حرب روسيا وأوكرانيا.. ما دور "الجنائية الدولية"؟
تحقيق قررت المحكمة الجنائية الدولية فتحه حول فرضية وقوع جرائم حرب بأوكرانيا، يسلط الضوء على الدور المحتمل للمحكمة بالتوتر شرقي أوروبا.
وطمأن المدعي العام للمحكمة كريم خان أن تحقيقه سيُجرى "بطريقة موضوعية ومستقلة"، ويستهدف "ضمان المساءلة عن الجرائم التي تدخل في نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية"، بحسب "فرانس 24".
لكن ما هي المحكمة الجنائية الدولية وما هي القضايا التي تدخل ضمن اختصاصها؟ وهل أن روسيا وأوكرانيا أطراف بالقانون المؤسس للمحكمة؟
طبقًا لوكالة "رويترز"، تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 للنظر في الجرائم عندما تكون الدول الأعضاء غير راغبة أو غير قادرة على فعل ذلك بنفسها، ويمكنها البت في الجرائم التي يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء أو التي تقع على أراضي تلك البلدان بواسطة أطراف أخرى.
وسبق أن أدانت المحكمة خمسة رجال بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، جميعهم من قادة الجماعات المسلحة في أفريقيا، وتراوحت العقوبات بالسجن بين 9 أعوام و30 عاما، وأقصى عقوبة يمكن أن تصدرها المحكمة هي السجن مدى الحياة.
ومن بين التحقيقات التي فتحتها دعوى ضد الرئيس السوداني السابق عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية.
وينص الموقع الرسمي للمحكمة الجنائية الدولية على أنها تحقق، متى استلزم الأمر، وتحاكم الأفراد المتهمين بارتكاب أخطر الجرائم التي تهم المجتمع الدولي: الإبادة الجماعية، جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة العدوان.
وتشارك المحكمة في الكفاح العالمي لوضع حد للإفلات من العقاب، ومن خلال العدالة الجنائية الدولية، وتستهدف محاسبة المسؤولين عن الجرائم لمنع تكرارها.
وبحسب موقع المحكمة، لا يمكنها تحقيق تلك الأهداف بمفردها، وباعتبارها محكمة الملاذ الأخيرة، تسعى لأن تكون مكملًا وليس بديلًا للمحاكم الوطنية.
وتعد المحكمة الجنائية الدولية أول محكمة جنائية دولية دائمة في العالم تحكمها معاهدة دولية تسمى نظام روما الأساسي.
وينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وفقا للمنشور عبر الموقع الرسمي لمفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، على أن تكون المحكمة هيئة دائمة لها السلطة لممارسة اختصاصها على الأشخاص إزاء أشد الجرائم خطورة موضع الاهتمام الدولي, وتكون المحكمة مكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية، ويخضع اختصاص المحكمة وأسلوب عملها لأحكام هذا النظام الأساسي.
وتنظم العلاقة بين المحكمة والأمم المتحدة بموجب اتفاق تعتمده جمعية الدول الأطراف في هذا النظام الأساسي ويبرمه بعد ذلك رئيس المحكمة نيابة عنها.
كما نص نظام روما الأساسي على أن يكون مقر المحكمة في لاهاي بهولندا (الدولة المضيفة)، وتعقد المحكمة مع الدولة المضيفة اتفاق مقر تعتمده جمعية الدول الأطراف ويبرمه بعد ذلك رئيس المحكمة نيابة عنها.
وللمحكمة أن تعقد جلساتها في مكان آخر عندما ترى ذلك مناسباً وذلك على النحو المنصوص عليه في هذا النظام الأساسي.
وتمارس المحكمة الاختصاص على جريمة العدوان متى اعتمد حكم بهذا الشأن وفقاً للمادتين 121 و123 يعرف جريمة العدوان ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة, ويجب أن يكون هذا الحكم متسقاً مع الأحكام ذات الصلة من ميثاق الأمم المتحدة.
ويعتبر مكتب المدعي العام جهازا مستقلا من أجهزة المحكمة، ويجري المدعي العام عمليات التدقيق الأولية والتحقيقات، وهو الوحيد الذي يمكنه رفع القضايا أمام المحكمة.
وتشارك المحكمة في حوار متبادل مع المجتمعات التي عانت من جرائم واقعة ضمن اختصاصها، حتى يتسنى لهم التواصل مباشرة مع المحكمة وتعزيز الشعور بالمسؤولية في الإجراءات القضائية.
وطبقًا لموقع المحكمة، لديها اليوم أكثر من 900 موظف من حوالي 100 دولة، وتستخدم ست لغات رسمية: الإنجليزية، والفرنسية، والعربية، والصينية، والروسية، والإسبانية.
وكان هناك حتى الآن 30 قضية أمام المحكمة، مع وجود أكثر من مشتبه به في بعض القضايا.
وأصدر قضاة المحكمة 35 مذكرة توقيف، وبفضل تعاون الدول، تم احتجاز 17 شخصا بمركز موجود في المحكمة ومثلوا أمامها، فيما لا يزال 13 شخصا هاربين، وتم إسقاط التهم ضد 3 أشخاص بسبب وفاتهم.
كما أصدر قضاة المحكمة 9 قرارات استدعاء للمثول أمامها، و10 إدانات و4 أحكام بالبراءة.
روسيا وأوكرانيا
وقال كريم خان إنه بالنظر إلى أن أوكرانيا ليست طرفا في نظام روما الأساسي الذي تأسست المحكمة بموجبه، لا يمكنها إحالة الجرائم المزعومة بنفسها، لكنها قبلت سابقا الولاية القضائية، بما في ذلك عندما غزت روسيا القرم عام 2014، وفي المرة الثانية قبلت الاختصاص القضائي "على أساس مفتوح".
وتبعا لذلك، لا يمكن لأوكرانيا إحالة الجرائم المزعومة بنفسها، لكن المحكمة الجنائية الدولية لديها اختصاص على الجرائم المرتكبة على أراضيها.
وانسحبت موسكو من المحكمة الجنائية الدولية عام 2016 بعدما نشرت المحكمة تقريرًا يصنف ضم روسيا للقرم بـ"احتلال".
وذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن إثبات ارتكاب روسيا لجريمة العدوان يبدو أمرًا واضحا، لافتة إلى أن التعريف يتضمن غزو دولة أخرى والقصف وحصار الموانئ.
لكن إذا لم تكن دولة طرفا في المحكمة الجنائية الدولية، لا يمكن أن تحاكم المحكمة أفرادها على هذه الجريمة المحددة، والاستثناء الوحيد هو أنه يمكن لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إحالة دولة غير عضو إلى المحكمة الجنائية بتهمة ارتكاب جريمة عدوان، لكن بما أن روسيا عضو دائم في مجلس الأمن ولديها حق النقض، فلن يحدث هذا، وفق صحيفة "الجارديان".
لكن لا يوجد حظر مشابه من شأنه أن يمنع توجيه تهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية ضد دولة غير موقعة، مثل روسيا.
aXA6IDMuMTQ0LjExNC44IA== جزيرة ام اند امز