نحتاج إلى منظمة دولية وبشكل عاجل لمكافحة المخاطر الجديدة، وبمختلف أشكالها، وتهدف إلى بعث روح جديدة تواكب المخاطر وتحسن التعامل معها.
إن تحذير المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من تدهور العلاقة مع "روسيا النووية"، وحديثها في مؤتمر ميونيخ للأمن المنعقد بين 15-17 الشهر الجاري عن مشكلة "الهجرة" نحو أوروبا ودوافعها يدعو للتساؤل حول بعد نظر هذه الزعيمة الأوروبية المحنكة وأبعاد خطابها.
المخاطر الحقيقية التي تمر بها الإنسانية حالياً، هي مخاطر جديدة ولا علاقة لها بما مرت بها في الحربين العالميتين أم ما بعدهما. إن مخاطر الأيديولوجيات أوسع وأعمق من مخاطر الأسلحة.
لقد أدركت ميركل وبشكل عميق أن الأسلحة النووية وعلى خطورة امتلاك آليات إنتاجها، هي بنفس الأهمية التي يجب توظيفها وتكريسها لعلاج التوجهات الأيديولوجية التي خلقت الإرهاب، وشوهت الديانات على اختلافها من أجل مصالح سياسية، ومطامع توسعية. وأن مقاطعة الدول المنتجة للأسلحة النووية الفتاكة هي بقدر أهمية ضرورة مقاطعة وفرض العقوبات على الدول المشجعة والحاضنة للإرهاب، وعلى رأسها قطر ونظام الحمدين، وتركيا الإخونجية اليوم بزعامة أردوغان، وإيران التي جمعت بين التخصيب النووي وتشجيع الإرهاب في تحدٍ صارخ بين كل الخطوط المحرمة دولياً، هذا إلى جانب الأعمال الميدانية لها عبر دعم فروعها مثل "حزب الله" الإرهابي اللبناني بحجة مقاتلة إسرائيل، والقوى الأخرى في أرض المعركة بين العراق لشحن الكراهية الطائفية والعبث بمشاعر الأفراد والجماعات واستغلال ذلك لتحقيق التوسع الفارسي في البلاد العربية.
لقد تم إنشاء الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية من أجل تحقيق أهداف سامية نبيلة، أهمها الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وحماية حقوق الإنسان، وتقديم المساعدات الإنسانية، وتعزيز التنمية المستدامة، ودعم القانون الدولي. وارتبطت قراراتها بدعم ومباركة مجلس الأمن، ولكن التحديات الجديدة التي يشهدها العالم تجعلنا نتساءل عن جدوى الأهداف التي تحققها الأمم المتحدة أمام تغير كل ما يشهده العام من تطورات وتغيرات لم تكن متوقعة.
والسؤال هنا هل نحن في حاجة لاستحداث منظمة دولية جديدة بحجم الأمم المتحدة لتركز على الإنسان، فكراً وتعليماً وتربية وأخلاقاً، بعيداً عن الأرقام والخرائط والنزاعات؟
إن التحديات الجديدة التي يشهدها العالم حالياً، والمؤثرة في كل الدول على اختلاف توجهاتها، هي المنظومات الأيديولوجية التي يعمل أصحابها على تفتيت العالم، وتشتيت الشعوب وتعزيز الكراهية لدى الأشخاص ضد الآخرين ورفضهم لدينهم أو عرقهم أو توجهاتهم.
لقد دقت نواقيس الخطر في العالم منذ نحو عشرين عاماً حينما عاد "الإخوان المسلمون" ليسترجعوا عملهم المنظم وقوتهم من قطر، ومن على منابرها الإعلامية والاجتماعية.
نحن نحتاج إلى منظمة دولية وبشكل عاجل لمكافحة المخاطر الجديدة، وبمختلف أشكالها، ويجب أن تكون تلك المنظمة تهدف إلى بعث روح جديدة عصرية تواكب المخاطر وتحسن التعامل معها عبر تحديث وتغيير آليات التعامل مع المخاطر.
المخاطر الحقيقية التي تمر بها الإنسانية حالياً، هي مخاطر جديدة ولا علاقة لها بما مرت بها في الحربين العالميتين أم ما بعدهما. إن مخاطر الأيديولوجيات أوسع وأعمق من مخاطر الأسلحة، وهناك مخاوف متنامية في العالم حول امتلاك الأسلحة النووية. ولذلك يجب أن تكون هناك استمرارية في المضي بالجهود الوقائية السابقة سواء عبر العقوبات الدولة الاقتصادية أو العسكرية، أو العمل على تنمية هذه الإجراءات عبر تشكيل منظمات مؤهلة لمواجهة الأخطار الأيديولوجية التي تغسل العقول وتوجه الجيل الجديد نحو طريق الهلاك، ونحو التدمير الذاتي وبعث روح الكراهية نحو الوطن والعائلة والنسب، مقابل الولاء لأيدلوجية من صنع الإرهابيين والمتوسعين الجدد، وبأشكالهم المرعبة المتخفية تحت شعار الدين والطائفية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة