الروائي السعودي يحيى أمقاسم لـ"العين الإخبارية": الكتابة مسؤولية كبيرة
الروائي السعودي يحيى أمقاسم يؤكد أن عمله في الملحقية الثقافية في مدينة باريس منحه فرصة استثنائية للاطلاع على ثقافة المجتمع الفرنسي.
قال الروائي السعودي يحيى أمقاسم إن الكتابة مسؤولية كبيرة بالنسبة له، مشيرا إلى أنه يعمل حاليًا على جزء ثانٍ من روايته الأولى "ساق الغراب"، مؤكدا حدوث تغيير كبير في المكون الثقافي والديني بالرواية.
وكانت رواية "ساق الغراب" لفتت انتباه كبار النقاد العرب أمثال الدكتور فيصل دراج والدكتور جابر عصفور وبفضلها أصبح أمقاسم اسما مهما في الرواية السعودية التي عرفت صحوة كبيرة في الـ20 عاما الأخيرة، وصدرت الرواية في نحو 5 طبعات عن كبريات دور النشر العربية، ما جعل صاحبها أحد أبرز الكتاب المعاصرين في المملكة العربية السعودية وهو يستعد الآن للمساهمة في مؤتمر الرواية العربية الذي يعقد بالقاهرة الشهر المقبل.
وفي حواره مع "العين الإخبارية" أكد أمقاسم أن عمله في الملحقية الثقافية في مدينة باريس منحه فرصة استثنائية للاطلاع على ثقافة المجتمع الفرنسي والتمكن من الكتابة عن حال المثقف العربي هناك بشكل أفضل، مؤكدًا أنه كان مشغولًا بشكل كبير بأن يقدم جديدًا، وخاصة بعد عدد من الكتابات التي تم إنجازها عن باريس في روايات ونصوص أدبية سابقة.. وإلى نص الحوار:
- روايتك "رجل الشتاء" تعكس واقعًا جديدًا وتدور في باريس، وهو حيز مكاني مختلف تمامًا عن سابقتها "ساق الغراب" التي لم تخرج عن أطر المجتمع السعودي.. لماذا؟
في الحقيقة، رواية "ساق الغراب" مشروع كبير بالنسبة لي أتمنى أن أنجزه، وهي تستلهم التاريخ الشفاهي، وتستشرف من خلال الحكايات الشعبية العلاقة بالمستقبل، وعندئذ يجب أن تذهب بعيدًا في مسائل الثقافة المحلية وتنغمس أكثر في الشعبوية، وفي منطقة كجنوب السعودية عليك أن تستحضر كل ما يتعلق بوجود هذا الإنسان وثقافته ومكانه، وانشغلت فيها بالسؤال حول ثقافة القوة وكيف تفرض وجودها وحضورها وسطوتها أمام وجود الإنسان الأصلي وحكاياته وذاكرته الشفاهية.
وبموجب عملي حيث انتقلت للعمل في الملحقية الثقافية بباريس، تركت السعودية، وبدأت حياتي في فرنسا.
- يبدو أنك استفدت كثيرا من عملك في باريس أثناء كتابة "رجل الشتاء".
بالتأكيد، ولكني كنت مشغولا بسؤال حول كيفية أن أقدم جديدا في هذا الموضوع الذي كتب فيه كثيرون قبلي، وكان هذا هو التحدي الحقيقي، حيث أردت أن أكتب عن حال المثقف العربي في باريس، هذه المدينة التي كانت حلمًا للجميع ومحققة الطموحات، وهناك التقيت شابا يساريا لطيفا، رأيت فيه حال المثقف اليساري العربي الذي ذهب من السبعينيات لباريس وكيف تحول هذا الملاذ إلى هلاك، وهنا تأتي المقارنة من شخص أتى من مجتمع محافظ إلى مدينة الحلم وماذا صنعت في تاريخها، أردت تقديم الصورة المعتمة، أقف أمام المتحف فأرى آثارا عظيمة لا تملكها فرنسا ولكنها ملك مصر والعراق وبلاد أخرى.
البطل في "رجل الشتاء" بدا لي منغلقًا على نفسه متحفظا في العلاقات مع العرب وكأنه يريد أن يهرب من أقرانه ويذهب باتجاه العالم الجديد...
كان اختياره أن يبتعد عن الاحتكاك بالعرب كي يستطيع نقل الصورة بشكل مختلف، وصادق أيضًا.
- شخصيات روايتك "رجل الشتاء" تبدو كأنها البطل في حين أن الحدث ليس بطلًا.. هل تتفق معي؟
الحدث يصبح بطلًا عندما تعطيه عمرًا، وهذا يرتبط بالزمن، والتسلسل المتصاعد للرواية، وهذا غير موجود في "رجل الشتاء"، وبالتالي من الصعب أن توجد حدثًا كاملًا للرواية، ولا يوجد تقطيع للزمن هنا، بل تأملات ومشاهدات، وهذه العلاقة مع البطلة إنما هي إحدى وسائل التكنيك الذي حاولت أن أصنع منه جديدًا، وهذا موجود مثلًا في "ساق الغراب".
- بالحديث عن "ساق الغراب" التي يمكن تصنيفها كرواية تاريخية.. هل ترى أن الرواية التاريخية تصلح كوثيقة؟
بالطبع، وفي تقديري أن أي كتاب لديه قدر من الإمكانية لأن يكون وثيقة، لديك الثلاثية لنجيب محفوظ، والزيني بركات لجمال الغيطاني، و "لا أحد ينام في الإسكندرية" لإبراهيم عبدالمجيد، وكلها يمكن التعامل معها كوثائق تاريخية، وكذلك التعامل مع نصوص ربيع جابر في لبنان وإسماعيل فهد إسماعيل في الكويت.
الرواية الآن باتت لها خصوصية كبيرة، وأخذت مساحة الشعر لكنها لم تحصل بعد على ما للشعر من قدسية وهالة، للشعر عندي مكانة خاصة وقدسية كبيرة رغم أني لا أكتبه، ربما لأن للشعر اشتراطات كثيرة من وزن وقافية وإيقاع وخلافه، للرواية قدسية كما قلت لكن الشعر أمر آخر.
- صدرت روايتك الأولى في عام 2007، وانتظرت 8 أعوام حتى تصدر روايتك الثانية "رجل الشتاء" في 2017.. لماذا؟
لا أملك ذلك الجلد كي أكتب كثيرًا وأنشر باستمرار، وعندي حالة من الهوس بتشرب المعرفة التي تفيد العمل مستقبلًا، العمل الروائي بالنسبة لي مشروع يأخذ وقتًا كثيرًا، البعض يستسهل، والبعض الآخر لديه فعلًا ما يمكنه أن يقدمه، الكتابة مسؤولية.
- ما الجديد لديك؟
أعمل على جزء ثانٍ من رواية "ساق الغراب" ولكنه يختلف عن الجزء الأولى في الشخصيات والديانة، ولكن المكون الجغرافي مشترك والعوالم كذلك، لكن المكون الثقافي الديني المختلف يجعل ما يمكن أن نسميه قطيعة مع ما سبق، كما أني مشغول بأن أخلق هذه الحالة الحميمية كما فعلت في الجزء الأول من الرواية.