سياسيون تونسيون عن انسحاب الإخوان من حكومة الفخفاخ: "ابتزاز فاضح"
النهضة الإخوانية تنسحب من التشكيلة المقترحة للحكومة وتعلن عدم منحها الثقة بالبرلمان.
اعتبر برلمانيون وسياسيون ومراقبون في تونس، الأحد، انسحاب حركة النهضة الإخوانية من تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة إلياس الفخفاخ، "ابتزازا وسقطة سياسية" و"مناورة مفضوحة" يقودها راشد الغنوشي للضغط على الفخفاخ من أجل الحصول على الوزارات السيادة وخاصة وزارتي الداخلية والعدل.
ومثّل الانسحاب المفاجئ من قِبل الإخوان محاولة لرفع درجات الإبتزاز السياسي ودفع البلاد إلى أزمة خانقة تزيد من حدة الصراع المفتوح بين حركة النهضة والرئيس قيس سعيد.
وأعلنت حركة النهضة الإخوانية، أمس السبت، انسحابها من التشكيلة المقترحة للحكومة، وعدم منحها الثقة بالبرلمان، معللة ذلك برفض الفخفاخ مطالب للحركة.
وقال عضو مجلس النواب التونسي منجي الرحوي، إن "سلوك الإخوان السياسي تحركه عقيدة الخوف من افتضاح أمرها وانكشاف جهازها السري، لذلك تبحث دائما على موطئ قدم في وزارة الداخلية للتغطية على الملفات المشبوهة والمتعلقة بتورط قياداتها في الاغتيالات السياسية".
وأضاف الرحوي، في تصريحات خاص لـ"العين الإخبارية"، أن تعيين شخصيات مستقلة على رأس الداخلية والعدل والدفاع يثير "الرعب" في أوساط حركة النهضة، إضافة إلى أن الفخفاخ أعلن أن شرعيته يستمدها من رئاسة الجمهورية وليست الأحزاب.
الأمر الواقع
على الرغم من إعلان النهضة انسحابها من الحكومة المقترحة؛ اتجه رئيس الحكومة المكلف إلى الإعلان عن تشكيل حكومته التي شملت 30 وزيرا وكاتب دولة.
وخصص الفخفاخ توزيع وزاراته السيادية على الشخصيات المستقلة عن الانتماء الحزبي؛ حيث عين القاضية ثريا الجريبي وزيرة للعدل، ومستشار رئيس الجمهورية هشام المشيشي في حقيبة الداخلية، والقاضي عماد الحزقي على رأس وزارة الدفاع، فيما تولى وزارة الخارجية الدبلوماسي نور الدين الري.
وترجح مصادر مقربة من الفريق الاستشاري لرئيس الحكومة التونسية، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الفخفاخ سيتجه إلى استبدال الشخصيات التي تمثل حركة النهضة الإخوانية بأخرى في غضون الأيام الـ5 المقبلة.
وقال الأمين العام لحزب التيار التونسي محمد عبو، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "لعبة النهضة أصبحت واضحة وهي تعطيل المشاورات ومحاولة فرض موقفها بالقوة دون وضع الاعتبار لمصلحة البلاد"، مؤكدا أن حزبه مستعد لخوض انتخابات تشريعية أخرى.
وأشار إلى "أن صبر الشعب التونسي نفد من العبث الذي تتسبب فيه النهضة"، معتبرا أن المشاورات التي تقوم على عقلية "الغنيمة" والابتزاز لا تبني أوطانا متطورة.
وبلغت حالة الغضب من الأداء والسلوك السياسي للإخوان مداها في رئاسة الجمهورية والاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) واتحاد الصناعة والتجارة (منظمة رجال الأعمال).
تحالفات جديدة
ووسط هذه الأجواء السياسية، توقع مراقبون أن تتشكل تحالفات جديدة في الأيام المقبلة من شأنها إسقاط "أوهام" حركة النهضة الإخوانية، فحزب قلب تونس المتحالف نظريا مع حركة النهضة لوح بعض قياداته استعدادهم منح الثقة لحكومة الفخفاخ.
