رد مشروع أم تهديد خطير.. كوريا الشمالية ترفع راية "النووي" وأمريكا تلجأ لـ4 خيارات
"رد مشروع" أم "تهديد خطير"؟ سؤال طرح نفسه على الطاولة، بعد إطلاق كوريا الشمالية الأحد صاروخين باليستيين، وسط تنديد أمريكي ودفاع كوري.
ففيما تسرع كوريا الشمالية جهودها لأن تصبح دولة نووية بامتياز تحاول الولايات المتحدة الأمريكية اللعب على وتر السياسة تارة والعقوبات تارة أخرى، لتحجيم البلد الآسيوي وإثنائه عن المضي قدما في طريق التحول إلى دولة نووية.
وأجرت بيونج يانج ثماني عمليات إطلاق لصواريخ باليستية في أسبوعين، كان آخرها إطلاق صاروخين باليستيين ليل السبت الأحد، لتزيد تلك التجارب إضافة إلى المناورات العسكرية الأمريكية المشتركة مع سول وطوكيو، التوتر المتصاعد في المنطقة.
فما الجديد؟
رئاسة أركان الجيش الكوري الجنوبي اكتفت بالإشارة إلى أن الصاروخين الجديدين أطلقا من جنوب شرق كوريا الشمالية، فيما قالت القيادة العسكرية المشتركة في كوريا الجنوبية إن "جيشنا الذي عزز مراقبته ويقظته مستعد للتحرك فورا بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة".
ونقلت وكالو كيودو اليابانية عن حكومة البلاد أن الصاروخين أطلقا باتّجاه بحر اليابان وسقطا على ما يبدو خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان.
ونقلت كيودو عن نائب وزير الدفاع الياباني توشيرو إينو قوله إن من المحتمل أن يكون الصاروخان أطلقا من غواصات، مشيرا إلى أن الإطلاق حصل قبل الساعة الثانية صباحا بالتوقيت المحلي (17,00 بتوقيت غرينتش) وقطعا مسافة 350 كيلومترا على ارتفاع أقصى يبلغ 100 كيلومتر.
من جهتها، أعلنت القيادة الأمريكية للمحيطين الهندي والهادئ في بيان أنها "على علم بإطلاق صاروخين باليستيين"، مؤكدة أن إرادتها في الدفاع عن حلفائها اليابانيين والكوريين لم تتغير.
إطلاق الصاروخين الأخيرين جاء بعد ثلاثة أيام من إطلاق بيونج يانج صاروخا باليستيا متوسط المدى حلق فوق اليابان قبل أن يسقط في البحر، في حدث غير مسبوق منذ 2017، دفع طوكيو إلى تفعيل نظام الإنذار والطلب من سكان بعض المناطق الاحتماء.
كيف تبرر كوريا الشمالية تجاربها؟
وكالة الطيران المدني الكورية الشمالية قالت في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية "إن تجربة الإطلاق الصاروخية من جانب جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية هي إجراء دفاع عن النفس منتظم ومخطط له"، مشيرة إلى أن هدف هذه التجربة هو "الدفاع عن أمن البلاد والسلام الإقليمي ضد التهديدات العسكرية المباشرة من الولايات المتحدة والمستمرة منذ أكثر من نصف قرن".
وأكدت كوريا الشمالية، في بيان جديد السبت، أنها "تتابع من كثب التطور المقلق جدا للوضع الحالي"، في إشارة إلى نشر حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس رونالد ريجان" خلال المناورات الأمريكية الكورية الجنوبية المشتركة في الأسبوع الجاري.
تلك المناورات أثارت غضب بيونج يانج التي اعتبرتها تدريبات على "غزو"، فيما قالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية السبت إن هذه المناورات "استفزازية وخطرة جدا".
وأضافت وسائل الإعلام الحكومية أن المشاركة الأخيرة لحاملة الطائرات الأمريكية رونالد ريجان هي "نوع من الخداع العسكري" ضد "رد الفعل المشروع" لبيونج يانج لحماية نفسها من التهديدات الأمريكية.
وفيما دانت منظمة الطيران المدني الدولي التي تعقد اجتماعها السنوي في مونتريال الجمعة الاختبارات الباليستية التي أجرتها بيونج يانج في الأشهر الأخيرة، تعتبر كوريا الشمالية هذا القرار الذي تبنته منظمة الطيران المدني الدولي "استفزازا سياسيا من جانب الولايات المتحدة والقوى المرتبطة بها بهدف المساس بسيادة جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية".
