«احتلال» غزة بميزان العالم.. رفض وتنديد ودعوات

تنديد دولي واسع بقرار إسرائيل «احتلال» مدينة غزة يمضي بين الرفض والدعوة لـ«إعادة النظر» في خطة تفاقم أوجاع قطاع مدمر.
ووافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي خلال الليل على خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تهدف إلى "السيطرة" على مدينة غزة في شمال القطاع المحاصر الذي يشهد أزمة إنسانية حادة ودمارا هائلا بدخوله 23 شهرا من الحرب مع حركة حماس.
وفي أول ردود الفعل، وصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الجمعة، خطة إسرائيل "للسيطرة" على مدينة غزة بـ"الخطأ"، ودعا حكومة بنيامين نتنياهو إلى "إعادة النظر فورا" فيها.
وقال ستارمر إن "قرار الحكومة الإسرائيلية بتصعيد هجومها على غزة خطأ ونحضها على إعادة النظر بقرارها فورا. هذا العمل لن يساهم إطلاقا في وضع حد للنزاع ولن يساعد في ضمان إطلاق سراح الرهائن"، محذرا من أنه "سيؤدي فقط إلى إراقة المزيد من الدماء".
وشدد ستارمر على أن "ما نحتاج إليه هو وقف لإطلاق النار، زيادة المساعدة الانسانية، وتحرير كل الرهائن" المحتجزين في القطاع منذ هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لافتا إلى أن لندن تعمل مع حلفائها على "خطة طويلة الأمد لضمان السلام بالمنطقة في إطار حل الدولتين".
وتابع "رسالتنا واضحة: الحل الدبلوماسي ممكن، لكن على الطرفين الابتعاد عن مسار التدمير"، مشددا على أن حماس "لا يمكن أن تؤدي أي دور" في مستقبل القطاع الفلسطيني، ويجب أن يتم "نزع سلاحها".
وكان ستارمر أعلن أواخر يوليو/تموز الماضي أن المملكة المتحدة تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل، ما لم تتخذ إسرائيل سلسلة خطوات منها وقف إطلاق النار في غزة.
«وقف الخطة»
من جانبه، دعا رئيس مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى الوقف الفوري لخطة الحكومة الإسرائيلية "الهادفة إلى السيطرة العسكرية التامة على قطاع غزة المحتل".
وقال تورك في بيان صدر الجمعة، إن ذلك "مخالف لقرار محكمة العدل الدولية القاضي بوجوب أن تضع إسرائيل حدا لاحتلالها في أقرب وقت ممكن وتحقيق حل الدولتين المتفق عليه وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم".
وتابع المفوض السامي الذي اعتبرته السلطات الإسرائيلية شخصا غير مرغوب فيه لاتهامه بالانحياز للفلسطينيين، أن "كل شيء يدعو إلى الاعتقاد بأن هذا التصعيد الجديد سيؤدي إلى نزوح قسري أكبر حجما بعد والمزيد من القتل والمزيد من المعاناة التي لا تحتمل، وتدمير جنوني وجرائم مروعة".
وطالب الحكومة الإسرائيلية بالسماح بدخول المساعدة الإنسانية إلى القطاع "بدون عقبات... بدل تكثيف هذه الحرب"، من أجل إنقاذ أرواح المدنيين.
كما أكد وجوب إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع "فورا وبدون شروط".
ومن أصل 251 رهينة خطفوا خلال هجوم حماس على إسرائيل، ما زال 49 داخل القطاع، بينهم 27 تقول إسرائيل إنهم لقوا حتفهم.
في المقابل، أكد تورك أنه "يجب كذلك الإفراج فورا وبدون شروط عن الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل بصورة تعسفية".
أفكار لا إنسانية
ونددت السعودية بأقوى وأشد العبارات بالقرارات الإسرائيلية، حيث "أدانت بشكل قاطع إمعان تل أبيب في ارتكاب جرائم التجويع والممارسات الوحشية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق".
وقالت وزارة الخارجية في بيان لها: "إن الأفكار والقرارات اللاإنسانية التي تتبناها السلطات الإسرائيلية دون رادع، تؤكد مجددًا أنها لا تستوعب الارتباط الوجداني والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني بهذه الأرض، وأن الشعب الفلسطيني صاحب حقٍّ فيها، استنادًا للقوانين الدولية والمبادئ الإنسانية".
وحذرت المملكة من أن "استمرار عجز المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن وقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية فورًا، يقوض أسس النظام الدولي والشرعية الدولية، ويهدد الأمن والسلم إقليميًا وعالميًا، وينذر بعواقب وخيمة تشجع ممارسات الإبادة الجماعية والتهجير القسري".