ويرى الكاتب السياسي التونسي محمد بوعود أن "النهضة ستكون أول الخاسرين من انسحابها الحكومي لأنه سيغذي عزلتها الداخلية والتي اتسعت رقعتها إلى أكثر من كتلة نيابية معارضة لها"، واصفا الإخوان بالحركة "الباحثة عن تأزيم الوضع السياسي للاستفادة من الفراغ".
وأشار إلى أن "هناك مؤشرات عن ظهور تحالفات جديدة في المشهد السياسي، حينها ستكون النهضة خارج حسابات اللعبة السياسية وتستفيق على حقيقة حجمها الصغير برلمانيا وسياسيا".
وقد تلوح في الأفق، على حد تقدير بوعود، تحالفات وتقاطعات لتمرير الحكومة التونسية الجديدة لتجمع أكثر من كتلة نيابية مثل التيار الديمقراطي (22 مقعدا) وحركة الشعب (18مقعدا) والدستوري الحر (17 مقعدا) وكتلة الإصلاح (15 مقعدا) وكتلة قلب تونس (38 مقعدا) وكتلة المستقبل (9 مقاعد)، إضافة إلى العديد من المستقلين.
ورد الرئيس التونسي على انسحاب النهضة بالتأكيد أن بلاده فوق الصفقات التي يتم إبرامها في الظلام، وقال في لقاء مع رئيسي الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الأعراف، أكبر المنظمات الوطنية، إنه "لن يسمح بالمناورة تحت عباءة الدستور".
ويمكن أن يدفع هذا القرار من قِبل الحزب الأول في البرلمان نحو مأزق دستوري، لأنه قد يعطل تحصيل الأغلبية المطلوبة للحكومة المقترحة من أجل نيل الثقة لا سيما مع إعلان أيضا الحزب الثاني في البرلمان "قلب تونس" عدم منحه الثقة لحكومة الفخفاخ.
كما منح الفخفاخ وزارات: المالية لمحمد يعيش، والتجارة لمحمد المسليني، والطاقة لمنجي ﻣﺮﺯﻭﻕ، والصناعة لصالح بن يوسف، وتكنولوجيات الاتصال لبنى الجريبي، والشؤون الاجتماعية للحبيب كشو، والتعاون الدولي لسليم عزابي، والبيئة لشكري بن حسين، ووزير معتمد مكلف بالشؤون المحلية أنور معروف.
ووزارة التربية تولاها محمد الحامدي، والتعليم العالي خليل العمايري، والصحة عبداللطيف المكي، وحقوق الإنسان والعلاقة مع المجتمع المدني والهيئات الدستورية العياشي الهمامي، والسياحة محمد علي التومي.
وتولى وزارة الشؤون الثقافية شيراز العتيري، وأملاك الدولة غازي الشواشي، والشباب والرياضة أحمد قعلول، والمرأة أسماء السحيمي، والتجهيز محمد السليمي، والتشغيل فتحي بلحاج، ووزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالوظيفة العمومية ومكافحة الفساد محمد عبو، والفلاحة أسامة الخريجي.
كما تولى وزارة الشؤون الدينية أحمد عظوم، والنقل: عماد الحمامي، كما تم اختيار علي الحفصي، ولمنصب وزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالعلاقة مع البرلمان، وكاتبة دولة للخارجية سلمى النيفر، وكاتبة دولة لدى وزير الفلاحة مكلفة بالمنظومة المائية عاقصة بحري.
وكان رئيس الجمهورية التونسية قد كلف رسميا إلياس الفخفاخ بتأليف الحكومة بعد فشل الحبيب الجملي الذي رشحه حزب النهضة في الحصول على ثقة البرلمان، في يناير/كانون الثاني الماضي.
aXA6IDMuMTQ0LjI1NS4xMTYg جزيرة ام اند امز