المهن الشاقة في غزة.. مصدر رزق لا يعرف احتياطات كورونا ولا ظروف رمضان
في غزة يستوعب القطاع الخاص 105 آلاف عامل ونتيجة الإجراءات التي رافقت جائحة كورونا توقفت النسبة الأكبر من المنشآت عن العمل
بعد تناول طعام الإفطار، ينطلق الفلسطيني محمود عيد إلى مصنع الباطون الذي يعمل فيه بغزة، ليعمل في مهنة شاقة؛ رغم حلول شهر رمضان، وفي ظل طوارئ كورونا.
وعشية حلول عيد العمال العالمي في الأول من مايو/أيار من كل عام، توجه عيد إلى مكان عمله، فالعيد بالنسبة له يوم عمل يحصل فيه على قوت يومه.
- بالقانون قبل النوايا الحسنة.. درس إماراتي في حماية العمال رغم كورونا
- عيد العمال وكورونا.. تظاهرات افتراضية تغطيها سحابة قاتمة من البطالة
وقال عيد لـ"العين الإخبارية": "نضطر في شهر رمضان للعمل الليلي بعد تناول الإفطار، كي نحصل على رزقنا، أساسا فرص العمل محدودة، وعملنا ليس يوميا، لذلك لا يمنعنا شيء عندما يكون هناك عمل، لا رمضان ولا كورونا، ولا عيد عمال، يعيد فيه الجميع إلاّ العمال".
ويعمل عيد في مهنة تقوم على جمع الحجارة القديمة وإدخالها في ماكينة تكسرها لإعادة استخدامها مجددا في صناعة حجارة جديدة، وهي عملية شاقة ومتعبة خاصة في شهر رمضان.
حسن، عامل آخر في المصنع نفسه، ابتسم بمرارة وهو يقول لـ"العين الإخبارية"، خلال عمله على ماكينة صنع الحجارة: "ها نحن نحتفل بعيد العمال بهذا العمل الشاق".
وأضاف: "نتمنى أن نكون مثل باقي عمال العالم، نعيش أجواء خاصة في هذا العيد، ويجري تكريمنا، ولكن نحن أوضاعنا صعبة، بالأساس محظوظ من يجد عمل، وبرواتب متدنية، ونحن لا أصلا لا نعمل كل أيام الأسبوع، وإنما على حسب الطلب".
بطالة متفشية
واستنادا لأرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد ارتفعت معدلات البطالة في غزة إلى ما نسبته 45%، بواقع 217.100 عاطل عن العمل، وانتشر الفقر بين سكان القطاع، حيث وصلت نسبته إلى 53 %، وهي نسب ارتفعت بشكل أكبر بسبب قيود كورونا.
وفي قطاع غزة، يستوعب القطاع الخاص نحو (105,400) عامل، ونتيجة الإجراءات التي رافقت جائحة كورونا توقفت النسبة الأكبر من المنشآت عن العمل، وفقط (28%) استمرت في عملها، ما يعني أن ما يزيد على (73%) من العمال فقدوا عملهم؛ بحسب تقرير لمركز الميزان لحقوق الإنسان.
أزمات متلاحقة
ويؤكد سامي العمصي، رئيس اتحاد العمال بغزة، "أعداد العاطلين زادت أكثر من 40 ألفا، بسبب قيود كورونا وكل يوم تضاف أعداد جديدة إلى 220 ألف عاطل عن العمل قبل كورونا".
وأشار العمصي في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن عيد العمال مناسبة للتذكير بمعاناة عمال غزة، الذين يتجرعون مرارة البطالة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 14 عاما والذي دفع البطالة بين العمال لأعلى نسبة في العالم تجاوزت 50%، وهي نسبة تقترب اليوم إلى 70% مع قيود كورونا وتداعياتها.
وذكر أن المأساة الحقيقية تتعلق بعمال المهن الذين يحصلون على قوتهم بعمل يومهم فقط، فإن فقدوا العمل فقدوا مقومات الحياة.
وقال: "إن حلول شهر رمضان لا يمنع أي عامل يجد فرصة عمل من العمل فيها، فالكل يبحث عن قوت عياله، حتى لو كان بمهن شاقة".
العمال يدفعون الثمن
الدكتور فضل المزيني، الباحث المختص في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قال لـ"العين الإخبارية": إن عيد العمال يأتي هذا العام في ظل تفشي جائحة كورونا وتداعياتها الخطيرة على حقوق العمال الصحية والمادية نتيجة تراجع الأوضاع الاقتصادية وشبه توقف عجلة الإنتاج في أغلب المنشآت، وحالة الركود التجاري في الأسواق، وارتفاع معدلات البطالة.
ورأى أن حجم الأزمة الحالية ونطاقها وتطبيق إجراءات الطوارئ من بينها المقيدة للنشاط الاقتصادي، سيدفع ثمنها العمال وأسرهم، لتعيد التأكيد على هشاشة الأوضاع وضعف للبنية الاقتصادية وتدهورها في قطاع غزة على وجه التحديد، نتيجة سنوات من الحصار الإسرائيلي المشدد منذ 14 عاما.
وأضاف أن ذلك يستدعي تدخلاً فاعلاً واتخاذ التدابير اللازمة لحماية العمال من الإصابة بفيروس كورونا وتوفير معدات الوقاية والسلامة داخل المنشآت وضمان السلامة الصحية لهم ولأسرهم، وتعويض العمال الذين توقفوا عن العمل جراء الجائحة.