الروائي وجدي الأهدل لـ"العين الإخبارية": "أرض المؤامرات السعيدة" تعكس الواقع في اليمن
الروائي اليمني وجدي الأهدل يقول إن معاناة المبدعين في بلاده تجاوزت حدود الاحتمال واضطر غالبية الفنانين إلى مزاولة أعمال أخرى.
يعد الروائي اليمني وجدي الأهدل من أكثر الأصوات الأدبية الشابة شهرة وتأثيرا في بلاده بسبب الضجة التي تصاحب أعماله الإبداعية، والتي تقوم على نقد المجتمع ما عرضه لأزمات كثيرة، كان أشهرها في 2002 حين اتهمه وزير الثقافة اليمني وقتها عبدالوهاب الروحاني بـ"الإساءة إلى أخلاق اليمن" بسبب روايته "قوارب جبلية".
واضطر الأهدل حينها لمغادرة اليمن بسبب تهديدات من متطرفين قبل أن يعود بوساطة من الكاتب الألماني الحائز على جائزة نوبل للآداب جونتر جراس.
الأهدل أكد، في حواره مع "العين الإخبارية"، أنه لا يدعو إلى خصومة بين المثقف والسلطة وإنما إلى وجود مسافة بينهما.
وأوضح أن الحرب تركت آثارها على المشهد الثقافي في بلاده فقد هاجر معظم مثقفي اليمن إلى دول أخرى إلا أنه لا يزال يأمل في تحسن الأوضاع.
وأضاف الأهدل أن روايته الجديدة "أرض المؤامرات السعيدة" تعكس الواقع في بلاده رغم طابعها الفانتازي.
هل تصنف نفسك كاتبا ضد السلطة؟ وهل تتعمد في كتاباتك على الإثارة؟
بالعكس من المفيد أن تكون للكاتب علاقة ودية مع السلطة، لكنني أيضاً مع فكرة إيجاد مسافة بين الكاتب والسلطة، المسافة الصحية لكي يكون قادراً على نقدها وتبصيرها بأخطائها، أية سلطة في العالم مُعَرَّضة للوقوع في الأخطاء، وواجب رجال الفكر والأدب والعلم التحرك بسرعة للتحذير من العواقب، وبالطبع عندما يقوم أشخاص مستنيرون بالكلام عن تصحيح الأخطاء مثل إصدار قانون لمنع زواج القاصرات فإن فئات عديدة داخل المجتمع سترفض هذا الإجراء، لأنها لا تهتم كثيراً بتأهيل المرأة علمياً، ولا تأبه لحرمان المرأة من حقها في نيل فرصة أوسع في الحياة.
هل "أرض المؤامرات السعيدة" تعكس الواقع اليمني خاصة أنها تتناول قضايا شائكة مثل الفساد والصحافة الصفراء؟
شخصيات الرواية التي صدرت مؤخرا واقعية ولها حضورها الملحوظ نسبياً في المجتمع اليمني، فمثلاً جيل الستينيات في اليمن كان مقسوماً بين اليساريين بمختلف أطيافهم الماركسية والقومية، وبين المحافظين الذين ركزوا أهدافهم في الصعود الاجتماعي، لقد كان الصراع على أشده بين الطائفتين، وأعتقد أن الجميع يعلم اليوم من الذي خرج منتصراً في النهاية.
وبالنسبة لرواية "أرض المؤامرات السعيدة" فإن فكرتها الأساسية تقوم على أن شيخ قبيلة اغتصب طفلة عمرها ثماني سنوات، في عالم الواقع الذي حدث فعلاً هو أن القضاء حكم ببراءة المتهم، ولكنني في الرواية أحببت أن أشطح قليلاً، فذكرت أن القضاء قد أصدر حكمه بأن الطفلة هي التي اغتصبت شيخ القبيلة وحكمت عليها بثلاث سنوات سجن، طبعاً هذه مبالغة فانتازية، لكنها مقصودة، لأجل إثارة أكبر قدر من الكرب في نفس القارئ، لذلك سمعت عدداً من القراء يشتكون من أن الرواية سوداوية، نعم هي كذلك حقاً، ولكن مهما تأذت مشاعر القارئ ، فإنها لن تصل إلى حجم الأذى الذي شعرت به تلك الطفلة المغتصبة الحقيقية وهي ترى مغتصبها يفلت من العقاب.
ما تقييمك لرحلتك الأدبية؟
لا أشعر أنني كتبت أعمالاً جيدة ولكنني مستمتع بالرحلة نفسها، لقد كان طموحي في سنوات المراهقة أن أجمع نقوداً وفيرة لأعيش حياة عادية، وقد جربت حظي في مهن تجارية مختلفة ولكنني لم أوفق، الآن حين أتذكر تلك السنوات أدرك أنه كان من حسن حظي أن فشلت في التجارة، فأن يقضي المرء حياته بين قراءة الكتب وتأليف الكتب لهو حظ جيد، وإن لم يحصل على مقابل عادل يوفر له المتطلبات الأساسية للحياة مثل المسكن والأمان المادي.
ما هو تقييمك للمشهد الثقافي اليمني الحالي؟
الحرب تركت آثارها عليه؛ فقد توقفت المجلات والملاحق الثقافية عن الصدور، والمثقفون أنفسهم هاجر نصفهم على الأقل إلى بلدان أخرى، واليمن يخلو الآن من دور النشر، والكتب التي تسمع عن صدورها لأدباء يمنيين إما صدرت من القاهرة أو بيروت، ولكن هناك مبادرات تلوح هنا وهناك لإحياء النشاط الثقافي والأدبي، مثل نادي السرد في عدن، ومنتدى الحداثة والتنوير الثقافي في صنعاء، ومجلة المدنية التي تنشر موادها باللغتين العربية والإنجليزية مع الأخذ في الاعتبار أنها إلكترونية فقط، وكذلك هناك حركة لإنتاج الأفلام السينمائية بجهود شبابية مثل فيلم "عشرة أيام قبل الزفة"، و المسلسلات الدرامية التي يشتد الطلب عليها في رمضان.
هل أصبحت المعاناة أزمة ملازمة للمبدع اليمني؟
مع الأسف.. لقد تجاوزت معاناة المبدع اليمني حدود الاحتمال، وعلى سبيل المثال فإن الفنانين التشكيليين اليمنيين كانوا قادرين في السنوات الماضية على العيش من عائدات بيع لوحاتهم للسياح الأجانب، ومن المعارض الفنية التي يقيمونها، حيث كان أغلب المشترين من أعضاء السلك الدبلوماسي ورجال الأعمال، وأما اليوم فقد اختفى أولئك المشترون، واضطر غالبية الفنانين إلى مزاولة أعمال أخرى.