«مرض نوبل»: ظاهرة غريبة بين الحائزين على الجائزة
لماذا يتبنى بعض الفائزين بجائزة نوبل أفكارًا غير علمية ؟
ألبرت أينشتاين، أحد أعظم علماء الفيزياء الحائزين على جائزة نوبل بفضل عمله في التأثير الكهروضوئي، وصف نفسه يومًا بأنه "محتال غير إرادي" بسبب التقدير المبالغ فيه لأعماله.
وبينما قد يكون ذلك إحساسًا بـ"متلازمة المحتال"، وهو الشعور بعدم الكفاءة مقارنة بالآخرين، يبدو أن بعض الفائزين بجائزة نوبل يتصرفون بطريقة مغايرة تمامًا.
هناك ظاهرة تُعرف باسم "مرض نوبل" أو "نوبليتيس"، تشير إلى التوجهات غير العلمية أو الغريبة التي يطورها بعض الحائزين على الجائزة بعد فوزهم، وغالبًا خارج مجالات تخصصهم. القائمة طويلة ومثيرة للدهشة، حيث تتراوح بين الإيمان بظواهر نفسية خارقة وحتى ادعاء زيارة من حيوانات متحدثة.
قصص غريبة وآراء مريبة
بيير كوري، الحائز على نوبل في الفيزياء لاكتشافه الراديوم والبولونيوم، اهتم بالسحر وتحضير الأرواح، معتقدًا أن هذه الظواهر قد تساعد في فهم المغناطيسية. جوزيف طومسون، مكتشف الإلكترون والفائز بجائزة نوبل في الفيزياء، انضم لجمعية الأبحاث النفسية واهتم بظواهر خارقة لمدة 34 عامًا.
أما تشارلز ريشيه، الحائز على نوبل في الطب عام 1913، فقد ابتكر مصطلح "الإكتوبلازم"، مدعيًا أنه مادة تخرج من أجساد الوسطاء الروحيين أثناء الجلسات. هذا الادعاء تبين لاحقًا أنه خدعة، حيث كان الوسطاء يبتلعون مواد مثل القماش ويستعيدونها لخلق هذا الوهم.
ومع ذلك، يمكن أن تكون هذه الأفكار غير العلمية ضارة أحيانًا. ريتشارد سمالي، الحائز على نوبل في الكيمياء عام 1996، عارض نظرية التطور، بينما دعم آخرون أفكارًا خطيرة مثل تحسين النسل والعمليات الجراحية اللاإنسانية كالفص الجبهي.
ومن بين الحالات الأكثر غرابة، الدكتور كاري موليس، الحائز على نوبل في الكيمياء عام 1993، الذي أنكر دور فيروس HIV في الإيدز وعبّر عن إيمانه بالتنجيم، بالإضافة إلى ادعائه رؤية راكون مضيء يقود دراجة نارية ويتحول إلى دولفين غنّاء.
الأسباب النفسية وراء الظاهرة
وفقًا لبعض العلماء، يمكن أن يكون الضغط المجتمعي والإعلامي جزءًا من المشكلة، حيث يُطلب من الفائزين بالجائزة التعبير عن آرائهم في مجالات خارج نطاق خبراتهم. بول نيرس، الحائز على نوبل، نصح زملاءه بتجنب الانحراف بعيدًا عن مجالات تخصصهم العلمية.
تُشير بعض الدراسات إلى أن الحائزين على الجائزة قد يعانون من "أخطاء معرفية" مثل الشعور بالعصمة والغرور والانفتاح المفرط، مما يجعلهم عرضة للتفكير غير النقدي. ورغم عدم وجود أدلة كافية تشير إلى أن الحائزين على نوبل أكثر عرضة لهذا النوع من التفكير من غيرهم، إلا أن الظاهرة تبقى موضوعًا مثيرًا للتساؤل.
"مرض نوبل" ليس مرضًا حقيقيًا، لكنه تعبير عن السلوكيات والأفكار غير التقليدية التي قد يطورها بعض الفائزين بجائزة نوبل. ورغم ذلك، يبقى الفوز بالجائزة دافعًا كبيرًا للإنجاز العلمي، دون أن يكون مصحوبًا بضمان للتمسك بالمنهج العلمي دائمًا.