الروائي ربعي المدهون لـ"العين الإخبارية": أدب فلسطين يشهد تحولا كبيرا
الروائي الفلسطيني ربعي المدهون يؤكد أن الرواية في بلاده بدأت تأخذ موقعها على خريطة الأدب العربي وتحتل موقعا على الساحة العالمية.
قال الروائي الفلسطيني ربعي المدهون إنه يفكر في كتابة جزء ثانٍ من سيرته الذاتية، استكمالا لسيرته التي أصدرها منذ سنوات بعنوان "طعم الفراق"، مشيرا إلى أن الضغوط السياسية والاجتماعية التي تعيشها المنطقة العربية تعطل مشروعه.
وأكد المدهون، في حواره لـ"العين الإخبارية"، أن الأدب الفلسطيني، خاصة الرواية، يشهد تحولا كبيرا وهو ما تسبب في أن تأخذ الرواية الفلسطينية موقعها على خريطة الأدب العربي حاليا، وربما تحتل موقعا على الساحة العالمية، مشيرا إلى أن هذا يعود لكسر سيطرة الأيديولوجية، والتحرر من العبارات الرنانة والشعارات التي سيطرت عليها لعقود طويلة.. وإلى نص الحوار:
- هل فكرت في أن تكتب جزءا ثانيا من سيرتك الذاتية استكمالا لـ"طعم الفراق"؟
تناولت سيرة 3 أجيال في "طعم الفراق" تعكس مراحل طويلة في الصراع العربي الإسرائيلي، لكن هناك حقبة أخرى لا تقل ثراء عنها، وهي حياتي في لبنان وعلاقتي بالفصائل السياسية هناك، ولكننا نعيش أوقاتا صعبة في منطقة تعيش تحت ضغوط سياسية واجتماعية وظروف خاصة جدا، وهذه الضغوط تحد من حرية الكاتب في المضي قدما في هذا اللون الجميل من السرد، وهناك أمور كثيرة لا أعرف كيف يمكنني الكتابة عنها، ومدى صلاحية كتابتها، وهذا ما يعطل المشروع الذي أتمنى إنجازه.
- ولماذا يندر لدينا في العالم العربي هذا النمط من الكتابة على الرغم من جاذبيته؟
لدينا نماذج لأعمال أدبية في هذا الفن، وهي مكتوبة بجمال شديد وعذوبة فائقة، ولكنها نماذج نادرة، والسبب يعود دائما للمحاذير الكثيرة التي تعاني منها مجتمعاتنا، على عكس الغرب.
- ثمة مقولة تقول "السيرة الذاتية لا تكون صادقة إلا بقدر ما هي مشينة".. هل توافق على هذه النظرية أو الاعتقاد؟
لا أوافق على هذا التصور، أرى أن السيرة الذاتية لا تكون صادقة إلا بقدر ما هي صادقة. الأصل هو الصدق، أما أن يكون عنصر الصدق مشروطا بأفعال مشينة فهذا لا يبدو لي منطقيا، لأن الصدق سيجر ما وراءه، وبقدر ما أكون صادقا يمكنني أن أتكلم بصراحة عن كل شيء آخر سواء كان مشينا أم لا، وهذه الأفعال المشينة ستكون نتيجة وليست سببا، بمعنى أن عليك البحث عن الحقيقة وليس البحث عما هو مشين.
- في روايتك "السيدة من تل أبيب" طرحت أسئلة كثيرة، وفي "مصائر" أجبت عن الكثير منها، ثم اختتمت الرواية بسؤال حول مغادرة لندن والعودة لفلسطين.. هل يمكن أن تنبني الرواية الجديدة على هذا السؤال؟
الواقع مفتوح على الأسئلة، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي مضت عليه عقود طويلة، وهو ما شجعني على استكمال ما بدأته في "السيدة من تل أبيب"، حيث حاولت في "مصائر" أن أطرح المزيد من الأسئلة، بشرط أن يكون السؤال منطويا على إجاباته لمن أراد أن يقترب ويستنطق الأسئلة ويبحث عن الإجابات ليعرف أكثر وأيضا ليبحث أكثر.
كان سؤال "مصائر" الأساسي هو سؤال العودة، ولكن العودة إلى أين، حيث تنتهي الرواية بسؤال جولي لزوجها عن افتراضية بيع البيت في لندن والعودة لفلسطين، ولكن كيف ستكون العودة؟ هل هي عودة لفلسطين ولا تزال إسرائيل تسيطر عليها بمعنى أنها عودة لإسرائيل؟ وأيضا السؤال حول كيفية العودة، لأن هذه العودة ستكون عودة فردية حيث إن ملايين اللاجئين لن يملكوا هذه الفرصة للعودة، وبالتالي هي عودة مزيفة لأنها فردية.
- شهدت السنوات الأخيرة فوز عدد كبير من الكتاب الفلسطينيين بجوائز أدبية مهمة.. هل نحن أمام طفرة للأدب الفلسطيني؟
هناك تحول حدث في مستوى السرد الفلسطيني، الذي مر بـ3 مراحل، بدأت في الستينيات والسبعينيات ، حيث زمن الثورة بانكساراتها وتحدياتها ومحاولات الخلاص، وكان الأدب وقتها محكوما بالشعارات والعبارات الرنانة ولكنها كانت تعبيرا عن مرحلة ثورية، ثم هناك مرحلة ثانية امتدت من السبعينيات ولمدة 20 سنة تراجعت فيها الرواية على كل المستويات، باستثناء إميل حبيبي، وهي فترة انكسار منظمة التحرير، وتراجع كل شيء في تلك الحقبة، وفي مرحلة لاحقة حدث التحول في المرحلة الثالثة حيث تخليص الرواية الفلسطينية من الشعارات والأيديولوجية، والخروج بها للبعد الإنساني الأرحب، وهو ما منحها موقعا على خريطة الأدب العربي، عندما اهتمت بالإنسان وجوهره في إطار الهوية الوطنية، وهو ما أخذها للأفق العربي، ومن الممكن أن تذهب للأفق العالمي أيضا.
- ما رأيك في معرض الكتاب الأخير بالقاهرة؟
يعد نقلة حضارية تليق بمعرض القاهرة للكتاب وأهميته كمعرض كتاب مهم جدا، وعلى الرغم من أنه بعيد عن وسط البلد، فإنه منظم أكثر من المعرض القديم، وبه خدمات رائعة.