمكافحة الإرهاب بقيادة فرنسا، ما أجبر باريس على سحب قواتها من مالي وبوركينا فاسو.
كما أن العداء وتضارب المصالح بين خصوم التنظيم الإرهابي من الجماعات الأخرى في الساحل يحول دون تشكيل تحالف للقضاء عليه.
وبالإضافة إلى ذلك، ساعد انتهاء العملية العسكرية التي تقودها فرنسا في منطقة الساحل أيضا في تمدد التنظيم، وفق مراقبين.
ويرى المراقبون في الوقت نفسه، أن باريس فشلت في محاربة التطرف في هذه المنطقة، وأن قواتها التي بلغ عددها 4500 جندي في إطار عملية (برخان)، لم تحقق شيئا ملحوظا، ما جعل هذه المنطقة لا تتردد في طرد هذه القوات كما حدث في مالي.
فرصة للتعاون
لكن الدكتور علي يعقوب الكاتب المتخصص في شؤون غرب أفريقيا يرى من جانبه أن النيجر بعد الانقلاب ستكون فيها فرصة جيدة للتعاون مع جيوش مالي وبوركينا فاسو،
وقال يعقوب لـ"العين الإخبارية"، إنه كانت هناك مشكلة في مثل هذا التعاون في السابق قبل الانقلاب، مؤكدا أن الجماعات الإرهابية في المثلث الحدودي بين الدول الثلاث ليس لها أي وجود دائم في النيجر،
ومضى في توضيحه "كانت هذه الجماعات تشن الهجمات في النيجر ثم تعود إلى المثلث الحدودي، وليس لها أي وجود في أية قرية أو مدينة في البلاد"، لافتا إلى أن القوات الفرنسية بالنيجر والبالغ عددها 1500 جندي لم تدخل بشكل مباشر في معارك مع هذه الحركات،.
ورأى أن دور القوات الفرنسية ربما ينحسر في مد الجيش في النيجر بوسائل ومعدات حربية، ولذلك لم يتحمس الشعب النيجري لهذه القوات كثيرا.
وأكد أن الانقلابيين في النيجر ليس لهم أي علاقة بروسيا، بل وقلل من تأثير جماعة بوكو حرام في الحدود الشرقية، قائلا إن هذه الحركة ضعفت كثيرا ولم يعد لها أي تأثير، وإن المواجهة الحقيقية هي مع الجماعات الإرهابية في غرب البلاد وعلى رأسها "داعش".
aXA6IDMuMTM1LjE5MC4yNDQg
جزيرة ام اند امز