بعد توقف 4 أشهر.. ما سر توقيت العودة لمفاوضات "نووي إيران"؟
بعد توقف استمر أربعة أشهر، تستأنف أمريكا وإيران برعاية أوروبية المحادثات "الصعبة"، لإحياء الاتفاق النووي، وسط شكوك بإمكانية تحقيق تقدم.
فمفاوض الاتحاد الأوروبي المكلّف بالمفاوضات حول الملّف النووي الإيراني إنريكي مورا غرد قائلا: "في طريقي إلى فيينا لمناقشة العودة إلى التطبيق الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة" التي وضعت في العام 2015 للحؤول دون حصول طهران على القنبلة النووية.
وسينضم إليه في النمسا كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري، الذي قال في تغريدة عبر "تويتر"، إن الكرة في ملعب الولايات المتحدة لإنقاذ الاتفاق النووي الموقع عام 2015، مشيرًا إلى أن المسؤولية تقع على أولئك الذين انتهكوا الاتفاق وفشلوا في الابتعاد عن الإرث المشؤوم".
وتابع: "يتعين على الولايات المتحدة اغتنام الفرصة السخية التي يتيحها شركاء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي). الكرة في ملعبهم لإظهار قدر من النضج والتصرف بمسؤولية".
فيما أعلن الموفد الأمريكي روبرت مالي الأربعاء أنه في طريقه إلى فيينا لاستئناف المحادثات حول الملف النووي الإيراني على أساس تسوية اقترحها وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
وكتب مالي في تغريدة "تطلعاتنا متأنية إلا أن الولايات المتحدة ترحب بجهود الاتحاد الأوروبي وهي مستعدة لمحاولة التوصل إلى اتفاق بنية حسنة".
لكن ما سر التوقيت؟
يقول علي فايز من مجموعة الأزمات الدولية إن "الخيارات الأخرى ليست مغرية جدا لذلك لا أحد من الطرفين مستعد لوضع حد للمفاوضات".
وأتاح الاتفاق المبرم العام 2015 بين طهران وكل من واشنطن وباريس ولندن وبرلين وموسكو وبكين، رفع عقوبات عن إيران لقاء خفض نشاطاتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديا منه في 2018 خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران التي ردت بالتراجع تدريجا عن غالبية التزاماتها بموجبه.
وقد تخطّت طهران نسبة تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق بواقع 3,67 %، رافعة إيّاها إلى 20% في مطلع 2021، قبل أن تتجاوز للمرّة الأولى عتبة 60% مقتربة من 90%، وهي النسبة اللازمة لتصنيع قنبلة.
وفي إطار هذا التصعيد، بدأت طهران هذا الأسبوع إمداد "مئات" من أجهزة الطرد المركزي الجديدة بالغاز، وهو إجراء جاء بمثابة رد على العقوبات الجديدة لمنع إيران من بيع نفطها.
وأعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك عن قلقه قائلا "البرنامج يتقدم بسرعة كبيرة جدا (...) يزداد من حيث الطموح والقدرة"، مضيفًا: "في المجال النووي، الكلمات المنمقة لا تكفي" داعيا إيران الى "التحلي بالشفافية".
أجهزة طرد مركزي
وتأكيدًا على تصريحات غروسي، كشف تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، موجه للدول الأعضاء اطلعت عليه "رويترز"، اليوم الأربعاء، أن إيران أكملت تركيب ثلاث مجموعات من أجهزة الطرد المركزي المتطورة من طراز (آي.آر.6) في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم.
وقال التقرير إن إيران أبلغت الوكالة أيضا بأنها تخطط لتركيب ست مجموعات إضافية من طراز (آي.آر.2إم) في وحدة تشغيل جديدة بالمنشأة.
ويقول المحللون إن أيا من الجانبين لا يريد أن يتحمل مسؤولية انهيار المحادثات، لكن حجم النشاط النووي الإيراني يعني أن حالة الجمود المزعجة غير قابلة للاستمرار في نهاية المطاف.
وقالت إيلي جيرانمايه من المجلس الأوروبي: "هذا الاجتماع إما أن يدفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ليقولا إن الأمر يستحق متابعة جولة أخرى من المحادثات مع إيران، أو أنهما سيعملان حقًا على تسريع خياراتهما لما سيفعلانه إذا انهارت المحادثات النووية".
ويقول دبلوماسيون غربيون ومحللون إيرانيون إنه إذا لم يكن هناك تقدم، فقد يتمثل أحد الخيارات في السعي للتوصل إلى اتفاق تدريجي لتجميد أنشطة إيران النووية مقابل منافع اقتصادية، بما في ذلك تخفيف العقوبات على صادراتها النفطية.
توقعات متدنية
يأتي ذلك، فيما قال هنري روم، الباحث في مجموعة "أوراسيا" الأمريكية للاستشارات إن "التوقعات متدنية لهذا الاجتماع الجديد".
وأشار روم إلى "خلافات" مستمرة بين الولايات المتحدة وإيران "حول الكثير من القضايا الرئيسية" بشأن العقوبات التي ينبغي رفعها وطلب طهران الحصول على ضمانات وإغلاق تحقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويقول دبلوماسيون غربيون لصحيفة "فايننشال تايمز"، إن الطرفين كانا على وشك الانتهاء من اتفاق في المحادثات الأخيرة في فيينا قبل خمسة أشهر، لكن واشنطن وطهران لم يتمكنا من حل القضايا الرئيسية العالقة مع تصاعد المخاوف من أن العملية المتوقفة تقترب من الانهيار التام.
وكتب منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ، جوزيب بوريل ، في صحيفة "فاينانشيال تايمز" الأسبوع الماضي أنه "وضع على الطاولة نصًا يتناول بالتفصيل الدقيق، رفع العقوبات بالإضافة إلى الخطوات النووية اللازمة لاستعادة الاتفاق"، مضيفًا: "لقد استنتجت أن مساحة التنازلات المهمة الإضافية قد استنفدت".
مطالب إيران
ولم يتضح على الفور ما يقترحه الاتحاد الأوروبي ، لكن أحد المطالب الرئيسية لإيران كان أن تقدم إدارة بايدن ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على التخلي من جانب واحد عن الصفقة في المستقبل. كما تريد إيران تخفيفا أكبر للعقوبات لضمان حصولها على الفوائد الاقتصادية الكاملة للاتفاقية.
ويقول خبراء إنه من المستحيل على واشنطن تقديم الضمانات التي تسعى إليها طهران، مما يدفع الدبلوماسيين إلى السعي وراء حلول وسط.
وانتهت آخر محادثات غير مباشرة وجيزة بين إيران والولايات المتحدة في قطر في يونيو/حزيران الماضي دون إحراز أي تقدم، مما أدى إلى تفاقم إحباط الدبلوماسيين الغربيين الذين يتهمون طهران بالتعنت، فيما يلقي المسؤولون الإيرانيون باللوم على الولايات المتحدة في حالة الجمود ، قائلين إن طهران مستعدة للتوقيع إذا تم استيفاء شروطها.