40 قطيعا من الأغنام.. بقايا 7 آلاف عام لمهنة الرعاة الرحّل في سويسرا
الرعاة المتجولون في كانتون زيورخ يواجهون صعوبات كثيرة منها ضرورة الحصول على إذن من المكتب البيطري للتنقل في جميع أنحاء المنطقة.
أصبح من الصعب على رعاة الأغنام الرحل في سويسرا إيجاد المرعى المناسب على خارطة المجتمع المعاصر، وذلك في ظل غزو المناطق الحضرية للمشهد الطبيعي والكثافة السكانية والمنافسة على حيازة المساحات الصالحة للزراعة، وهو ما أدى إلى تراجع أعداد الرعاة، وحاليا يوجد ما يقرب من 40 قطيعا فقط يتنقّل عبر ربوع سويسرا.
يُعدّ الرعاة الذين يسهرون على حراسة قطعان الأغنام تقليدا له تاريخ طويل في سويسرا، وقد نشأت هذه الظاهرة في جنوب غرب سويسرا 5000 عام قبل ميلاد المسيح (منذ نحو 7 آلاف عام)، وكان هؤلاء يقودون قطعانهم إلى مناطق جبلية يزيد ارتفاعها عن 2750 مترا فوق سطح البحر.
يحتاج الرعاة المتجولون في كانتون زيورخ إلى إذن من المكتب البيطري للتنقل في جميع أنحاء المنطقة، وتنص اللائحة على عدد الحيوانات المرخّص بها لكل راع ويتم مراقبته عن كثب -بحد أقصى 400 رأس من أغنام التسمين للراعي- ويشرف عليها ما لا يقل عن 2 من الكلاب، ولا يقتصر الأمر على الجهات الرسمية، بل يجب على الفلاحين أنفسهم أن يرخصوا للراعي بعبور أراضيهم مع الحيوانات.
تتميّز الأغنام بشدّة مقاومتها للبرد بفضل صوفها الكثيف، ويمكن أن تجد ما تقتاته تحت طبقة سميكة من الثلج، كما أنها تأكل الأعشاب المجمّدة، على عكس الأبقار، ومع ذلك وفقا لـلجمعية السويسرية لحماية القطعان فإنه إذا كانت الأحوال الجوية تسبب تكوين طبقة جليدية سميكة بعد هطول الأمطار، فمن الضروري تزويد القطعان بتغذية إضافية أو التوقّف عن الترحال في فصل الشتاء.
يقوم الراعي المتجوّل جوزيه كارفالهو بنقل قطيع أغنامه عبر ربوع سويسرا طوال فصل الشتاء، ويتعلّق الأمر بتقليد عريق أصبح القيام به حاليا صعبا جدا بسبب غزو المناطق الحضرية للمشهد الطبيعي في سويسرا، وقضى المصوّر موريتز هاغر يوما كاملا مع هذا الراعي خلال رحلة له مع قطيعه نشرت تفاصيلها البوابة الإعلامية السويسرية "إس دبليو أي".
خلال فصل الصيف، يتحوّل جوزيه كارفالهو مع قطيعه الذي يرعى 800 رأس من الأغنام إلى أحد المراعي في كانتون غراوبوندن، وفي الشتاء، يجوب مناطق فينترتور، القريبة من زيورخ، في بحث دائم عن مراع يقتات منها قطيعه والحمار الذي يركبه.
وليس من السّهل بالنسبة له إيجاد المرعى المناسب بين الطرق الفرعية والطرق السيارة والمناطق الحضرية أو الحقول المترامية الأطراف التي تكوّن فسيفساء المشهد الطبيعي السويسري، ويعد جوزيه وقطيع أغنامه ظاهرة يجب مشاهدتها، ويوقف المسافرون محركات سياراتهم لالتقاط صور للأعداد الهائلة من الأغنام التي تقطع الطرق المسفلتة.
يعيش جوزيه كارفالهو، الذي ولد في البرتغال، مع أسرته في مزرعة "توتشغينهوف" في كانتون زيورخ، وهو واحد من بين الأعداد القليلة المتبقية من الرعاة في سويسرا المتنقلين من مرعى إلى آخر برفقة قطيعه وكلبيْه المخلصيْن، إنه من الصعب معرفة بالضبط عدد الرعاة الرحّل حتى الآن في سويسرا.