"بوابة العين" داخل مدرسة الضبعة النووية بمصر.. حلم يصبح حقيقة
المدرسة تخدم مشروع المفاعل النووي
أول مفاعل نووي سلمي عربي على مستوى الشرق الأوسط بتعاونٍ روسيّ، تحتضنه منطقة الضبعة التابعة لمحافظة مطروح.
تحتضن منطقة الضبعة التابعة لمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر الأبيض المتوسط (شمالي مصر) أول مفاعل نووي سلمي عربي على مستوى الشرق الأوسط بتعاونٍ روسيّ.
يصر المصريون أن تكون كل الأيدي العاملة بمشروعهم الواعد مصرية خالصة، ولذلك كان التخطيط لإنشاء المدرسة النووية بالضبعة، الأولى من نوعها في مصر والعالم العربي.
- القاهرة وموسكو توقعان اتفاق إنشاء أول محطة نووية بمصر
- مصر تبدأ التعليم الفني للطاقة النووية.. لأول مرة
المدرسة التي يتم إنشاؤها على مساحة 8 أفدنة، تعد الصرح العلمي الوحيد في مصر والشرق الأوسط المتخصص في علوم الطاقة النووية؛ بهدف تخريج (أيدٍ عاملة) لتلبية حاجات وحدات المفاعل النووي.
"بوابة العين" الإخبارية في زيارة ميدانية للمدرسة وقفت على تفاصيل عديدة، التقت خلالها بالدكتور سمير النيلي، وكيل وزارة التربية والتعليم المصرية بمحافظة مطروح المسؤول عن تفاصيل المدرسة.
الصرح العلمي الفريد المكون من 9 مبانٍ ما زال قيد التشطيب برغم بدء الدراسة فعليا لأولى دفعات الضبعة النووية في موقع بديل بشرق القاهرة، إلا أنه من المقرر أن تبدأ الدراسة داخل المدرسة النووية المتخصصة خلال عام على الأكثر من الآن.
يقول الدكتور النيلي إن اختيار موقع المدرسة تم بعبقرية، حيث يقابل أرض المفاعل النووي السلمي المصري، الذي يتمتع بأعلى مستوى أمان في الشرق الأوسط والذي ينتمي للجيل الثالث من مفاعلات الطاقة النووية، في موقع محصن ضد الزلازل بعوامل الأمان المختلفة.
ويشير إلى أن المشروع كان ملفه مغلقا منذ 30 عاما حتى أحياه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بتفكير خارج الصندوق.
تخريج أيدٍ فنية ماهرة
عن الاختلاف بين خريجي المدرسة النووية وخريج الأقسام النووية بكليات الهندسة يقول النيلي إن الاختلاف جوهري، فأقسام الكليات تُخرج مهندسين، بينما نحن بحاجة إلى يد فنية ماهرة قادرة على التعامل داخل المفاعل النووي، وتشغيل وحداته الأربعة.
ووفقا للمسؤولين الروس في مجال الطاقة النووية فكل وحدة من الوحدات الأربع ستحتاج 1500 يد عاملة لتشغيلها، إذن سيحتاج المفاعل المصري النووي السلمي لقرابة 6000 عامل لتشغيل وحداته.
ويؤكد الدكتور النيلي: "لا يمكن بحال من الأحوال أن نستعين بأيدٍ أجنبية لتشغيل المفاعل النووي المصري، فالأمر خط أحمر وأمن قومي".
وعن الدراسة وما يميز مدرسة الضبعة عن باقي المدارس الفنية المتقدمة، يقول النيلي إن الدراسة بها تتم في ثلاثة أقسام كلها تخدم العمل في المفاعل النووي المصري الروسي، إلكترونيات وكهرباء وميكانيكا ولكل قسم منه مبنى وورش خاصة للتدريب.
نقطة الانطلاق
يقول النيلي إنه طبقا للقيادة السياسية كان قرار وزير التربية والتعليم الأسبق الهلالي الشربيني، واللواء علاء أبوزيد محافظ مطروح، بإنشاء مدرسة قادرة على تخريج كوادر فنية يتم تدريبها لهذا الهدف.
أُنشئت المدرسة على مساحة شاسعة تقدر بـ 8 أفدنة، مكونة من 9 مبانٍ؛ اثنان منها للإقامة، وتعتبر مدينة سكنية متكاملة، بملاعبها وصالاتها الرياضية والترفيهية.
وعن تكلفة إنشاء المدرسة يقول النيلي إنها بلغت 47 مليون جنيه مصري (نحو 2.7 مليون دولار أمريكي) أضيف لهم 16 مليون جنيه أخرى لشراء الأجهزة، بالاتفاق مع وزارة الإنتاج الحربي لتوريدها، وبدأ التوريد بالفعل إلى مقر المدرسة.
اختبارات الطلاب
عندما بدأ الإعلان عن المدرسة التي ستُخرّج فنيًين للعمل بالمشروع النووي المصري السلمي تقدم 1876 طالبا، برغم عدم الإقبال المصري بشكل عام على التعليم الفني في مصر والنظرة السلبية له.
ويشير الدكتور سمير النيلي إلى أن شروط القبول توافرت في 768 طالبا، جرى اختبارهم بواسطة الحاسب الآلي دون أي تدخل بشري، وتم اختيار أعلى 200 منهم، حينها تدخل الرئيس شخصيا وقرر أن تُجرى باقي الاختبارات في إحدى الكليات العسكرية، ليتم اختيار طالب متميز رياضيا، صحيا، بدنيا ونفسيا.