وقف غطرسة القوة
وأدانت مصر بأشد العبارات قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي بوضع خطة لاحتلال قطاع غزة بالكامل، والذى يهدف إلى ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، ومواصلة حرب الإبادة في غزة، والقضاء على كافة مقومات حياة الشعب الفلسطيني، وتقويض حقه في تقرير مصيره وتجسيد دولته المستقلة وتصفية القضية الفلسطينية، وذلك في انتهاك صارخ ومرفوض للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وتجدد مصر التأكيد على أن مواصلة إسرائيل سياسة التجويع والقتل الممنهج والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل لن تؤدى سوى تأجيج الصراع وتزيد من تصعيد التوتر وتعميق الكراهية ونشر التطرف في المنطقة والذي تفاقم بالفعل بسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وما خلّفه من كارثة إنسانية غير مسبوقة في القطاع.
وتدعو مصر المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن وجميع الأطراف المعنية، إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم السياسية والقانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لوقف سياسة العربدة وغطرسة القوة التي تنتهجها إسرائيل والتي تهدف إلى فرض أمر واقع بالقوة، وتقويض فرص تحقيق السلام، والقضاء على آفاق حل الدولتين.
وأشار البيان إلى أن مصر تعيد التأكيد على أنه لا أمن ولا استقرار ستنعم به إسرائيل والمنطقة إلا من خلال تجسيد الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
«ضربة قاسية»
بدورها، حضت تركيا الجمعة المجتمع الدولي على وقف الخطة الإسرائيلية الهادفة إلى "السيطرة" على مدينة غزة في شمال القطاع، محذّرة من أن ذلك سيشكّل "ضربة قاسية" للسلام والأمن.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية التركية "ندعو المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته للحؤول دون تطبيق هذا القرار الذي يهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرا من أرضهم".
قلق
الصين أيضا لم تتأخر عن قائمة ردود الفعل، معربة عن "قلقها البالغ" حيال خطة إسرائيل للسيطرة على كامل مدينة غزة، داعية تل أبيب إلى "وقف تحرّكاتها الخطيرة فورا".
وأفاد الناطق باسم الخارجية الصينية فرانس برس في رسالة بأن "غزة للفلسطينيين وهي جزء لا يتجزّأ من الأراضي الفلسطينية".
وفي وقت سابق، أفاد مكتب رئيس الوزراء بأن الجيش الإسرائيلي "يستعدّ للسيطرة على مدينة غزة مع توزيع مساعدات إنسانية على السكّان المدنيين خارج مناطق القتال".
وأضاف في بيان أنّ "مجلس الوزراء الأمني أقرّ، في تصويت بالأغلبية، خمسة مبادئ لإنهاء الحرب هي: نزع سلاح حماس؛ إعادة جميع الأسرى - أحياء وأمواتا؛ نزع سلاح قطاع غزة؛ السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة؛ إقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية".
وأكّد أنّ "أغلبية ساحقة من وزراء الحكومة اعتبروا أنّ الخطة البديلة" التي عُرضت على الكابينت للنظر فيها "لن تهزم حماس ولن تعيد الأسرى"، من دون مزيد من التفاصيل.
دعوة عاجلة
من جانبها، عبرت الرئاسة الفلسطينية، عن رفضها وادانتها الشديدين للقرارات الخطيرة التي أقرّها "الكابينت" الإسرائيلي، بإعادة احتلال قطاع غزة.
وحذرت الرئاسة، من أن "هذه الخطط الإسرائيلية، القائمة على القتل والتجويع والتهجير القسري، ستقود إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، وتضاف إلى ما تقوم به قوات الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية من استيطان وضم للأرض الفلسطينية وإرهاب للمستوطنين واعتداء على المقدسات ودور العبادة المسيحية والإسلامية، وحجز الأموال الفلسطينية، وتقويض تجسيد مؤسسات الدولة الفلسطينية، وهي جرائم ضد الإنسانية تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي".
وأمام هذا التصعيد الخطير، قررت دولة فلسطين "إجراء الاتصالات العاجلة مع الجهات المعنية في العالم، كما قررت التوجه الفوري إلى مجلس الأمن الدولي لطلب تحرك عاجل وملزم لوقف هذه الجرائم، كما دعت إلى عقد اجتماعات طارئة لكل من منظمة التعاون الإسلامي ومجلس جامعة الدول العربية، لتنسيق موقف عربي وإسلامي ودولي موحد، يضمن حماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان".
كما ناشدت بشكل خاص الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن يتدخل لوقف تنفيذ هذه القرارات، وبدلا من ذلك الوفاء بوعده وقف الحرب والذهاب للسلام الدائم.
ويحتل الجيش الإسرائيلي حاليا أو ينفذ عمليات برية في حوالي 75 في المئة من مساحة غزة، ويقود معظم عملياته من نقاط ثابتة في القطاع أو انطلاقا من مواقعه على امتداد الحدود.
وينفذ الجيش قصفا جويا ومدفعيا متواصلا في مختلف أنحاء القطاع بشكل يومي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز