أسرار جديدة بين بليغ حمدي ووردة فى أحدث روايات طلال فيصل
"بليغ" هي الرواية الأحدث للروائي المصري طلال فيصل، والتي تم طرحها في معرض القاهرة للكتاب الـ48.
مثلما لا تتوقف ألحان الموسيقار بليغ حمدي (1931-1993) عن التردد، عابرة الأجيال والأزمنة، كذلك فمحاولات مناقشة مسيرته وسيرته مستمرة، خاصة فيما يتعلق بحكايته الأهم مع المطربة الجزائرية وردة.
أحدث هذه المحاولات هي رواية "بليغ" للروائي والمترجم المصري طلال فيصل، وأصدرتها دار الشروق المصرية في معرض الكتاب الـ48 بالقاهرة.
مرة أخرى يعود طلال فيصل إلى السيرة الذاتية، بعد روايته السابقة "سرور" عن الشاعر الراحل نجيب سرور، وهى الرواية الثالثة له، حيث كانت الأولى "سيرة مولع بالهوانم".
تتحدث رواية "بليغ" عن علاقة حب الموسيقار الراحل لوردة، وحب القصبجي لأم كلثوم، وحب الروائي نفسه، وهى علاقات يجمعها البؤس، خصوصا تلك النهاية الدرامية لعلاقة بليغ حمدي بوردة، ويربط الروائي في سرده بين ما هو حقيقي عن بليغ حمدي (من خلال وثائق حصل عليها) وما هو متخيل.
"وسط موجة الاهتمام بالعروبة يتم دعوتها للقاهرة، عاصمة الفن والثقافة والفنون والآداب، عام ١٩٥٩، ويتم الاحتفاء بها، بينما هي تبحث عن صاحب لحن "تخونوه"، والذي صار الآن مشهورا تماما في الوسط الفني، حال إعداده أغنية أم كلثوم الجديدة، وكونه أصغر ملحن لها في تاريخها!".
هذا ما قاله بليغ عن وردة في الرواية، حول مجيئها للقاهرة، في إطار إيمان السياسيين وقتها بفكرة القومية العربية، وحينها سيطلق عليها وردة الجزائرية.
وتحكى الرواية أيضا عن رفض أسرة وردة لزواجها من بليغ.. "يقفُ صاحبنا بالباب متأنقا؛ مرتديا الاسكارف الحمراء وممسكا بباقة من الورد، يدق الباب فيخرج له حميدو، أخو وردة والقائم بحراستها، دون أن تنقصه الصراحة أو الفظاظة:- (لا تعُد إلى هنا ثانية؛ أختي لن تبقى في مصر ولن تتزوج واحدا من الوسط الفنّي.. يشير بيده للخارج، فيغادر صاحبنا شقتهم في جاردن سيتي، يجرجر أذيال الخيبة).
ما سبق قليل من كثير يحيكه طلال فيصل من أسرار بعضها حقيقي بالفعل، لكن هناك أيضا ما هو متخيل ولا علاقه له بالواقع، كما يحكى طلال عن نفسه هو، وذلك ما جعل بعض قراء الرواية ينتقدونه واعتبروا هذه التقنية إقحاما من طلال فيصل لشخصه داخلها، فهو يحكي عن بليغ ويعقب ذلك بحكاية عن نفسه: (شاب مهووس بفتاة فرنسية ويكتب نص عن بليغ حمدي).
وعلى مدار صفحات الرواية يصبح القارئ ينتقل بين فصل عن ملحن، وآخر عن مترجم يكتب عن الملحن بليغ حمدي.
فهل يعد تكنيك إقحام الذات في السرد الروائي أمرا أساسيا إلى هذا الحد لدى طلال فيصل؟
هذا التساؤل وجهته "العين" إلى الروائي المصري، فأجاب: "بدءا من روايتي الأولى (سيرة مولع بالهوانم)، ثم رواية (سرور)، وأنا مشغول بسؤال فن الرواية الأصلي، إنها شيء منفصل عن الوقائع التي كانت مصدر إلهامها، لهذا السبب تحديدا يتكرر وسيتكرر اسم طلال فيصل في رواياتي، في كل مرة أحمل شيئا ما مني ومن حكايتي الحقيقية، لكنه يختلف عني كذلك في بعض التفاصيل، تأكيدا على قناعتي بأن فن الرواية لا يحاكم وفق الصدق والكذب، ولكن وفق تناسق أجزائه وقدرتها على الإقناع".
وعن التشابه بين طلال فيصل في "بليغ" وشخصيته الحقيقية، أضاف: "يشبهني قليلا في اضطرابه وسعيه وراء الحب، ولكنه يختلف عني في كل شيء".
ويختتم فيصل كلامه عن روايته الجديدة بقوله: "بليغ هو أنا بقدر ما طلال هو أنا، وبقدر ما هما مختلفان عني، هل هناك شيء ساحر مثل فن الرواية يسمح لك بمثل هذا اللعب؟!.. لا أظن".