وانتهى الاختبار العسكري إلى اختيار 45 طالبا من سائر المحافظات، و30 طالبا من محافظة مطروح؛ تقديرا لقبائل وشيوخ وعُمد هذا البلد الذين يعطون حالة الأمان لمصر من ناحية البوابة الغربية المشتعلة دائما بحكم الجوار الليبي، حيث أهالي مطروح رجالا ونساء وشباب هم حائط الصد الذي يساهم بدوره في حماية هذه البوابة.
العمل وفرص تأهل الخريجين
سنويا سيتم تخريج 75 طالبا غير قابلين للزيادة؛ لضمان تخريج طالب مهيأ لتأدية المهمة، الطلاب مقسمون بفترة الدراسة على 3 فصول الأول منها يضم 25 طالبا، الدفعة الأولى التي بدأت الدراسة منذ وقت قصير، وسيتم تخريجها بعد 5 سنوات سيعملون فورا في المفاعل النووي.
ويحق للخريج إما استكمال دراسته في كليات الهندسة، كما يحق له الخروج في بعثات للدول المتقدمة التي تساعدنا في المجال النووي مثل روسيا، فضلا عن أن العمل في المفاعل النووي المصري أمر مفروغ منه؛ لأن المدرسة استُحدثت لتغطية حاجة هذا المفاعل من الأيدي العاملة المدربة المصرية.
الأهم، بحسب الدكتور النيلي، أنه في هذه الفترة تخرج الأنباء بين الحين والآخر حول أن المملكة العربية السعودية في طريقها لإنشاء مفاعل نووي سلمي، ونظن أن كوادر العمل فيه ستكون من خريجي مدرسة الطاقة النووية بالضبعة، وأي دولة عربية ستخوض التجربة، سيكون أولادنا هم الأيدي العاملة التي سيتم تصديرها لبناء هذه التكنولوجيا الحديثة والعمل فيها وإنتاج الطاقة في العالم كله.
ويرى وكيل وزارة التربية والتعليم المصرية بمحافظة مطروح المسؤول عن تفاصيل المدرسة أن المفاعل المصري سيكون بداية موفقة لجميع الدول العربية والإسلامية لإنشاء مفاعلات نووية سلمية للصالح العام.
اختيار المدرسين
أحد أسباب عناصر النجاح المتوقع لمدرسة الضبعة النووية، بحسب النيلي، أن المعلم والطالب سيقيمان إقامة كاملة داخل المدرسة، ولم يكن اختيار الطلبة فقط وفقا لمعايير وإنما المدرسين أيضًا، ولذلك شُكلت لجنة في وقت سابق، وتم اختيار 25 معلما على أعلى مستوى ليكونوا النواة الأولى لمعلمي مدرسة الطاقة النووية الفنية المتقدمة بمدينة الضبعة، وتم إخضاعهم لاختبارات أيضا.
ولا تزال بعض مباني المدرسة قيد الإنشاء، حيث ستبدأ الدراسة بعد عام في 3 مبانٍ، مبنى المدرسة الأساسي وتم تجهيزه بالفعل، ومبنى الفندق الكبير لإقامة الطلبة والمعلمين وتم الانتهاء منه بالفعل، وإحدى الورش وتم تجهيزها بالفعل، لكن لأنه مطلوب إنجاز المدرسة بالكامل وتسلّمها في أقرب فرصة.
ويوضح النيلي أنه تم الاتفاق على أن يبدأ الطلاب الدراسة في موقع آخر حتى لا يتعطل التسليم، وأيضا حتى لا يتعرض الطلاب للخطر، حيث المنطقة ما زالت قيد أعمال البناء، ولذلك استُؤنفت الدراسة في مدرسة تكنولوجيا الصيانة بمدينة نصر بالقاهرة، ورُوعي أن يكون هذا الموقع البديل بالقرب من مؤسسة الطاقة النووية لأغراض التدريب.
وظائف المباني التسعة
نبيل نجيب، مدير التعليم الفني بمحافظة مطروح، يقول لـ"بوابة العين" الإخبارية إن المباني التسعة للمدرسة موظفة كالآتي: ملحق لمحول الكهرباء الذي سيغذي المدرسة بالكامل، وملحق للأمن، ثم المبنى الرئيسي، 3 مبانٍ للورش، مبنى المطبخ، ومبنى سكن الطلبة، ومبنى سكن المدرسين، وأمامهما الأفنية والملاعب.
ويضيف نجيب من موقع العمل بمدرسة الضبعة أن هذا الموقع تم اختياره بعناية فائقة، فهو قريب جدا من المفاعل النووي المصري الذي سيتم إنشاؤه بخبرة روسية؛ حتى يسهل نقل الطلبة للموقع وتدريبهم بسلاسة وسهولة.
أهل مطروح ومفاعل الضبعة
وصفي صافي المراقب المالي لمجلس الأمناء والأباء ومعلمي مدينة الضبعة، قال لـ"بوابة العين" إن هذه المدرسة هدية الرئيس عبدالفتاح السيسي لأهل مطروح خاصة ولمصر والشرق الأوسط عامة.
ويرى صافي أن الأمر سيختلف كثيرًا بعد إنشاء المفاعل النووي السلمي في مصر، حيث سيضعنا المشروع على الخريطة العالمية لإنتاج الطاقة النظيفة والبحث العلمي، وسيوفر المفاعل وظائف وفرص عمل لأبناء مصر المخلصين والمتفوقين في كل المجالات.
واعتبر صافي أن هذه المدرسة "حلم كل وليّ أمر أن يُلحق ابنه بها".