مملكة الناسك وقيصر روسيا.. تاريخ متشابك في عزلة تشتد
طالما اعتبرت علاقات روسيا بكوريا الشمالية نافذة يطل منها زعماء بيونج يانج على عالم يضيق بفعل عقوبات دولية، لكن الصورة تقترب من أن تتبدل.
وصوتت كوريا الشمالية ضد قرار للأمم المتحدة، الأربعاء، يطالب روسيا بإنهاء حربها على أوكرانيا، وهي خطوة يقول خبراء إنها تعكس عداء بيونج يانج للدول الغربية وأملها في أن تدعم روسيا رفع العقوبات عن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.
وكانت كوريا الشمالية واحدة من 5 دول تعارض القرار، الذي تم تمريره بأغلبية ساحقة في أول جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال 40 عاما.
ويدين القرار الحرب الروسية على أوكرانيا ويدعو لانسحاب الجيش فورًا من البلاد، في آخر جهود دولية لعزل موسكو بعد العقوبات والتدابير الأخرى التي ألحقت ضررا كبيرا بالاقتصاد الروسي.
ومع ذلك، ما زالت بيونج يانج داعما قويا لموسكو، وكان سفير جمهورية كوريا الشمالية بالأمم المتحدة كيم سونج ضمن عدد قليل من الدبلوماسيين الذي يدافعون عن روسيا في الجمعية العامة، الأربعاء، مكررا التصريحات الأخيرة لوزارة الخارجية الكورية الشمالية التي تعتبر الولايات المتحدة "سببا رئيسيا" في الحرب على أوكرانيا.
مملكة الناسك
على مدار عقود، كانت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية -والتي تعرف بكوريا الشمالية- وتوصف أيضا بمملكة الناسك بسبب انغلاقها على نفسها، واحدة من أكثر الدول التي تحيطها السرية.
وطبقًا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، لا تحب حكومتها أن يذهب إليها الناس من خارجها لكشف ما يحدث داخلها.
وتتشارك البلاد حدودها مع كوريا الجنوبية، ولم يتواصل البلدان مع بعضهما البعض لفترة طويلة، وحتى أنه لم تطأ قدما زعيم كوري شمالي الجارة الجنوبية لمدة 65 عاما، ولم يلتق قادة البلدين لـ10 أعوام.
لكن تغير ذلك في أبريل/نيسان عام 2018 عندما التقى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون مع رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن على الحدود التي تربط البلدين، ليصبح الاجتماع لحظة هامة في التاريخ الحديث.
وطالما كانت كوريا دولة واحدة لكنها انقسمت بعد الحرب العالمية الثانية، وحكمتها اليابان، لكن عندما استسلمت اليابان، احتلت قوات من الاتحاد السوفيتي شمال البلاد، في حين احتلت القوات الأمريكية الجنوب.
ودعم السوفيت نظام حكم يسمى الشيوعية، في حين كانت الولايات المتحدة مناهضة للشيوعية، وبالتالي لم يتمكن الجانبان من الاتفاق بشأن كيفية توحيد البلاد، لذا انقسمت رسميًا إلى كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية في 9 سبتمبر/أيلول من عام 1948.
وأدت الخلافات السياسية بين البلدين المتناحرين إلى اندلاع الحرب عام 1950، عندما غزت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية. واستمرت الحرب ثلاثة أعوام، لكن ظلت كوريا الشمالية والجنوبية رسميًا في حرب لأنه لم يتم توقيع معاهدة سلام أبدا.
ومنذ عام 1948، حكمها ثلاثة رجال من نفس العائلة؛ حيث كان كيم إل سونج أول قائد أعلى للبلاد، والذي تولى زمام البلاد حتى وفاته عام 1994، ثم خلفه ابنه كيم جونج إل، الذي تولى السلطة لمدة 17 عاما.
وعام 2011، أعلنت كوريا الشمالية أن نجل كيم جونج إل، كيم جونج أون، زعيمها الجديد.
واحتشد حوالي مليون شخص في العاصمة بيونج يانج لسماع الإعلان.
وطبقًا لـ"بي بي سي"، يعيش في كوريا الشمالية أكثر من 25 مليون نسمة في ظل شكل من أشكال الحكم الشيوعي، الذي يسيطر بشكل صارم على شتى مجالات الحياة اليومية.
ويتعين على الناس أن يطلبوا الإذن بالسفر في أرجاء البلاد كما أنه من الصعب على الزوار دخول البلاد أيضًا.
ويتم ضبط جميع القنوات التلفزيونية ومحطات الإذاعة على القنوات التابعة للدولة، ومن يتم الإمساك بهم يستمعون إلى شبكات أجنبية يواجهون عقوبات قاسية.
كوريا الشمالية وروسيا
كان الاتحاد السوفيتي، الذي سبق الاتحاد الروسي، أول من يعترف بكوريا الشمالية (جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية) في 12 أكتوبر/تشرين الأول لعام 1948، باعتبارها السلطة الوحيدة الشرعية الوحيدة في كل كوريا (وكانت الصين أول دولة تعترف بجمهورية كوريا في أمة مقسمة).
وخلال الحرب الكورية، دعمت القوات العسكرية السوفيتية جيش كوريا الشعبية، وتأسست كوريا الشمالية باعتبارها جزءا من الكتلة الشيوعية، وحصلت على دعم سوفيتي كبير.
وتنافست الصين والاتحاد السوفيتي على النفوذ في كوريا الشمالية خلال الانقسام الصيني السوفيتي في الستينيات، فيما حاولت كوريا الشمالية الحفاظ على علاقات جيدة مع كلا البلدين.
وطبقًا لمركز "ويلسون" للدراسات في واشنطن، عزز الاتحاد السوفيتي قدرة كوريا الشمالية على شن حرب في الشهور والأيام وحتى الساعات التي سبقت غزو كوريا الجنوبية في 25 يونيو/حزيران عام 1950، حيث قدم المساعدة الاقتصادية الأساسية لدولة كيم إيل سونج الوليدة، بالإضافة إلى الأسلحة وتدريب القوات المسلحة.
وذكر المركز أن كيم إيل سونج لم يكن ليجرؤ على شن الحرب الكورية دون موافقة القائد السوفيتي جوزيف ستالين، وربما لم يكن ليفعل بدون الأسلحة والخبراء والروبلات التي قدمها الاتحاد السوفيتي.
وتواصلت العلاقات بين البلدين بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، واكتسبت مزيدا من الأهمية بعد انتخاب فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا عام 2000.
كما قبل كيم جونج أون دعوة لزيارة روسيا منتصف 2015، هذا ويتشارك البلدان في حدود على طول نهر تومين.
وعقدت أول قمة بين روسيا وكوريا الشمالية في عام 2019 بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
aXA6IDMuMTI4LjE5OC45MCA= جزيرة ام اند امز