نقص المعلومات.. "خنجر" بظهر استراتيجية بايدن ضد بوينج يانج
يقوض غياب المعلومات الاستخباراتية القوية من داخل كوريا الشمالية قدرة الولايات المتحدة على تحديد نوايا زعيم الأخيرة، كيم جونج أون.
يأتي ذلك في وقت تنفذ فيه الدولة المنعزلة وابلا من عمليات الإطلاق الصاروخي القوية، بحسب مسؤولين كبار بالإدارة الأمريكية.
وذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن التجارب الأخيرة تسببت في تنامي قلق المسؤولين في الإدارة حول نوايا كيم الإشراف على سابع تجربة نووية لبلاده.
وحتى الآن، رد الرئيس الأمريكي جو بايدن على المستوى التاريخي من الاستفزازات الكورية الشمالية بإرسال حاملة طائرات أمريكية إلى المنطقة.
كما أجرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تدريبات بالذخيرة الحية. وفي مكالمة هاتفية تم ترتيبها بشكل عاجل مع رئيس وزراء اليابان، تعهد بايدن بتنسيق "استجابة ذات مدى أطول" لكوريا الشمالية المولعة بالحرب.
ورفض المسؤولون بالبيت الأبيض الإفصاح عن تفاصيل أي تحليل أو تقييم يسلط الضوء على سبب الزيادة السريعة في الخطوات التصعيدية، مستشهدين بعدم القدرة على التحدث صراحة عن معلومات استخباراتية سرية.
لكن اعترف مسؤولان أمريكيان كبيران مطلعان على المسألة بأن المشكلة المحورية في التكهن بدوافع زعيم كوريا الشمالية هي غياب المعلومات الاستخباراتية المؤكدة تماما.
وقال كريس جونستون، مستشار كبير بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والمدير السابق بمجلس الأمن القومي في عهد بايدن: "لدينا صورة جيدا جدا بشأن حالة القدرات التقليدية والصاروخية لكوريا الجنوبية، الأمر الأكثر صعوبة هو عنصر النية، حيث، بالطبع، يمثل الجمع مشكلة أكبر".
وأوضح جونسون أنه "بالنظر إلى أن كثيرا مما تفعله كوريا الشمالية بقيادة زعيمها، يجب حقا الدخول إلى رأسه لتطوير استجابة، وهذه مشكلة استخباراتية".
ولطالما كانت كوريا الشمالية معزولة ومنعزلة إلى حد كبير عن باقي دول العالم، وهو واقع ازداد بسبب جائحة كوفيد-19.
وتفتقر كوريا الشمالية إلى الاستخدام واسع النطاق للتكنولوجيا التي لا تسهل فقط التقدم الاقتصادي والاجتماعي، بل أيضًا تقدم نافذة وفرصا مهمة لجمع المعلومات لأجهزة الاستخبارات الأمريكية وحلفائها.
ويترك ذلك البيت الأبيض بدون نوع المعلومات التي يمكنها المساعدة في التكهن بالتوقيت المحدد لإجراء تجربة نووية أو إتاحة مزيد من الرؤى حول تفكير كيم جونج أون، بينما يعمل بايدن على تحديد نهج يتجنب التصعيد.
وقال جون كيربي لـ"سي إن إن": "من الصعب معرفة ما يدور في عقله وكيف يتخذ قراراته، قدرتنا على استنباط المعلومات الاستخباراتية من بيونج يانج محدودة إلى حد ما، لذا من الصعب معرفة سبب ذلك، لكن ما نعلمه أنه يواصل محاولة تحسين برنامجه النووي وقدراته".
فيما قال جونسون إن مجتمع الاستخبارات "يعلم قدرًا معقولا عن دائرة زعيم كوريا الشمالية المقربة، وقدرًا معقولا بشأن كيفية اتخاذ القرارات. لكن في النهاية كيم هدف صعب جدا".
ولم تحقق العقوبات التي فرضتها الإدارات الأمريكية الثلاث السابقة سوى القليل لوقف اتجاه كيم نحو الحصول على سلاح نووي قادر على العمل، على الرغم من أنها جعلت البلاد معزولة للغاية والعديد من سكانها فقراء.
وقال مسؤولون إن محاولات إدارة بايدن للتواصل بشكل مباشر مع بيونج ينج عبر قنوات مختلفة، مباشرة وغير مباشرة، قوبلت بالصمت.
وفي حين يثق البيت الأبيض بأن رسائله التي تسعى للدبلوماسية دون شروط مسبقة "بأي وقت، وأي مكان" تلقاها كيم، لم يرد الزعيم بعد.
وقال مسؤول أمريكي: "نظل مستعدين للمشاركة في دبلوماسية جادة ومستمرة.. من المؤسف أن جمهورية كوريا الشعبية لم تستجب لتواصلنا".
وذكرت "سي إن إن" أن تجربة نووية أخرى تحت الأرض -يحتمل أن تجرى قرب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي الشهر المقبل، ستكون بمثابة خطوة تجذب الانتباه، وكان ينتظرها المسؤولون الأمريكيون على مدار الشهور الماضية.
وقال مساعدون بالبيت الأبيض إنهم كانوا مستعدين للاستجابة، بما في ذلك عبر تعديلات للوضع العسكري الأمريكي بالمنطقة ونشر أصول استراتيجية.
وتقيم وكالات الاستخبارات والجيش الأمريكية بأنه يمكن أن تكون كوريا الشمالية مستعدة لاستئناف تجربة نووية تحت الأرض في أي لحظة، استنادا إلى حد كبير على صور الأقمار الصناعية التي تظهر اكتمال الاستعدادات فوق الأرض بموقع التجارب في البلاد.
وانتهى موسم المطر في البلاد الآن، مما يفتح الطرق إلى موقع التجارب، لكن الأمر غير الواضح هو ما إذا كانت كوريا الشمالية وضعت مواد نووية في أي من الأنفاق تحت الأرض بالموقع.
واستخف بايدن وفريقه بإمكانية عقد اجتماع رفيع المستوى مع كيم على غرار القمم الثلاثة التي عقدها الرئيس السابق دونالد ترامب مع زعيم كوريا الشمالية. وبدلًا من ذلك قالوا إن اجتماعا بين الزعيمين سيأتي بعد دبلوماسية تمهيدية مكثفة بين المسؤولين من كلا الجانبين وبهدف واضح.
وفي الوقت نفسه، رفض بايدن أيضا نهج "الصبر الاستراتيجي" الذي تبناه الرئيس السابق باراك أوباما، ساعيا بدلا من ذلك إلى مقاربة مرحلية تتخلى فيها كوريا الشمالية عن أجزاء من برنامجها مقابل تخفيف العقوبات.