كيم جونج أون.. من السخرية إلى زعامة كوريا الشمالية
منذ عشرة أعوام شاهد العالم الشاب كيم جونج أون يسير بكل جدية بجانب نعش والده في بيونج يانج، بينما ناح الكوريون الشماليون حزنا.
واعتبر معطف كيم الأسود الطويل وقصة شعره، اللذان يذكرانا بجده الراحل كيم إل سونغ، محاولة سطحية لمحاكاة أسلافه، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
لكن سرعان ما وصل الوريث العشريني لقيادة كوريا الشمالية إلى المنصب، ويتوقع الآن مراقبو كوريا الشمالية الذين كانوا يتشككون في حكمه، أن يظل بالسلطة إلى أجل غير مسمى، على افتراض أن يظل بصحة جيدة.
ويمثل هذا تحولا ملحوظا مقارنة بالأيام الأولى، عندما كان كيم موضع سخرية، بحسب ما يتذكره جوزيف يون، الممثل الأمريكي الخاص السابق لسياسات كوريا الشمالية.
ويتذكر يون: "لفترة، كان هناك الكثير من رسوم الكاريكاتور السلبية عن كيم جونج أون في كوريا الجنوبية والصين، تسخر منه تقريبًا. كان من الصعب للغاية على العالم الدولي –كوريا الجنوبية وأمريكا– أخذه على محمل الجد".
لكن سرعان ما تغير ذلك مع إظهار الشاب كيم حسما وقسوة تناقض عمره؛ إذ لم يتردد في تطهير أو إعدام حتى أقرب المقربين إليه في محاولة لإحكام قبضته على السلطة، فأعدم عمه القوي جانغ سونغ ثايك عام 2013 "لمحاولة الإطاحة بالحكومة"، بحسب تقرير وسائل الإعلام التابعة للدولة.
واغتيل الأخ غير الشقيق لكيم، كيم جونغ نام، بغاز الأعصاب "VX" بمطار كوالالمبور في ماليزيا عام 2017 بينما كان يعيش في المنفى، غير أن كوريا الشمالية أنكرت مسؤوليتها عن عملية الاغتيال السافرة.
الآن، يشكك قلة في سلطته، لكن يقلق بعض الخبراء من أن سلطته القوية قد تشجعه على الإقدام على مخاطرات أكبر، وأن يصبح زعيم كوريا الشمالية أكثر خطورة، مع زيادة عزلة البلاد جراء جائحة "كوفيد-19".
صناعة زعيم
ألقى كيم جونج أون أول خطاب له بذكرى ميلاد جده كيم إل سونغ في أبريل/نيسان عام 2012، أحد أهم التواريخ في تقويم كوريا الشمالية، حيث مثل خروجا على نهج والده كيم جونغ إل، الذي نادرًا ما كان يسمع صوته علانية.
وبعد أقل من عام، في فبراير/شباط عام 2013، أجرى كيم جونج أون أول تجاربه النووية -الثالثة في تاريخ كوريا الشمالية- وكانت خطوة استفزازية تم تفسيرها على أنها رسالة من كيم إلى العالم، تحديدا إلى الولايات المتحدة، بأن يؤخذ على محمل الجد.
وعلى مدار الأعوام القليلة التالية، كرست كوريا الشمالية نفسها لتطوير قدراتها العسكرية، التي لا تقتصر على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. كما تم اختبار عدة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وأجريت ثلاثة تفجيرات نووية أخرى تحت الأرض.
وإلى جانب تطوير جيش البلاد، حقق كيم انتصارا دبلوماسيا لم يتمكن والده أو جده تحقيقه خلال فترات حكمهما؛ وهي عقد قمة مع رئيس أمريكي موجود بمنصبه.
التقى كيم مع الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب في سنغافورة عام 2018، في اجتماع وصف بأنه فرصة لإقامة علاقات جديدة بين البلدين.
وخلال رحلته، تجول كيم في أرجاء وسط سنغافورة ملوحا للناس، وهو شيء لا يمكن التخيل أن يفعله والده أو جده، اللذان دائما ما كان تتم إدارة ظهورهما العلني بدقة.
وأفضت سلسلة من القمم التي عقدها مع قادة العالم، من بينهم ترامب، والرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، إلى قليل من النتائج الملموسة، ولم تحقق تقدما كبيرًا في حل مسألة البرنامج النووي لكوريا الشمالية، لكنها بروزت الصورة العالمية لكيم جونج أون وكوريا الشمالية.
وانتخب كيم جونج أون "أمينا عاما" بالمؤتمر الثامن لحزب العمال في يناير/كانون الثاني، وأنزلت صور والده وجده من على جدران المقر، بحسب صور من المؤتمر نشرتها وسائل الإعلام الحكومية.
وينظر خبراء ووزارة الوحدة الكورية الجنوبية لإنزال الصور باعتباره مؤشرا على وصول كيم لمستوى أسلافه.
وسيكون العقد التالي حاسما لكيم الذي يسعى للوفاء بوعده بتحسين حياة الناس بالرغم من القيود جراء العقوبات الدولية. وعلى عكس أسلافه شجع كيم على مزيج من الاقتصاد السوقي -الذي يتيح للناس تحقيق أرباح- مع اقتصاد موجه يحد من المكاسب الفردية.
لكن ربما تمثل الجائحة العالمية غير المتوقعة أكبر تحد، حيث أغلقت حدود كوريا الشمالية لنحو عامين منذ بداية الجائحة، مما أوقف شتى أشكال التجارة والمساعدات الإنسانية تقريبا.
وأشار "سي إن إن" إلى أن كوريا الشمالية لم تختبر أي صواريخ منذ أكتوبر/تشرين الأول، لكن لا يجب النظر إلى ذلك باعتباره تغييرا في استراتيجية كوريا الشمالية؛ فقد يعني ذلك العكس، بحسب الخبراء.
ومن المتوقع أن تواصل كوريا الشمالية العمل على الخطط التي حددها كيم في يناير/كانون الثاني الماضي، بما في ذلك تطوير أسلحة نووية تكتيكية، وصواريخ تفوق سرعة الصوت، وغواصات تعمل بالطاقة النووية.
aXA6IDMuMTMzLjE1Ny4yMzEg جزيرة ام اند امز