ست دقائق من الليل في عز النهار.. حضور عربي مميز في كسوف القرن
يشهد العالم في الثاني من أغسطس/آب 2027، واحداً من أندر وأطول كسوفات الشمس الكلية.
وخلال هذا الكسوف، يعبر ظل القمر مضيق جبل طارق مروراً بشمال أفريقيا وصولاً إلى قلب شبه الجزيرة العربية.

وأثناء هذا الحدث الفلكي الاستثنائي، سيُحجب قرص الشمس بالكامل لمدة تصل إلى 6 دقائق و22 ثانية، وهي أطول مدة كسوف كلي تُرصد على اليابسة منذ عام 1991، ولن تتكرر حتى عام 2114، ما أكسبه لقب "كسوف القرن"، بحسب موقع "سبيس دوت كوم".
ولا تكمن فرادة هذا الكسوف في طوله فقط، بل أيضاً في الظروف المناخية المواتية، إذ تشير التقديرات إلى فرص مرتفعة لصفاء السماء على امتداد مسار الكسوف، ما يجعل الحدث فرصة نادرة لهواة الفلك والمصورين والسياح الفلكيين حول العالم.
مسار واسع وفرص مشاهدة استثنائية
يمتد مسار الكسوف الكلي بعرض يصل إلى 258 كيلومتراً، وهو من أوسع المسارات الممكنة، نتيجة اقتراب القمر من الأرض خلال الحدث.
ويعبر المسار نحو 15 ألف كيلومتر، مروراً بأجزاء من إسبانيا وجبل طارق والمغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر والسودان والسعودية واليمن والصومال، إضافة إلى إقليم المحيط الهندي البريطاني.
وتقع أطول فترات الكسوف على خط المنتصف للمسار، حيث يمر مركز ظل القمر مباشرة. وفي حين لا تقع إسبانيا على هذا الخط، فإنها ستشهد كسوفاً كلياً يصل إلى 4 دقائق و40 ثانية، بينما توفر مدينة الأقصر في مصر مدة إضافية تقارب 100 ثانية، لتصل إلى أكثر من 6 دقائق من الظلام الكامل.

الطقس.. عامل الحسم
ويجمع خبراء الكسوف على أن صفاء السماء أهم من طول مدة الكسوف. ووفقاً لعالم الأرصاد الكندي والمتخصص في مناخ الكسوف جاي أندرسون، فإن احتمالات الغيوم على امتداد المسار من بنغازي في ليبيا وحتى السعودية تتراوح بين صفر و5% فقط، وهي نسبة نادرة في مثل هذه الأحداث.
كما أن ارتفاع الشمس لن يمثل عائقاً هذه المرة، إذ ستكون على ارتفاع 38 درجة فوق الأفق في إسبانيا، وترتفع لتصبح شبه عمودية في مصر، ما يعزز فرص الرؤية الواضحة.
إسبانيا وجبل طارق: بوابة أوروبية للكسوف
تُعد إسبانيا من أسهل الوجهات وصولاً لمتابعي الكسوف من أوروبا وأميركا الشمالية، حيث ستشهد مناطق الأندلس مثل طريفة وقادس ومالقة كسوفاً كلياً يتراوح بين 3 و4.5 دقائق، مع فرص عالية لصفاء السماء في أغسطس/آب.
أما جبل طارق، فيبقى خياراً جيداً، مع تحذير الخبراء من الصعود إلى قمة «الصخرة» بسبب احتمالات تشكل سحب محلية، قد تحجب الرؤية.
شمال أفريقيا: فرص ممتازة وتنوع جغرافي
في المغرب والجزائر، ينصح الخبراء بالابتعاد قليلاً عن السواحل بسبب احتمالات الضباب البحري، والتوجه إلى المناطق الداخلية والصحراوية حيث تقل السحب. وتُعد تونس من الوجهات المفضلة، إذ ستشهد نحو 5 دقائق و42 ثانية من الكسوف الكلي، مع طقس مستقر وتكاليف سفر معقولة.
أما ليبيا، ورغم مرور المسار بالقرب من طرابلس ووصول مدة الكسوف في بنغازي إلى أكثر من 6 دقائق، فمن غير المتوقع أن تستقطب أعداداً كبيرة من المتابعين، رغم أن البيانات المناخية تشير إلى غياب شبه تام للغيوم في هذا التوقيت من العام.

مصر.. قلب كسوف القرن
تتصدر مصر، وتحديداً مدينة الأقصر، قائمة الوجهات العالمية لمتابعة كسوف 2027، حيث ستشهد المدينة، الغنية بالمعابد الفرعونية، 6 دقائق و20 ثانية من الكسوف الكلي تحت سماء شبه خالية من الغيوم.
ويمتد المسار عبر مناطق واسعة من غرب وشمال مصر، تشمل واحة سيوة ومنخفض القطارة وأسيوط، حيث تكاد فرص الغيوم تكون معدومة. ومع توقع ازدحام الأقصر، قد يلجأ بعض المتابعين إلى مدن ومواقع أثرية أخرى مثل إدفو وكوم أمبو، أو إلى ساحل البحر الأحمر، حيث تهب نسائم بحرية تخفف من حدة الحرارة.
الجزيرة العربية: بين الصفاء والحرارة
سيمر الكسوف الكلي أيضاً عبر السعودية واليمن والصومال. وقد يغري المشهد من محيط المسجد الحرام في مكة بعض المتابعين، ويشير الخبراء إلى أن أفضل فرص الرؤية في الجزيرة العربية ستكون على طول سواحل البحر الأحمر، حيث تنخفض نسب السحب مقارنة بالمناطق الجبلية جنوباً.
التحدي الحقيقي: الغبار والحر
رغم أن الغيوم لن تكون التحدي الأكبر في كسوف 2027، إلا أن الغبار والحرارة يمثلان عاملين أساسيين يجب الاستعداد لهما، خاصة في شمال أفريقيا، حيث قد تتراوح درجات الحرارة بين 30 و42 درجة مئوية. ويوصي الخبراء بالحفاظ على الترطيب، وتجنب التعرض المباشر للشمس لفترات طويلة، وحماية المعدات الفوتوغرافية من الحرارة والغبار.

حدث لا يتكرر قريباً
ويوصف كسوف 2 أغسطس/آب 2027 بأنه فرصة نادرة تتطلب تخطيطاً دقيقاً، لكن المؤشرات المناخية والفلكية تبعث على التفاؤل. وبين المدن التاريخية، والسواحل، والصحارى المفتوحة، يملك متابعو الكسوف خيارات واسعة لرؤية أحد أعظم العروض الطبيعية في القرن الحادي والعشرين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA==
جزيرة ام اند امز