الروائي السوداني أمير تاج السر: أعيش من الطب لأن الكتابة لا يعتمد عليها
الكاتب السوداني الكبير أمير تاج السر يتحدث عن روايته الأخيرة "جزء مؤلم من حكاية" في حوار مع "العين الإخبارية"
قال الكاتب السوداني الكبير أمير تاج السر إن الظروف السياسية في بلاده قد تكون السبب في تأخر اكتشاف الحركة الإبداعية على مدار 30 عاماً، لكن يظل السودان منبعاً لكتاب جيدين.
ويعد أمير تاج السر أحد أبرز الكتاب السودانيين، ووصلت رواياته إلى القائمة القصيرة في جائزة البوكر العربية لعدة دورات متتالية، ورغم عدم فوزه بالجائزة فإنه حصد شهرة كبيرة وثقة الكثير من القراء.
ومن أعماله التي ترجمت إلى عدة لغات "صائد اليرقات"، "توترات القبطي"، "العطر الفرنسي"، "زهور تأكلها النار"، فضلا عن عدة روايات وكتب عن تجربته في الكتابة.
وبدأ تاج السر حياته شاعراً، ونشر عدة قصائد، ويعمل حالياً طبيباً، ومؤخراً صدرت له رواية جديدة تحمل عنوان "جزء مؤلم من حكاية"، عن دار هاشيت أنطوان في بيروت.
"العين الإخبارية" التقت تاج السر، وتحدث عن روايته الأخيرة، ورأيه في تركيز البعض على غزارة إنتاجه الأدبي، في سياق الحوار التالي..
تكشف روايتك الأخيرة رغبتك الدائمة بالاشتباك مع العوالم العجائبية الغرائبية.. ما السر وراء هذا الولع؟
منذ بدأت الكتابة ولي عالم خاص بي، يشتبك فيه الواقعي بالأسطوري، حيث نشأت في بيئة فيها من الأساطير والتراث الغريب الكثير، ولا تنسى أنها بيئة عربية وأفريقية أيضاً.
سمعت حكايات كثيرة قد لا تصدق، وشاهدت أيضاً أشياء غريبة في البيئة، وحين بدأت أكتب استدعت الكتابة كل ذلك.
وروايتي الأخيرة ليست الوحيدة هكذا، ولكن كل الروايات، بدءاً من "كرمكول"، التي أنجزتها أيام الدراسة، ولطالما نوهت إلى أهمية استخدام الخيال في الكتابة الروائية لصناعة عالم خاص بالمؤلف.
البعض يقارن بين "جزء مؤلم من حكاية" ورواية "عرس الزين" للطيب صالح.. ماذا عن علاقتك الإنسانية والإبداعية بهذا الرمز الكبير في الأدب السوداني؟
"جزء مؤلم من حكاية" رواية أسطورية تاريخية خشنة، وفيها وقائع غريبة ودامية، ولا علاقة لها بـ"عرس الزين" أو غيرها من الروايات.
وأظن أن أحد النقاد كتب عن علاقة البطل "مرحلي" بـ"ديباج" الفارسي، وقال إنها علاقة معكوسة لعلاقة "الزين" بـ"الشيخ الحنين"، في رواية عرس الزين للطيب صالح، بمعنى أنني عكست علاقة الخير بعلاقة الشر.
وحقيقة لم يتبادر إلى ذهني ذلك، إنها رواية كتبتها بعوالمها الخاصة، وما يقوله النقد ليس ملزماً للكاتب، إنه اجتهاد من نوع آخر لإضاءة النصوص، وإيجاد حلول لتشابكاتها بحسب وجهة نظر الناقد.
وهنا أنوه إلى أن النقد بات نادراً في زمن تكدس الكتابات وصعوبة المتابعة، وإن كتب ناقد عن أي عمل فهو شيء جيد.
وعلاقتي بالطيب صالح على المستوى الإنساني كانت جيدة جداً، وكنا نجلس لساعات نتحدث في أشياء كثيرة، وقد لا نتحدث عن الأدب مطلقاً، فهي علاقة أسرية، علاقة الأب بابنه، وحقيقة لم أطلب من "الطيب" أي شيء بخصوص تقديمي للناس، واعتمدت على نفسي في صياغة تجربتي.
تجمع بين الأدب والطب.. فهل تنطبق عليك مقولة أنطون تشيخوف الشهيرة: الطب زوجتي والأدب عشيقتي؟
كنت منغمساً في الأدب قبل دراسة الطب، ومنذ كنت طفلاً وأنا أكتب الشعر، وكانت بدايتي في الشعر بالعامية، ثم تطور إلى شعر الفصحى فشعر الحداثة، إلى أن دخلت عالم السرد.
وخلال ذلك درست الطب ونجحت فيه، وهي الوظيفة التي أعيش منها، لأن الكتابة في الوطن العربي لا يعتمد عليها في الحياة، وقد جعلني الجمع بين هذين المجالين مشغولاً طوال الوقت، أكتب وأعمل طبيباً، لكني استمتعت حقيقة بكلا المجالين، وما زال الأمر كذلك رغم الانشغال والإرهاق.
أصدرت في بداياتك ديواناً شعرياً.. كيف ترى علاقتك بالشعر؟
ما زالت علاقتي بالشعر قائمة، رغم توقفي عن إنتاج قصائد مباشرة، إنما أكتب السرد بأدوات الشعر، ويمكن أن أكتب مقاطع شعرية في رواياتي إن اقتضى الأمر.
وأظن أن الشعر شجرة ظليلة لا تمتنع عن مساعدة السارد إن لجأ إليها، وأيضاً أقرأ الشعر كثيراً، وأتابع شعراء كثيرين مهمين عربياً ودولياً.
توصف بأنك غزير الإنتاج.. فماذا تفعل حتى لا تأتي غزارة الإنتاج على حساب الكيف؟
غزارة الإنتاج هذه كلمات لا تردد إلا في الوطن العربي، فأي كاتب صاحب مشروع لديه رواية كل عام ينتظرها قراؤه، وهذا في العالم كله، وما تقوله لا علاقة له بالكتابة، النص إما جيد وإما سيئ في كل الأحوال، سواء أنتجه الكاتب سنوياً أو كل 5 أعوام.
كيف ترى السودان على خارطة الأدب العربي؟
الإبداع السوداني مثل أي إبداع آخر، تطور بتطور الأدوات المتاحة، وهذا شيء ملموس، وتتم ملاحظته للمتابع لحركات الكتابة العربية.
لدينا كُتاب معروفون من كل الأجيال، وكُتاب يفوزون بجوائز أسوة بغيرهم، وهكذا قد نكون تأخرنا في أشياء كثيرة بسبب الظروف السياسية التي ألمت ببلادنا لـ30 عاماً، لكننا كتبنا.
aXA6IDMuMTQ3Ljc1LjQ2IA== جزيرة ام اند امز