كيف ردت أمريكا وسول وطوكيو؟
بينما عززت كوريا الشمالية من تجاربها كثفت سول وطوكيو وواشنطن تدريباتها العسكرية المشتركة في الأسابيع الأخيرة وأجرت مناورات جديدة الخميس، بمشاركة مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية تنتمي للمجموعة الضاربة لحاملة الطائرات "يو إس إس رونالد ريجان".
التدريبات وحدها لم تكن سلاح أمريكا لـ"معاقبة" كوريا الشمالية، بل إن وزارة الخارجية الأمريكية قالت في بيان إن واشنطن وطوكيو وسول اتفقت على "مواصلة التنسيق الوثيق لردودها على الأمدين القصير والطويل، بما في ذلك مع الحلفاء وشركاء الأمم المتحدة"، مؤكدة أن إطلاق الصواريخ الأخيرة من جانب بيونج يانج "يمثل تهديدا خطرا للسلام والأمن في المنطقة".
ومن التدريبات والتنسيق المشترك إلى فرض العقوبات، كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن جاهزة بالعقوبات سلاحًا على العديد من رجال الأعمال والشركات في آسيا، قال مسؤولون إنها تساعد في دعم تطوير أسلحة كوريا الشمالية وجيشها.
هل تنجح المفاوضات؟
وقال مسؤولو إدارة بايدن علنًا إنهم منفتحون على المفاوضات مع كوريا الشمالية لكنهم لم يتلقوا أي اتصال دبلوماسي من بيونج يانج، فيما كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يحاول التفاوض وجهاً لوجه مع الرئيس كيم، في سنغافورة وهانوي، لحمله على إنهاء برنامج أسلحته النووية، لكن تلك الجهود باءت بالفشل، بحسب "نيويورك تايمز".
وفيما فرض الرئيسان الأمريكيان السابقان دونالد ترامب وباراك أوباما "عقوبات قاسية" على كوريا الشمالية، أبقاها بايدن، إلا أن بعض خبراء كوريا الشمالية يقولون إن العقوبات فشلت في تغيير سلوك بيونج يانج، وأدت إلى زيادة المعاناة بين الكوريين الشماليين العاديين.
وقال مسؤولون أمريكيون في السنوات الأخيرة إن مجموعة من الأفراد والجماعات حاولت مساعدة كوريا الشمالية في التهرب من العقوبات، بما في ذلك من خلال عمليات نقل منتجات الطاقة من سفينة إلى أخرى، بحسب "نيويورك تايمز".
إلى أين تسير الأزمة؟
يقول محللون إن بيونج يانج "استغلت" حالة الجمود في الأمم المتحدة لإجراء مزيد من تجارب الأسلحة الاستفزازية، فيما تحذر سول وواشنطن منذ أشهر من أن بيونج يانج ستجري تجربة نووية جديدة على الأرجح بعد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
تلك التجربة النووية المحتملة، قالت عنها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إنها إذا نفذتها كوريا الشمالية فستتحول على الفور إلى أزمة في واشنطن والعواصم في جميع أنحاء آسيا وتزيد من حدة المخاوف العالمية، خاصة أنها تأتي بالتزامن مع تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإطلاق العنان لأسلحة نووية في العملية العسكرية بأوكرانيا.
إلا أن بعض المحللين يقولون إنه من غير المحتمل أن تجري كوريا الشمالية تجربة نووية خلال المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، والذي من المقرر أن يبدأ في بكين يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مشيرين إلى أن بيونج يانج تعتمد على بكين للحصول على الدعم الاقتصادي والدبلوماسي، على الرغم من أن الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون يلتزم أيضا بأيديولوجية الاكتفاء الذاتي.
مسؤولون في سول قالوا إن تصاعد وتيرة عمليات إطلاق الصواريخ من قبل كوريا الشمالية قد يشير إلى أنها أقرب من أي وقت مضى لاستئناف التجارب النووية لأول مرة منذ عام 2017، إذ تم رصد استعدادات تجرى في موقع الاختبار منذ أشهر.
aXA6IDE4LjExNy4xNTYuMTcwIA== جزيرة ام اند امز